مجازر النكبة.. حكاية إجرام منظم للعصابات الصهيونية

مجازر النكبة.. حكاية إجرام منظم للعصابات الصهيونية
الأربعاء ١٤ مايو ٢٠١٤ - ٠٩:٠٨ بتوقيت غرينتش

لم تبدد 66 سنة من النكبة مجازر العصابات الصهيونية من الذاكرة الفلسطينية, إنها حاضرة بمقدار لا يبدد الألم ولا الحسرة على أطفال قتلت ونساء اغتصبت ووطن ضاع.

حكايات المجازر كثيرة وقصصها لا تنتهي، فهي ليست "دير ياسين-صفد-بيت داراس-قبية والطنطورة" فحسب، فالسلسلة تطول لأن عملية القتل كانت منظمة، وامتدت مما قبل أيار 1948 حتى بعد الهجرة، فيما توزعت مجازر أخرى على السنوات التي سبقت النكبة.
ساهمت مجازر العصابات الصهيونية التي لعبت عصابات "الهاجاناه-شتيرن-الأرجون-البلماخ.." دور البطولة فيها في ترويع سكان القرى والبلدات الفلسطينية المحتلة بعد قتل آلاف الفلسطينيين الذين تركوا أرضهم خوفاً من قضيتين أساسيتين "النفس والعرض".
مجازر
يقول أستاذ التاريخ د.خالد صافي إن كافة المدن والقرى الفلسطينية تعرضت للقتل المنظم والمجازر على يد العصابات الصهيونية، لكن الدراسات التوثيقية ذكرت 110 مجازر فقط سنة 1948، منها 10 مجازر كان عدد الشهداء فيها ما بين 1-50 و100 مجزرة أخرى كان العدد فيها أقل من ذلك وهو توثيق الأرشيف الصهيوني.
بعد القرار بارتكاب أي مجزرة، كانت العصابات تقتحم القرية وتجمع الشبان والرجال في أماكن عامة ثم تعدمهم رمياً بالرصاص من أسلحة رشاشة.
وفي مجازر كثيرة، استخدمت العصابات الصهيونية السلاح الأبيض والقذائف المدفعية مثل "الهاون" وأخفت آثار عمليات القتل بهدم البيوت فوق رؤوس الضحايا أو دفنهم أحياء.
ويوضح صافي أن المؤرخ الصهيوني "إيلان بابيه" أشهر مؤرخي "إسرائيل" حالياً أصدر كتاباً قبل سنوات وصف المجازر بأنها تطهير عرقي وحمل "إسرائيل" مسؤوليتها ومسؤولية مشكلة اللاجئين.
ويتابع: "ذكر بابيه 12 حالة اغتصاب موثقة وحالات لم توثق بسبب الخوف على العرض أو الجهل بها، وأحصى 418 قرية هاجر سكانها بسبب المجازر هجرة تامة، وقام الاحتلال بإخفاء آثارها بين سنة 1948-1954 ولم يبق منها سوى مئذنة أو بركة مياه أو جدار".
ويؤكد د.نعيم بارود أستاذ الجغرافيا في الجامعة الإسلامية أن مجازر العصابات الصهيونية في سنة النكبة تركزت في الشهور التي سبقت أيار والأسابيع التي تلت يوم النكبة بهدف التطهير العرقي والمجتمعي والسكاني.
ويرى د.بارود أن العصابات كانت تركز على نشر الذعر لتخلو كل المدن والقرى ويهاجر سكانها منها ثم تقوم العصابات بالاستيلاء عليها، فنفذوا 50 مجزرة امتدت من قرية "آبل القمح" شمالاً حتى قرية "أم الرشراش" جنوباً.
دير ياسين الأشهر
عند الحديث عن مجازر النكبة، يقفز للذهن "مجزرة دير ياسين" التي قالت إحصاءات الصليب الأحمر الذي كان أول من دخل للقرية بعد وقوعها أنها قضت على 250 مواطنا من الأطفال والنساء.
يقول مؤسس كيان الاحتلال الصهيوني مناحيم بيغن "لولا دير ياسين لما قامت "إسرائيل"، فقد كان لها الأثر الأكبر في نكبة فلسطين، حيث ضخمت العصابات من حكايتها، فروعوا كافة القرى والبلدات المحيطة فهاجروا هاربين خوفاً على أنفسهم وأعراضهم.
عن ذلك يضيف الأستاذ صافي: "بقي هذا الرقم معتمدا فترة طويلة حتى جاء بحث لباحث فلسطيني من جامعة بيرزيت اسمه شريف كناعنة عدل الرقم إلى 120 شهيدا بعد أن دقق في الأسماء، لكن البشع في المجزرة بقر بطون النساء واغتصابهن وقتل الأطفال ورميهم في بئر القرية".
ويؤكد أن عصابات الاحتلال ارتكبت مجازر كثيرة قبل وبعد "دير ياسين" مثل مجزرة "طبريا" جنوب حيفا ومجزرة "بيت داراس" وكثيرا من المجازر لم يوثقها التاريخ أو تنال حظها من الذكر.
ومارست العصابات الصهيونية إجراماً منظماً في النكبة، ففرغت بعد ارتكابها للمجازر مدنا كبيرة كان يقطنها آلاف الفلسطينيين من سكانها بالكامل، فأضحت اليوم خالية منهم بالكامل مثل: "صفد-بيسان-المجدل-طبريا-أسدود"، بينما بقيت مدن كبرى أخرى مختلطة مثل "يافا-حيفا-عكا".
أما بارود فيلفت الانتباه إلى العمل المنظم لتلك العصابات حين يضيف: "كانت الأدوار موزعة، فكانت عصابات تدخل القرى وتخرج ثم تأتي بعدها عصابات أخرى تقتحم القرية وتقتل سكانها لأن مهمتها كانت فقط القتل لا الاقتحام، والمجازر كانت متدحرجة".
توثيق المجازر
وقعت مجازر العصابات الصهيونية خصوصاً والنكبة عموماً في ظل مؤامرة كبيرة وتعتيم إعلامي وسياسي لذا لم تنل عشرات المجازر الصهيونية التي استشهد فيها الآلاف أي ذكر.
ويقول صافي إن توثيق مجازر النكبة بحاجة لمشروع قومي حيث قامت بعض الجهات بجهود في هذا المضمار لا تكفي مثل توثيق "المركز القومي للدراسات والبحوث ومركز بيرزيت للتوثيق ومنظمة التحرير الفلسطينية" وقد أصدروا دراسات توثيقية لم تتجاوز 50 قرية وبلدة.
ويتابع: "اليوم نحن في سباق مع الزمن لتوثيق مجازر النكبة لأن شهوده بعضهم توفي وبعضهم شارف على الوفاة ونحن بحاجة لآلية وطنية ومشروع قومي لنوثق المجازر ونبرز إجرام الاحتلال".
لم تخرج أخبار وفظائع تلك المجازر في أيامها للعالم فقد أزهقت آلاف الأرواح دون معرفة أحد بينما علمت المجتمع الدولي حسب تأكيد د.بارود بأنباء مجازر تصادف وقوعها مع وجود بعض الصحفيين ومندوبي وكالات الأنباء دون ترتيب.  

المركز الفلسطيني للاعلام