البارزاني والطعن في ظهر العراقيين

البارزاني والطعن في ظهر العراقيين
الخميس ١٠ يوليو ٢٠١٤ - ١٢:٠٦ بتوقيت غرينتش

كيف يمكن أن يقبل العراقيون بجميع مكوناتهم أن يستغل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني الأوضاع الحالية في العراق، ويعلن عن قرب اعلان استقلال كردستان العراقية، وفي غياب شريكه جلال الطالباني، بينما العراقيون منهمكون في مواجهة فلول داعش والمتحالفين معهم منهم البعثيون وقادة جيش صدام وبعض العشائر؟

خطوة مسعود البارزاني التي واجهت معارضة رئيس الوزراء العراقي، لم تكن مرتجلة، بل إنها جاءت بعد سنوات من التشاور مع العديد من القوى الإقليمية والدولية ولا سيما الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني وترکیا بقیادة رجب طيب اردوغان.
لقد رد البارزاني على اعتراض المالكي مبرراً خطوته لإعلان استقلال إقليم كردستان بأن المالكي حكم العراق خلال ولايتين حكماً ديكتاتوريا، بينما الواقع يشير أن البارزاني كان شريكاً في حكم العراق وأن حزبه شارك بعدد من الوزراء في الحكومة العراقية وأن ممثلي الأكراد لا يزالون ينشطون في البرلمان العراقي.
تبرير البارزاني للإقدام على خطوته، لا يقبله العراقيون خاصة وأن حكومة إقليم كردستان قائمة ولم يعترض العراقيون عليها، رغم أن البارزاني أقدم على خطوات أثارت معارضة الحكومة المركزية منها تصدير النفط عبر تركيا إلى الخارج دون التنسيق مع الحكومة العراقية.
الكثير من المراقبين، يرون أن البارزاني لم يقدم على خطوته هذه، إلا بعد أن تلقى الضوء الأخضر من الأميركان وإسرائيل والأتراك.
فالأتراك استغلوا الأزمة العراقية، فأقدموا على تصدير نفط كردستان إلى الخارج بينما أعلن المسؤولون العراقيون مرات عديدة بأن هناك اتفاقية تركية عراقية لا يحق لتركيا بموجبها أن تستخدم الخط العراقي التركي إلا لتصدير نفط يباع عبر شركة التسويق "سومو". ولكن الأتراك أقدموا على بيع النفط العراقي المصدر من كردستان رغم علمهم بمعارضة الحكومة العراقية.
الأتراك الذين تلقوا ضربة كبيرة نتيجة سياساتهم في الشرق الأوسط، أقدموا على تعزيز علاقاتهم بحكومة البارزاني لكسب فوائد مادية وسياسية بعد أن تلقوا صفعات كبيرة نتيجة سياساتهم الفاشلة في سوريا.
البارزاني لم يخف علاقاته الجديدة مع الحكومة التركية وأعلن أخيراً أن العلاقة بين الإقليم وتركيا قد تحسنت خلال السنوات العشرة الماضية حيث يمكن وصف تركيا الآن بأنها جار جيد للإقليم، أما الولايات المتحدة، فلم تعترض على قيام الدولة الكردية بل أن الاتصالات الأميركية الكردية الأخيرة تشير بوضوح أن الأميركان راضون عن خطوة البارزاني رغم إعلانهم أنهم مع وحدة الأراضي العراقية.
أما علاقات البارزاني بإسرائيل فانها تعززت في السنوات الأخيرة وخاصة بعد سقوط النظام الصدامي في العراق، رغم أن البارزاني أعلن بأن الأكراد لا علاقة لهم بإسرائيل. فقيام الدولة الكردية هي حاجة إسرائيلية ورغبة أميركية ولهذا السبب أعلن الإسرائيليون عن ترحيبهم بإعلان الدولة الكردية في شمال العراق.
ورغم النفي الكردي للعلاقة مع الكيان الإسرائيلي فإن الصحافة الإسرائيلية كشفت عن وجود هذه العلاقة وقيام وفد من إقليم كردستان بزيارة "إسرائيل" فقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن وفداً كردياً رفيع المستوى قام مؤخراً بزيارة رسمية إلى تل أبيب، للبحث في سبل التعاون بين الجانبين، كما لفتت الصحيفة إلى أن الزيارة لم تعلن بشكل رسمي وكانت سرية، وجرت قبل أيام تحت ستار من السرية الكاملة.
وأضافت الصحيفة العبرية أن الوفد الزائر يمثل حكومة إقليم كردستان العراق، وضم نائب رئيس الإقليم ووزير الزراعة، وعدداً من الخبراء الاقتصاديين والزراعيين وأضافت يديعوت أن الهدف الرئيسي من وراء الزيارة كان البحث في سبل التعاون والإطلاع على الخبرات الإسرائيلية في مجال الزراعة وتربية الدواجن وإنتاج الحليب ومشتقاته.
مسعود البارزاني الذي أقدم مباشرة بعد سيطرة داعش وشركائه على الموصل باحتلال كركوك وضمه إلى إقليم كردستان، قام بهذه الخطوة عن سابق إصرار وتصميم وتنسيق مع جهات لا تريد الخير للعراق وشعبه، فالبارزاني استغل الأوضاع المتردية في غرب العراق وقام بضم كركوك إلى إقليم كردستان رغم أن خطوته هذه تعد غير قانونية وسوف تترتب عليها نتائج لا تكون في صالحه.
فالأوضاع في العراق لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال، ولابد أن تقوم الحكومة المركزية بخطوات سريعة للقضاء على فلول داعش الإرهابية التي لا يمكن أن تستمر في العراق لأن العراقيين غير مقتنعين بسيطرة هذه العصابة المكونة من القتلة وقطاع الطرف والمجرمين الذين تجمعوا من مختلف الأقطار ويريدون إقامة الخلافة وإعادة الشعب العراقي إلى الوراء بألف عام.
لابد لمسعود البارزاني أن يعيد النظر في خطوته الأخيرة، وأن يعود إلى ما كان عليه قبل الأزمة الحالية، لأن إعلان استقلال كردستان لا يرحب به أحد في المنطقة إلا الإسرائيليين المجرمين الذين يقومون حالياً بشن حرب شاملة على الفلسطينيين. فعلى البارزاني أن لا يبيع الشعب العراقي من أجل أن يكسب ود وصداقة الإسرائيليين الذين لا يريدون الخير للمنطقة وشعوبها.
وسوف يحاسب الشعب العراقي كل من طعنه في الخلف واستغل معاناته من أجل تحقيق مصالحه الشخصية والفئوية.
*  شاكر كسرائي