كيف تُدار المفاوضات النووية من قبل إيران مع مجموعة(٥+١)؟

كيف تُدار المفاوضات النووية من قبل إيران مع مجموعة(٥+١)؟
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥ - ٠٧:٥٨ بتوقيت غرينتش

قد يتساءل البعض عن الهيئة أو الهيئات التي تدير المفاوضات النووية من قبل إيران مع السداسية الدولية (مجموعة ٥+١) التي تضم أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا. ويمكن طرح هذا التساؤل بصيغة أخرى وبالشكل التالي: كيف يعمل الفريق الإيراني المفاوض لمواجهة ست دول كبرى يسعى كل منها إلى تحقيق أهداف خاصة من خلال المفاوضات بالاضافة إلى الهدف المشترك المتمثل بالتوصل إلى اتفاق نهائي وشامل لإنهاء الأزمة بشأن برنامج إيران النووي؟

قبل الاجابة عن هذا التساؤل لابد من الاشارة إلى ما يلي:

١ – مفاوضات طهران مع السداسية الدولية تُعد من أعقد المفاوضات وأكثرها حساسية بالنسبة للجمهورية الاسلامية في إيران منذ انتصار ثورتها عام ١٩٧٩ وحتى الآن. ولم تسبقها أي مفاوضات أخرى بهذه الدرجة من التعقيد والحساسية ومن بينها المفاوضات التي جرت بين إيران والعراق بإشراف الأمم المتحدة لتنفيذ بنود قرارها المرقم ٥٩٨ الخاص بوقف اطلاق النار لحرب الثماني السنوات التي دارت بين البلدين في ثمانينات القرن الماضي. فهذه المفاوضات لم تشارك فيها أي قوة دولية كبرى ولم تستغرق وقتاً طويلاً كما هو الحال مع المفاوضات النووية المستمرة منذ ١٢ عاماً تقريباً.

٢ – المجموعة السداسية الدولية التي تفاوض طهران في الشأن النووي تضم أمريكا التي تعد الخصم الأول لإيران بسبب التباين الكبير في مواقفهما حيال مختلف القضايا الاقليمية والدولية، إضافة إلى ان العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد قُطعت بشكل رسمي على خلفية أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في مبنى السفارة الأمريكية بطهران عام ١٩٧٩ والتي استمرت ٤٤٤ يوماً والتي أقدمت واشنطن على إثرها بتجميد مليارات الدولارات الإيرانية في بنوكها وعدد آخر من البنوك الغربية ولا زال هذا التجميد قائماً حتى الآن.

٣ – المفاوضات النووية بين إيران والسداسية مرت بمراحل متعددة وشائكة وتعاقبت على إدارتها حكومات متعددة من قبل الطرفين، وهذا يُعد من الأمور النادرة في المفاوضات الدولية أو الإقليمية التي تجري بين طرفين أو أكثر، إذ لم يشهد العالم مثل هذه المفاوضات في السابق.

وبالعودة إلى التساؤل الذي طرحناه في بداية الحديث عن الجهة أو الجهات التي تدير المفاوضات النووية من قبل طهران مع السداسية الدولية نشير إلى أن هناك في الحقيقة ثلاث هيئات إيرانية تشارك في هذه المفاوضات يمكن بيانها على النحو التالي:

١ – الهيئة الدبلوماسية التي يقودها وزير الخارجية محمد جواد ظريف ويساعده في إدارتها عدد من كبار المسؤولين في الخارجية الإيرانية في مقدمتهم كبير المفاوضين عباس عراقجي ورئیس وفد الخبراء الإیرانیین في المفاوضات حمید بعيدي نجاد.

٢ – الهيئة التقنية ويرأسها المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية السابق علي أكبر صالحي الذي لعب دوراً كبيراً في التفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووزير الطاقة الأمريكي "ارنست مونيز" من أجل حلحلة القضايا التقنية العالقة بشأن برنامج إيران النووي وفي مقدمتها قضية مفاعل أراك للماء الثقيل.

٣ – الهيئة الأمنية ويقودها من طهران رئيس المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني ووزير الدفاع الأسبق علي شمخاني والذي لعب دوراً كبيراً في التفاوض بشأن ما يعرف بملف الأبعاد العسكرية المحتملة (PMD) الذي تم بموجبه فرض الحظر على إيران. وقد أجرى شمخاني محادثات متعددة بهذا الشأن مع مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان آخرها مع مدير الوكالة "يوكيا أمانو" في طهران قبل نحو عشرة أيام.

وتجدر الإشارة إلى أن الهيئات الإيرانية الثلاث الآنفة الذكر تعمل جميعها تحت إشراف رئيس الجمهورية حسن روحاني الذي كان يشغل في السابق منصب رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وتحمل كذلك مسؤولية إدارة المفاوضات النووية عن الجانب الإيراني قبل نحو عشر سنوات.

كما تجب الإشارة إلى أن جميع مراحل المفاوضات النووية والهيئات التي تقودها عن الجانب الإيراني تخضع لإشراف مباشر من قبل قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي بإعتباره أعلى جهة رسمية في البلاد طبقاً لدستور الجمهورية الاسلامية في إيران والذي يحدد الخطوط العريضة والحمراء التي يجب مراعاتها من قبل الفريق الإيراني المفاوض والتي تمثل مصالح الشعب الإيراني وطموحاته بامتلاك التقنية النووية السلمية ورفع الحظر المفروض على البلاد على خلفية الأزمة النووية مع الغرب.

وأخيراً لابد من القول ان ما حققه الفريق النووي الإيراني خلال مفاوضاته مع السداسية يمثل إنجازاً كبيراً للسياسة الإيرانية على الصعيدين الخارجي والداخلي رغم صعوبة هذه المفاوضات وكثرة الملفات التي ناقشتها خصوصاً خلال السنتين الأخيرتين، والتي بدأت تقترب من نهايتها منذ توقيع اتفاق الاطار في مدينة لوزان السويسرية قبل أكثر من ثلاثة أشهر، والذي مهد الأرضية لكتابة نص الاتفاق النهائي والشامل حيث من المقرر أن يتم تدوينه هذه الأيام بعد أن تم تمديد مدة المفاوضات أكثر من مرة لتسوية القضايا العالقة في هذا الملف بمختلف جوانبه التقنية والسياسية والأمنية.

* الوقت