فوز اليمين المتطرف في الجولة الثانية

اول خطوة نحو الفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية

اول خطوة نحو الفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ١١:٣٥ بتوقيت غرينتش

في الجولة الاولى من الانتخابات المحلية يوم الاحد الماضي نجحت الجبهة القومية - اليمين المتطرف - بزعامة "ماري لوبان" من تحقيق نصراً كبيراً في الجولة الاولى على الاحزاب الاخرى، ما دفع الحزب الاشتراكي الحاكم الى الايعاز لمرشحيه في ثلاث مقاطعات الانسحاب لصالح اليمين الوسط على امل ان يقطعوا الطريق امام اليمين المتطرف في الجولة الثانية المقررة اليوم 13 ديسمبر/كانون الاول. اثنان وافقا ورفض الثالث.

في الجنوب رفض رئيس الحزب الجمهوري "نيكولاس ساركوزي" طلب المعتدلين بانسحاب مرشح الحزب في المقاطعة الجنوبية الغنية Languedoc-Roussillon لصالح المرشح الاشتراكي فرد اعضاء في الحزب انه "شخص غير مرغوب فيه"، وفي مقاطعة Alsace-Lorraine-Champagne-Ardennes  احد معاقل الحزب الاشتراكي رفض مرشح الحزب البالغ من العمر 71 سنة الانسحاب لصالح مرشح الحزب الجمهوري فطالبه اعضاء الحزب بدخول السباق كمستقل. هذا مؤشر على ان الحزبين يعيشان ازمة حقيقية.

تقدم الجبهة الوطنية في ست مقاطعات من اصل 13 مقاطعة كان ابرزها في مقاطعة Nord-Pas-de-Calais-Picardie  حيث حصلت "ماري لوبان" على 40% من الاصوات، وفي المقاطعة الجنوبية Provence-Alpes-Côte d’Azur حققت حفيدة المؤسس "ماريون مارشال-لوبان" (25 سنة) فوزاً شبيها بفوز عمتها زعيمة الحزب، وتعتبر "ماريون" النجم الصاعد في الجبهة.

رغم الموقف المتشدد للرئيس "فرانسوا هولاند" بعد هجمات باريس، جاء الحزب الاشتراكي في المرتبة الثالثة وهذا ان دل فانه يدل على انعدام الثقة بهولاند بسبب علاقاته مع المملكة السعودية التي ينظر اليها الغرب اليوم على انها وراء ظهور الارهاب الوهابي في اوروبا كما جاء على لسان نائب المستشارة الالمانية ميركل ووزير الاقتصاد المعروف بصراحته، "سيغمار غابرييل".

اشارت صحف متعاطفة اليسار ان "ماري لوبان" على اعتاب القصر الرئاسي في الانتخابات المقررة في شهر مايو/أيار 2017 بينما قال مراقبون ان استطلاعات تقول بتحول حاد نحو الاحزاب الرئيسية كالحزب الاشتراكي بعد الاستفاقة من صدمة هجمات داعش الشهر الماضي. إذا نجحت الجبهة القومية بتحقيق الفوز في الجولة الثانية ستدحرج كرة الثلج لصالح الجبهة. انتخابات اليوم ستقرر مدى صحة التوقعات او استطلاعات الرأي.

هذا الانقلاب في المزاج العام الفرنسي بعد تفجيرات باريس الشهر الماضي اثار الهلع بين معظم شرائح الشعب الفرنسي، لا يضاهيه هلعاً سوى في اوساط الحزبين الرئيسيين. اكثر المنزعجين من فوز اليمين المتطرف كان الاب الروحي لـ"لربيع العربي" الصهيوني "برنارد هنري ليفي" الذي اعتبر الفوز عودة جديدة "للشيطان في اعماق العقل الفرنسي". رئيس الوزراء حذر من اندلاع حرب اهلية.

القلق يجتاح الاحزاب الرئيسية، الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري، مع صعود اليمين المتطرف. في الانتخابات الرئاسية في شهر مايو 2017  تواجه "ماري لوبان" الرئيس "فرانسوا هولاند" الذي يعد اسوأ رئيس في تاريخ فرنسا، نصير الجماعات الارهابية في سوريا، او "نيكولاس ساركوزي" الفاقد للمصداقية واذا تبنت "ماري لوبان" خطاباً في الحنكة السياسية والذكاء لتهدئة روع المسلمين المعتدلين وصعدت من هجومها على الاسلام الفاشي الممثل بالوهابية والارهاب التكفيري ستزداد فرصها بالوصول الى القصر الرئاسي.

الخطاب السياسي للجبهة القومية قطع الاتصال مع الخطاب القديم المعادي للسامية والعنصرية، كما تدعي ماري لوبان، الا ان موقفها من المسلمين والهجرة لم يتغير.

في ظل تصاعد النعرات القومية فلن نجاح الجبهة الوطنية يمكن ان يقلب المشهد السياسي في فرنسا، الامر الذي سيثير مخاوف دول اوربية اخرى على رأسهم المانيا.
 

* رضا حرب – المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية