المقاومة شيّبت أوباما وليست إجتماعات سوريا

المقاومة شيّبت أوباما وليست إجتماعات سوريا
الأحد ٠٧ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٧:٢١ بتوقيت غرينتش

“أنا على ثقة تامة أن القسم الأكبر من الشيب في رأسي بسبب الاجتماعات التي عقدتها بشأن سوريا”.. “مع نهاية كل اجتماع نفكّر دائما إن كانت هناك خطط بديلة لم تخطر على بالنا لوضع حل للحرب في سوريا، حيث هناك منظمات إرهابية تحاول تطبيق ديكتاتوريتها الخاصة”، هذا الكلام هو للرئيس الامريكي باراك اوباما، وهو يحاول الظهور بمظهر الحريص على امن وسلامة الشعب السوري وتجنيبه الحروب والويلات والجماعات الارهابية.

صحيح ان الشيب قد “غزى” رأس الرئيس الامريكي باراك اوباما، فهو واضح للعيان، ولكن من الصعب جدا على الاخرين الاقتناع من ان “الاجتماعات التي عقدها اوباما بشان سوريا” هي المسؤولة على هذا الشيب، لسبب بسيط هو ان الرئيس الامريكي يُعتبر من اهم الاسباب التي حالت وتحول دون وقف الحرب على سوريا، ومن اهم الاسباب التي تقف وراء ضخ الارهابيين والاسلحة والاموال الى سوريا، للابقاء على نار الحرب مشتعلة في سوريا، للنيل من هذا البلد الذي يعتبر الحلقة المهمة في محور المقاومة، الذي اذاق “اسرائيل” اكثر من هزيمة.
الرئيس الامريكي كان ومازال يعتبر العقبة الكأداء امام اي جهد دولي للقضاء على الجماعات التكفيرية الارهابية، بذريعة وجود معارضة معتدلة، بينما كل الوقائع على الارض في سوريا، تؤكد ان لا وجود لهذه المعارضة الا في مخيلة اوباما والدول التي تدور في فلك بلاده كتركيا والسعودية وقطر، وهذا الامر بدا واضحا في التحالف الاستراتيجي بين “جبهة النصرة” الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا وبين الجماعات التكفيرية الاخرى من امثال “فتح الشام” و “حركة نور الدين الزنكي” و “احرار الشام” و “جيش الاسلام”، وباقي التنظيمات التكفيرية الاخرى التي تقاتل في خندق واحد وتحمل عقيدة واحدة هي الوهابية، الملفت ان مقاتلي “جبهة النصرة” سابقا “جيش الفتح” لاحقا حصلوا على صواريخ تاو واسلحة امريكية متطورة، من حلفائهم “المعتدلين”، الذين حصلوا عليها بدورهم من امريكا والسعودية وقطر وتركيا.
كان “حريا” بالرئيس اوباما ان يقول الحقيقة التي تقف وراء شيبته، وهو الذي لم يتبق له سوى شهور قليلة ويغادر البيت الابيض، فهذه الحقيقة حتى ولو تهرب منها، الا انها لم تعد خافية على احد، فالسبب الرئيسي لشيبته هو محور المقاومة الممتد من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق، الذي افشل كل احلامه لا في سوريا فحسب بل في العراق ولبنان واليمن ايضا، فحلمه باسقاط الحكومة السورية، والذي عاشه على مدى 6 سنوات لم ولن يتحقق حتى بعد رحيله عن البيت الابيض.
مقاومة سوريا ومن ورائها محور المقاومة، هي التي دفعت اوباما ومحوره الى اجراء عملية تجميل لارهابي القاعدة من مسلحي “جبهة النصرة” بقيادة الارهابي المجرم ابومحمد الجولاني، وتحويلهم الى “ثوار جيش الفتح”، من اجل شرعنة مدهم بالاسلحة المتطورة والفتاكة لاطالة عمر الحرب العبثية المفروضة على الشعب السوري، ولكن حتى هذه اللعبة الغبية التي لعبتها امريكا ومحورها البائس، فشلت ايضا بعد الضربات الموجعة التي تلقاها مسلحي “جيش الفتح” القاعدي الارهابي، في حلب على يد الجيش السوري والقوى المتحالفة معه.
يبدو ان الدعم الامريكي السعودي القطري التركي المباشر لعصابات القاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى لم تغير من واقع الميدان في سوريا، وان معارك الايام القليلة الماضية في حلب كشفت مدى ضعف وعجز التكفيريين في كسر الحصار المفروض على رفاقهم المحاصرين في حلب، وبدا ذلك جليا في الفضيحة الكبرى ل”جيش الفتح” القاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى المنضوية تحت رايته، عندما فشلوا في كسر الحصار المفروض على رفاقهم داخل حلب، ذلك عندما بثوا صورا زعموا انها لمسلحيهم داخل كلية المدفعية في حلب، تبين فيما بعد ان هذه الصور تعود الى عام  2013 لمستودعات مهين في ريف حمص.
الى جانب هذه الصور “الفضيحة” نشرت مؤسسة البنيان التابعة لجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، رسالة صوتية لزعيمها أبو محمد الجولاني، وهو يهنىء الأمة الإسلامية بانتصارات زائفة، لا وجود لها على الارض، في محاولة لرفع معنويات مسلحيه، ولارضاء اولياء نعمته وعلى راسهم امريكا، التي مازالت تعمل على تعزيز القدرات القتالية للقاعدة في سوريا!!، على النقيض من مواقفها السياسية واعلامها الكاذب الذي يطبل ليل نهار حول ضرورة محاربة القاعدة وداعش وباقي الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق والمنطقة.
كان من السهل على اوباما ان يبرر بشكل ما تحالفه العلني والفاضح مع القاعدة في سوريا، في حال نجاح القاعدة في تحقيق اهداف امريكا في سوريا، ومنها اسقاط الحكومة وتجزئة هذا البلد، ولكن بات من الصعب على اوباما تبرير هذا التحالف، بعد ان فشلت القاعدة عن تحقيق اي شيء على الارض، لذا لا لوم على اوباما عندما يشتكي من الشيب وهو يغزو رأسه بسبب سوريا، فهو من جانب فضح نفسه بالتحالف العلني مع القاعدة، بينما الاخيرة منيت بهزيمة نكراء، وباتت تختلق انتصارات وهمية في حلب.

* شفقنا