العالم - العالم الاسلامي
يحاول أردوغان خلع المقاس الأميركي الذي ارتداه في عهد أوباما، لأن الغرب لم يعد يقبله بأي بزة ارتداها، ونظامه "انتفخ" وتورم بالمشكلات وهذا الرداء من شأنه أن يتمزق وتظهر من تحته كل العيوب "الإخوانية" التي ستعج بالطلاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي، الذي يريد أن يصفي جميع أعماله المتطرفة على أعتاب تصاعد احتمالية حزم فرنسا لحقائبها على غرار بريطانيا، ومغادرة الاتحاد، وترك همومه لألمانيا التي ستغرق وسط دول مأزومة اقتصادياً.
أيضاً، يتقلب أردوغان مزاجياً، هذا الأمر غير مقبول لرئيس دولة بحجم وجغرافيا تركيا، سلوكه أشبه برئيس تجمع أو زعيم مناطقي في وسط سياسي زاحم بالقلاقل، وكل حين يتخذ موقفاً، ودائماً لا يعرف رأس النظام التركي من أن يبدأ المرحلة الجديدة التي ستكون بلا إدارة أميركية مستنسخة عن إدارة أوباما ومن سبقه من سلف الصقور، التي اشتهرت بالحروب المباشرة والغزوات بوكالة اليمين التكفيري المتطرف.
مع من سيكون أردوغان غداً؟، لا أحد يمكنه الجزم فكل يوم هو في رأي بحسب طقس التغيرات السياسية، حتى سياسته كذلك، كثيرة الاهتزاز وهذا طبيعي بعد هزة الانقلاب الفاشل والتي جعلته يتلمس رأسه مع كثرة الالتفات للخلف، لكن للأمانة فإن حدة الهوس السلطاني انخفضت بسبب المعطيات الجديدة التي فرضت نفسها على الساحة، وعلى ما يبدو فإن النظام التركي يحاول التأقلم مع هذا الأمر إلى حين الاعتياد، وبعدها يمكن لأردوغان ممارسة الغش كثيراً لانتشال ورقة تضمن بقاؤه ولو في المقاعد الخلفية على مسرح الأحداث، ومشاهدة المستقبل الجديد والإفادة منه.
ذهب أردوغان بتركيا إلى حد الانغماس في البداوة السياسية، فتحولت المواقف إلى ثارات وردات فعل وعصبية قبلية أكثر، ثم دعم الغزوات التي تمت على الطريقة القبلية بلباس حرب العصابات، بعد ذلك عاد لتبويس لحى الأقطاب الإقليمية والدولية.
هناك شعور ملموس لدى نظام أنقرة بأنه يريد أن يغادر التحالف الأميركي الآيل للانفراط، لكنه قدم للأمام وأخرى للوراء، انخرط في ذلك المكان جشعاً بمكتسبات رآها أردوغان أن من شأنها أن تجعله على رأس الهرم الإقليمي فلم ينجح، وحينما توضحت أكثر صورة الهاوية تمسك بما يستطيع، وحتى تتبين النتيجة الحقيقية، لنتوقع من أردوغان ونظامه مزيداً من الغش والتقلبات، لكن دون تلك النزعة التي اهترأت وانتهت صلاحيتها بتحرير حلب.
*إيفين دوبا - عاجل الاخبارية
103-4