محور المقاومة من الإنهيار الى الإنتصار

محور المقاومة من الإنهيار الى الإنتصار
الأحد ٠٤ يونيو ٢٠١٧ - ٠١:٣٠ بتوقيت غرينتش

بعد انطلاق ثورة الضباط الأحرار في مصر، التي تشكل برأيي محطة تاريخية كانت سببًا في اعادة اطلاق الهجمة على المنطقة بعد اعتقاد الناهب الدولي ان نتائج اتفاقية سايكس – بيكو ستحقق الغايات منها في تأمين الحماية والإستقرار للكيان الصهيوني وضمان استمرار النهب المنظم لثرواتنا وخيراتنا،

 


قد يبدو العنوان صارخًا وكأنّ محور المقاومة كان على وشك الإنهيار وحصلت معجزة ما منعت ذلك، علمًا بأنّ المقصود هو ما كان يرغب به تحالف النهب العالمي الذي تتزعمه أميركا على مدى سنوات الحرب الدائرة في المنطقة منذ بدأت معالم "الربيع العربي" في تونس، وهنا نعني الإنطلاقة المباشرة للعدوان على المنطقة ضمن آليات ومعايير جديدة شكّلت استمرارًا للإستهداف المستمر منذ الخمسينيات والتي لم تتوقف ابدًا حتى اللحظة.

منذ الخمسينيات وبعد انطلاق ثورة الضباط الأحرار في مصر، التي تشكل برأيي محطة تاريخية كانت سببًا في اعادة اطلاق الهجمة على المنطقة بعد اعتقاد الناهب الدولي ان نتائج اتفاقية سايكس – بيكو ستحقق الغايات منها في تأمين الحماية والإستقرار للكيان الصهيوني وضمان استمرار النهب المنظم لثرواتنا وخيراتنا، وهو المستمر بسبب الكيانات الوظيفية التي نشأت بموجب اتفاقية سايكس – بيكو.

وإن كانت ثورة الضباط الأحرار قد أرّخت لبداية مرحلة جديدة من الصراع واسهمت في انطلاق حركات التحرر الوطني واستعادة النفس القومي عبر تنظيم الطاقات والقدرات المرتبطة بالمواجهة، فإن احتلال اميركا للعراق شكّل ضربة قاسية في قلب الأمة لا تزال تداعياتها تلاحقنا حتى اللحظة.

الهدف الأميركي من احتلال العراق كان تحويل العراق الى منطقة عازلة بين ايران وسوريا في المرحلة الأولى، ومن ثمّ الإنقضاض على سوريا والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية حيث لا تزال ايران تشكل العمق الإستراتيجي لسوريا والمقاومات.

مع بداية اطلاق الحرب على سوريا، كنا امام مخاطر جديّة في ان تستطيع الهجمة اسقاط سوريا وتقسيمها اضافة الى تقسيم العراق وباقي المنطقة، وهي مخاطر كانت مطروحة بقوة حينها ولا يمكن تجاهلها او نكرانها، ولأن الهجمة كانت ولا تزال تستهدف محورًا بأكمله وليس سوريا فقط بدأت حينها عملية تقدير دقيق للموقف نتج عنه وضع اولويات المواجهة على المدى الطويل نظرًا لإدراك قادة المحور الفارق الكبير في الإمكانيات، والذي كان يميل بشكل كبير والى فترة قصيرة للوراء لمصلحة تحالف الهجمة.

استراتيجية محور المقاومة في سوريا تركزت على المواجهة المتحركة ضمن اولويات كان على رأسها الحفاظ على المدن الكبرى وادارة المعركة في محيطها، وهو ما تحقق في اغلب المدن الكبرى باستثناء حلب وحمص، والتأقلم مع انماط القتال المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية التي كانت تتحرك في كل مكان وبأشكال متعددة محتمية بالناس للتركيز على البعد الأخلاقي واستخدامه في الإعلام كأحد الأسلحة الفتاكة والذي سُخّرت له امكانيات هائلة.

الآن وبعد مرور ست سنوات للحرب على سوريا وثلاث سنوات على احتلال "داعش" للموصل، اصبحنا امام متغيرات كبيرة وجذرية ستغير في شكل الصراع ومضمونه ونتائجه.

وعندما نتكلم عن متغيرات جذرية، نعني بالتأكيد تراكم الإنتصارات الموضعية التي اسست للوصول الى مرحلة الهجوم المضاد الشامل وليس الهجوم المضاد الموضعي.

مع الإنتهاء من تثبيت خط الجبهة القادم في سوريا، والذي سيمتد من شمال غرب التنف جنوبًا وصولًا حتى مسكنة مرورًا بالسخنة شمالًا، سنكون امام انطلاق عملية كبيرة وواسعة على اكثر من اتجاه في نحو البادية السورية وباتجاه حوض الفرات، وهو خط الجبهة الذي لم يكتمل بعد حيث ننتظر انتهاء اندفاع الجيش السوري من جنوب شرق حلب باتجاه السخنة بمحاذاة منطقة خناصر وايضًا من اتجاه اثرية باتجاه السخنة والانتهاء من الجيب الإرهابي المحاذي للسلمية، والذي بدأ الجيش السوري فيه تطوير عملياته منذ ايام.

التقدم الى السخنة ايضًا من تدمر هو احد الإتجاهات الرئيسية حاليًا، والذي لا يمكن اطلاق العمليات نحو دير الزور قبل استكماله مع الإتجاهات المذكورة اعلاه.

في الميدان السوري ايضًا نترقب عملية واسعة وشاملة في درعا ومحيطها باتت ضرورية وسيكون لها صدىً واسعًا اذا ما حققت اهدافها، خصوصًا انها تتوازى مع عمليات من منطقة دكوة وديرة التلول من اتجاه ريف دمشق الجنوبي الشرقي ومن اتجاه شمال شرق السويداء، وهي كلها اضافة لدرعا ومحيطها تشكل عِقَد ربط تمنع تشكيل ما يسمى باقليم حوران ويمكن اعتبارها تدابير اجرائية مضادة لإنهاء مجرد التفكير باقامة هذا الكانتون.

على الجانب العراقي بات الوضع مختلفًا وجميعنا ننتظر اعلان تحرير الموصل من سيطرة تنظيم "داعش"، وهو ما سيحصل ايضًا في سوريا اذا ما ارتفع منسوب التنسيق بين سوريا والعراق على المستوى الميداني لتنسيق عمليات الإقتراب من خط الحدود واستثمار العمليات العسكرية بشكل افضل واسرع.

وعليه، يمكننا القول ان ما كانت ترغب به اميركا وهو انهيار محور المقاومة بات وراءنا في بعده الإستراتيجي، رغم قناعتي ان الكثير من الوقت لا يزال بانتظارنا لتحقيق الهزيمة الكاملة بادوات اميركا حيث يمكن لأميركا استخدام مكامن القوة التي بحوزتها، وهي مئات الآلاف من الإرهابيين وسيطرة هؤلاء على اجزاء واسعة في سوريا والعراق، فالوصول الى دير الزور من قبل الجيش السوري وسيطرة الحشد الشعبي على خط الحدود لا يعنيان انتهاء المواجهة، حيث لا يزال داعش يسيطر على مناطق واسعة في العراق وكذلك سيطرة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جبهة النصرة على مناطق كبيرة في سوريا.

بكل الأحوال وبانتظار بدء العمليات الكبرى، مما لا شك فيه اننا امام مرحلة مختلفة بات محور المقاومة يحقق انتصارات كبيرة سيكون لتراكماتها اثر كبير في هزيمة المشروع الاميركي واعلان الإنتصار.

* عمر معربوني ـ بيروت برس