ماذا بعد التوغل التركي المعادي في العمق السوري؟

ماذا بعد التوغل التركي المعادي في العمق السوري؟
الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٧:٣١ بتوقيت غرينتش

تقدم كبير للجيش السوري في الميدان بعد الدير تم تطهير الميادين والهدف إعادة سيطرة الدولة على ما أمكن من الجزيرة السورية وإثبات صحة النظرية القائلة بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على إبادة داعش، يتزامن ذلك مع تواجد عسكري تركي غير شرعي على الأرض السورية، قوبل من دمشق بلهجة شديدة تطالب بالانسحاب الفوري.

العالم - سوريا

كثيرة هي التحليلات حول وجهة الجيش بعد تحرير الميادين أين ستكون زمجرة العسكر هذه المرة، هناك من يقول بأنها ستمتد كتسونامي يشمل الجزيرة السورية، وبعضهم يرى بأن هذا الإنجاز سيكون تمهيداً لتحرير الرقة، فيما يقول آخرون أن التكهن بوجهة الجيش متروك للقيادة العسكرية والمعطيات الميدانية المفاجئة، ولا يمكن إلا ان نتوقع أن هناك عمليات عسكرية في مناطق أخرى لكن أين ستكون تلك المناطق فهذا متروك لعامل المفاجأة الذي سيعلنه الجيش السوري.

بالعودة إلى موضوع دخول الاحتلال التركي إلى مناطق في ريف حلب وفي ادلب، فإن مطالبة دمشق المشددة على الخروج الفوري لا يمكن حصرها ضمن الخطاب الدبلوماسي فقط، ولا ضمن بروتوكولات التنديد، بل سيكون لها تبعات على الأرض، فكيف سيكون الرد أو المشهد الحلبي والادلبي إذاً؟.

لقد رحّبت ما تُسمى بالمنسقية العامة للإدارة الذاتية الكردية بالتصريحات السابقة لمسؤولين سوريين على رأسهم وزير الخارجية وليد المعلم، والتي أبدى فيها انفتاح دمشق على الحوار مع الأكراد، حيث أبدت المنسقية استعدادها للتفاوض، حقناً لدماء السوريين وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة، فهل شعرت تلك المنسقية ومن ورائها مقاتلون أكراد بدنو الخطر الداهم بعد الدخول التركي المفاجئ وتطويق عفرين؟ هل تأكد الأكراد بأن واشنطن لا يمكن أن تحميهم في كل مكان، إن كانت واشنطن بعيدة عنهم في عفرين والريف الحلبي وادلب، وتركيا على مقربة منهم، فلا أمل لديهم بعد الآن سوى القوة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها ألا وهي الجيش السوري، فهل سيقتنص الأكراد في بعض المناطق تلك الفرصة للتواصل مع الجيش السوري؟

 

أما حول ردة الفعل السورية على العدوان التركي السافر، فإنه وبحسب مراقبين قد يُترجم إلى شكل عسكري، بحيث قد يكون هناك استهداف مدفعي وصاروخي للقوات التركي المتواجدة إلى جانب ميليشيات أخرى، على الرغم من أن المنطقة داخلة في اتفاق خفض التصعيد، وهذا ما تجاول أنقرة استغلاله من اجل التمدد في العمق السوري، الروس لن يصموا آذانهم لمطلب الحليف السوري القاضي بضرورة إخراج تلك القوات، وخصوصاً وأن هناك اتفاق معلن بين تركيا وجبهة النصرة لتحييد الأخيرة عن القتال ريثما تتم إقامة مناطق ذاتية مؤقتة بحسب ما يسمونها.

 

إذاً فإن التحرك التركي قد يستجلب توتراً جديداً في الملف السوري، هناك دمشق الغاضبة من أي توغل عسكري تركي، يعزز هذا الغضب الزخم العسكري الكبير الذي تحقق بعد تمكن الجيش السوري من التقدم الكبير وتحرير الكثير من المناطق الهامة، قد لا توافق موسكو على استهداف القوات التركية من قبل السوريين لأسباب إقليمية سياسية، لكن يظل احتمال أن تتواجد قوات عسكرية مشتركة روسية وإيرانية في ادلب كحل آني يخفف من وطأة استفراد تركيا بالتوغل العسكري في مناطق الإرهابيين كاحتمال قائم.

 

بالمحصلة فإنه من باب الجنون التكهن سياسياً بما سيحدث في هذا المجال، فالمشهد السياسي معقد والميداني متشابك كل ما يمكن التأكد منه هو أن الجيش السوري سيتابع تقدمه في الجزيرة السورية وسيحاول فتح قناة اتصال مع الأكراد الذين تصنفهم أنقرة على رأس لائحة أعدائها، وفي حال عدم استجابة التركي لنصائح روسيا بما يخص ادلب، فإن السيناريو سيظل مفتوحاً على كل التوقعات ومن بينها العسكري خصوصاً وأن أنقرة اتفقت مع النصرة في تلك المنطقة.

 

* علي مخلوف – عاجل

 

108