إننا في سفارة السودان ندين بأشد العبارات الهجوم الغادر نفذته قوات التمرد الارهابية والذي استهدف منشآت تابعة للأمم المتحدة في مدينة كادوقلي، وأسفر عن مقتل ستة من أفراد قوات حفظ السلام وإصابة آخرين. هذا الاعتداء الآثم، الذي أدانه أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة، يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويقوّض الجهود الرامية إلى حفظ الأمن والاستقرار وحماية المدنيين في مناطق النزاع.
ولا يمكن فصل هذا الهجوم عن السياق الأوسع للانتهاكات الجسيمة التي تشهدها ولاية جنوب كردفان وغيرها من الولايات، بما في ذلك الاعتداء على المستشفيات والمرافق الصحية، واستهداف المدنيين العزّل، في سلوكٍ ممنهج للمتمردين الارهابين يعكس استهتاراً كاملاً بحياة الإنسان وكرامته. إن استهداف المرافق الطبية والإنسانية جريمة مدانة أخلاقياً وقانونياً، ويجب ألا تمر دون محاسبة صارمة.
ومن هذا المنبر، نؤكد رفضنا القاطع لأي محاولات لفرض مقاربات مضللة تساوي بين الجيش الوطني السوداني، بوصفه مؤسسة الدولة الشرعية وحامي سيادتها، وبين مليشيا خارجة عن القانون ارتكبت، بشهادة تقارير دولية وحقوقية، جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين. إن المساواة بين الجلاد والضحية، وبين الدولة والمليشيا، تمثل ظلماً فادحاً وتشويهاً للحقيقة، ولا تخدم مساعي السلام ولا العدالة.
لقد عبّر الشعب السوداني بوضوحٍ لا لبس فيه عن موقفه، من خلال المسيرات الحاشدة التي عمّت معظم ولايات البلاد، مؤكداً وقوفه خلف قواته المسلحة الوطنية، ورافضاً بشكل قاطع مشروع المليشيات والفوضى. هذه المسيرات لم تكن مجرد تحركات عابرة، بل هي بمثابة استفتاء شعبي صريح على وحدة السودان وسيادته، وعلى حقه في جيش وطني واحد يحمي الأرض والعرض.
وشكّلت مشاركة المرأة السودانية في هذه المسيرات رسالةً قويةً للمجتمع الدولي، إذ خرجت وهي تحمل في ذاكرتها جراح الانتهاكات التي تعرّضت لها على يد قوات الدعم السريع، من قتل وتعذيب واغتصاب، لتؤكد أن لا مستقبل في السودان لقوةٍ قامت على العنف والإجرام، ولا مكان لها في أي تسوية سياسية أو مبادرة مستقبلية.
إن السودان، وهو يواجه هذه التحديات الجسيمة، يدعو المجتمع الدولي إلى موقفٍ أخلاقي ومسؤول، يقوم على دعم الشرعية، واحترام إرادة الشعب السوداني، وإدانة الجرائم دون مواربة، والعمل الجاد على محاسبة مرتكبيها، أياً كانت الجهة التي تقف وراءهم.
ختاماً، نؤكد أن السودان سيظل متمسكاً بوحدته الوطنية، وبجيشه الذي يمثل صمام الأمان للدولة، وبحقه المشروع في الدفاع عن سيادته، مع انفتاحه في الوقت ذاته على أي جهدٍ دولي صادق يسهم في تحقيق السلام والاستقرار، بعيداً عن ازدواجية المعايير وتزييف الحقائق.
*بقلم: سفير جمهورية السودان لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية