بعد مسرحية «هيلي والصواريخ»..«الفشل» هو العنوان الأبرز لسياسة ترامب

بعد مسرحية «هيلي والصواريخ»..«الفشل» هو العنوان الأبرز لسياسة ترامب
السبت ١٦ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٨:١٨ بتوقيت غرينتش

 “الفشل” هو العنوان الابرز لاداء الرئيس الامريكي دونالد ترامب، منذ فوزه المشكوك فيه على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، بعد الكشف عن تورط حملته الانتخابية بعلاقات سرية مع روسيا، فلم يتخذ هذا الرئيس قرارا على المستويين الداخلي والخارجي الا واثار ضده حملة من الانتقادات التي دفعت العديد من المشرعين الامريكيين الى الدعوة الى اتخاذ اجراءات لاقالته عن منصبه.

العالم - مقالات

على الصعيد الداخلي وبعد تزايد الاعترافات من قبل سيدات امريكيات تحرش ترامب بهن جنسيا، وبعد اقتراب حبل التحقيقات من رقبة ترامب بشان الدور الروسي في حملته الانتخابية والذي ساهم في فوزه، وموقفه العدائي السافر من وسائل الاعلام المريكية، ووقوفه الى جانب المرشحين الجمهوريين لانتخابات الكونغرس والمتهمين بالتحرش الجنسي، وتاييده للجماعات العنصرية داخل امريكا، ورفضه وضع قانون يحد استخدام الاسلحة النارية في امريكا رغم المجازر التي تحصل يومية بسبب ذلك،  تزايدت وتعالت الاصوات المنددة بما وصفوه “العار” الذي جلبه على امريكا، من قبل النخب الامريكية، سياسيون واعلاميون وفنانون ونشطاء.

على الصعيد الخارجي، كان فشل سياسة ترامب اكبر دويا مقارنة  بسياسته الداخلية، فخلال الايام المائة الاولى من رئاسته، حاول التدخل عسكريا في الحرب على سوريا دعما للقاعدة و”داعش” والجماعات التكفيرية الاخرى الا انه فشل فشلا ذريعا، كما كان السبب الرئيسي في انفجار الازمة بين السعودية والامارات والبحرين ومصر من جهة وبين قطر من جهة ثانية، عندما وقف وبشكل علني الى جانب فريق السعودية، وهي الازمة التي ادت الى تفكك مجلس التعاون، وكان اهم اسباب تردي الاوضاع الانسانية في اليمن بسبب دعمه اللامحدود للتحالف العربي الذي يواصل الحرب على اليمنيين بمباركة ترامب، اما خروجه من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الذي اثار حفيظة حلفاء امريكا في الغرب، فحدث ولاحرج، فقد انسحب من اتفاقية الشراكة الإستراتيجية عبر الهادي، وقرر مراجعة اتفاقية نفتا للتجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية، كما وجه انتقادات للتجارة الحرة عبر الأطلسي، متهما الأوروبيين بالاستفادة منها على حساب الأميركيين ، ووجه انتقادات لمنظمة التجارة العالمية ولم يستبعد وزير الخزانة الأميركية ستيفن أمنتشين إعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية الدولية التي يفترض أن تنفذ في إطار هذه المنظمة، ووجه انتقادات للامم المتحدة وطالب بإصلاحها، منددا بما وصفه بال “بيروقراطية” و”سوء تسيير”، وانسحب من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالهجرة وانسحب من اليونسكو بتهمة “عدائها "لإسرائيل"، وانسحب من اتفاق باريس بشأن الاحتباس الحراري، كما وصف ترامب الناتو بانه حلف قد عفى عليه الزمن.

ابرز عناوين الفشل في سياسة ترامب الخارجية والتي عزلت امريكا حتى عن اقرب حلفائها في اوروبا مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، فكانت مواقفه المهرجة من الاتفاق النووي والقضية الفلسطينية والحرب الظالمة على اليمن، وهي قضايا حاول ترامب عاجزا ان يضع بلاده موضع الامم المتحدة، ويتخذ من قراراته “شرعة” متوقعا ان يسير عليها الاخرون، الا انها جاءت على عكس ما يتمنى ترامب، الذي اصبح ليس معزولا فقط عن العالم بل منبوذا ايضا.

في الوقت الذي تقف كل القوى الكبرى في العالم الى جانب الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية موقفا موحدا ومؤيدا للاتفاق النووي مع ايران، حاول ترامب وبرعونة قل نظيرها ان يفرض وجهة نظرة البلهاء على العالم اجمع، مدفوعا باللوبي الصهيوني واليمين المتطرف والعنصري الامريكي، عبر الترويج لمقولة ان ايران غير ملتزمة بالاتفاق، رغم ثمانية تقارير مفصلة صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اكدت على التزام ايران المطلق ببنود الاتفاق.

وكعادته تجاهل ترامب العالم كله والتقارير الاممية وحلفائه، واعلن عدم تصديقه التزام ايران بالاتفاق، في محاولة غبية لعزل ايران، فاذا بامريكا ترامب هي المعزولة والمهانة والمنبوذة.

لم يمر سوى وقت قصير على موقفه العبثي من الاتفاق النووي، حتى فجر قنبلة في وجه ادارته، عندما اعلن، وكأن بلاده تملك حق تقرير مصير الشعوب والبلدان الاخرى، اعترافه بالقدس عاصمة للكيان “الاسرائيلي”، ظنا منه ان حلفاءه سيحذون حذوه، الا ان الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس رفض القرار، بينما  اوروبا صفعته مرة اخرى على وجهه ورفضت مسايرته واعتبرت قراره يتناقض مع الشرعية الدولية، كما استقبلت اوروبا رئيس وزراء “اسرائيل” بنيامين نتنياهو بشكل فاتر، ورفضت الاعتراف بالقدس عاصمة لكيانه، فعاد الى فلسطين بخفي حنين.

آخر حلقات مسلسل الفشل الترامبي، كانت حفلة التهريج التي اقامتها ممثلة ترامب بالامم المتحدة نيكي هيلي، والتي لاتقل بالمناسبة رعونة وغباء عن سيدها، فقد ظهرت في وزارة الدفاع الامريكية وخلفها اسطوانة كبيرة ادعت انها من بقايا صاروخ “ايراني” اطلقه انصارالله على مطار الملك خالد في الرياض في الرابع من شهر تشرين الثاني الماضي، وقالت ان السعوديين هم من زودوا امريكا بهذه الاسطوانة وبقايا الاسلحة الاخرى!! وهددت ان بلادها ستبدا “بالتشاور مع أعضاء مجلس الأمن والعمل مع البنتاغون للتصدي لأعمال إيران” وادعت ايضا ان امريكا تريد “تأسيس تحالف دولي لمواجهة سلوك إيران”.

الملفت ان مزاعم هيلي رفضتها الامم المتحدة، التي تحاول هيلي استخدام مجلس الامن فيها ضد ايران، فقد أعلنت الأمم المتحدة عن غياب أدلة قاطعة تحدد مصدر صنع الصاروخين اللذين تم إطلاقهما سابقا على السعودية من اليمن، وذلك خلافا لما أعلنته الولايات المتحدة والسعودية.

 المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحفي عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، قال : لا أدلة قاطعة تحدد مصدر صنع تلك الصواريخ، وان لجنة الخبراء التابعة للامم المتحدة مازالت تدرس الموضوع.

اكثر الردود وقعا على مزاعم هيلي جاءت من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الذي نشر على تويتر صورة تجمع بين صورتين، أولهما للمندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أثناء مؤتمرها في البنتاغون، حيث عرضت صورا قالت إنها حطام الصاروخ الذي أطلقه انصارالله على مطار الملك خالد بالرياض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتظهر الصورة الثانية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول وهو يهز بأنبوب اختبار زجاجي أمام أعضاء مجلس الأمن قائلا إنه يحتوي على مادة من ترسانة العراق الكيمياوية، التي كما تبين لاحقا كانت وهمية.

وأرفق ظريف الصورة بتغريدة مفادها: “عندما كنت أعمل في الأمم المتحدة رأيت هذا الاستعراض والأوضاع التي أدى إليها”.

البعض اعتبر تهريج هيلي محاولة للتغطية على جرائم امريكا في اليمن والتي بدات تثير الراي العام العالمي، والبعض الاخر اعتبرها تغطية على ردة الفعل العالمية الغاضبة على قرار ترامب بشان القدس ، ولكن مهما كانت الاسباب التي وراء مسرحية هيلي ، يبقى الفشل عناونها الاكبر.

المصدر : شفقنا 

109-1