حادثة "ايرانشهر".. ما بين التهويل الاعلامي والحقائق الثابتة

حادثة
الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٨ - ١١:١٢ بتوقيت غرينتش

جرى خلال الفترة الاخيرة تداول مقطع فيديو لاحد علماء اهل السنة في ايران يطالب فيه السلطات بالتحقيق فيما يتردد عن مزاعم باغتصاب 41 فتاة في مدينة ايرانشهر بمحافظة سيستان وبلوشستان (جنوب شرق) ومعاقبة المتورطين .

العالم - ايران 

بمجرد انتشار الفيديو حاولت وسائل اعلام اقليمية معروفة بعدائها وحقدها للجمهورية الاسلامية الايرانية، ركوب الموجة من خلال تهويل القضية ووضعها في خانة الطائفية لتحريض اهالي المنطقة واشعال اتون خلافات طائفية بين السنة والشيعة.

موقع بي بي سي البريطاني كان السباق في هذا المجال حيث اعلن وفق سيناريو هو اشبه بسيناريوهات "هوليوود" بانه جرى اعتقال المتهمين واعترفوا بانهم كانوا يترصدون النساء والفتيات ومن ثم اختطافهن واغتصابهن

الفيلم الهوليودي لم ينته عند هذا الحد بل تخطاه ليصل الى قتل بعض الضحايا من قبل عوائلهن خوفا من انتشار الامر ما يشكل وصمة عار لهم .

قنوات اخرى مثل "العربية" السعودية ومن يلف لفها واصلت هذا المسار ولم تخرج عنه في خطوة تكشف عن مدى تناغم هذه الجهات للمساس بالجمهورية الاسلامية الايرانية عبر تضخيم القضايا الداخلية.

ولكن ما هي الحقيقة ؟

بداية ينبغي القول ان فرض المحال ليس بمحال . فلنقبل جدلا بان الحادثة حقيقة واقعة وانه جرى اغتصاب فتيات في تلك المدينة، فمن اين جاء الجاني . وفقا للانباء التي تم نشرها فهو من ابناء المنطقة نفسها وان كانت المزاعم تشير الى انه ينتمي لجهات في السلطة. من هنا تسقط الذريعة الاولى التي تحاول وضعها في خانة الطائفية والسنة والشيعة

ثانيا ، ما مدى صحة العدد الذي جرى تناقله (41 فتاة ) . فهل من الممكن ان يجري اغتصاب هذا العدد من النساء والفتيات تحت تهديد السلاح ولا تتسرب اي انباء عن هذه الجريمة ليصل العدد الى هذا الكم الهائل ومن ثم تتفجر القضية فجأة . وحين يتم الادعاء بانه تم التستر على الحادثة من قبل عوائل الضحايا بل وجرى قتل بعضهن، فمن اين جاء هذا العدد الدقيق عن عدد الضحايا

ثالثا، باعتراف الجهات التي روجت لهذه الاخبار فان السلطات القضائية اتصلت بالضحايا وطلبت منهن الحضور الى الطب العدلي لاجراء الفحوصات اللازمة، ولكن ثلاث عائلات فقط تقدمت بشكاوى على خلفية تعرض بناتهن للاغتصاب .

لنعود الى الحقائق بعيدا عن التهويل الاعلامي الذي تقوم به البروبوغاندا الحرب الاعلامية للجهات المناوئة للنظام الاسلامي .

كما هو شأن السلطة القاضية في مثل هذه الاحداث فانه بمجرد ظهور القضية الى العلن بدات الجهات المعنية تحقيقاتها واجرت اتصالات مع عوائل الضحايا للحضور على الطب العدلي لاجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتثبت من الادعاءات ولكن ثلاث عائلات فقط استجابت للطلب وهو ما يعني انه ان لم يقتصر العدد على هؤلاء فانه جرى تضخيم العدد الاول (41) بشكل غير معقول .

هذا فضلا عن ان المدعي العام للبلاد الشيخ محمد جعفر منتظري فند خلال مؤتمر صحفي الانباء التي تم تناقلها بهذا الشان معلنا عن ملاحقة الشخص الذي تداول هذه الانباء الكاذبة

واوضح الشيخ منتظري ان من فبرك هذا الخبر ونشره يجب ان يكون قادرا على تقديم الاثباتات بشأنه، هذا في حين ان التحقيقات الت اجرتها السلطات المحلية و مكتب المدعي العام في محافظة سيستان وبلوشستان فضلا عن التحقيقات التي اجريتها بنفسي تفند الانباء التي تم تداولها بهذا الشكل.

وتابع قائلا ان ثلاث عائلات تقدمن بشكاوى يجب التحقق منها واضاف : يبدو ان بعض الاشخاص لديهم مهمة محددة هي الترويج للاخبار الملفقة بهدف التاثير على الراي العام

واستطرد القول : ان السلطة القضائية تقوم بواجبها على صعيد الدفاع عن شرف وكرامة الناس وفقا لواجباتها القانونية والشرعية ولن تتهاون في هذا المجال، ولا شك ان هذا الخبر الذي تم تداوله بهذا الشكل كاذب ولا اساس له من الصحة.

ونظرا الى اهمية الموضوع وتداعياته اصدر وزير الداخلة عبد الرضا رحماني فضلي أمرا محافظ سيستان وبلوشستان لفتح تحقيق سريع ودقيق ورفعه إلى وزارة الداخلية لمعرفة التفاصيل والتأكد من التقارير التي تتحدث عن تعرض 41 فتاة بمدينة ايرانشهر للاختطاف والاغتصاب، وهو ما يكشف عن مدى حساسية الحكومة تجاه وقوع مثل هذه الاحداث ان وجدت والتعامل معها وفقا للاطر القانونية .

ختاما ينبغي القول ان ما هو ثابت لحد الان وبما لا يقبل الشك ان ثلاث عائلات تقدمن بشكوى لتعرض بناتهن الى الاغتصاب وانه تم اعتقال شخص واحد على خلفية هذه القضية لا اكثر ولا اقل

يذكر ان محافظة سيستان بلوشستان هي محافظة تقطنها أغلبية سنية، وتعد ثاني المحافظات الإيرانية الكبرى من حيث المساحة الجغرافية. مركزها مدينة زاهدان، وتبعد 1600 كيلومتر عن طهران. وتقع جنوب شرقي إيران على الحدود مع كل من أفغانستان وباكستان.