أطفال في اقفاص.. سياسات «ترامبية» و«عنصرية» واحتجاجات أمريكية

أطفال في اقفاص.. سياسات «ترامبية» و«عنصرية» واحتجاجات أمريكية
الأحد ٠١ يوليو ٢٠١٨ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

تظاهر ألوف الامريكيين في أكثر من 50 ولاية أمريكية خلال الايام الاخيرة احتجاجا على سياسات دونالد ترامب الرئيس الأمريكي حيال الهجرة وخاصة سياسة فصل أطفال المهاجرين واحتجاز اطفال المهاجرين في الاقفاص على الحدود بين امريكا والمكسيك.

العالم-الامريكيتان

وتشهد الولايات المتحدة هذه الايام جدلًا واسعًا على خلفية قرار البيت الأبيض فصل الأطفال عن ذويهم، الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني، قبل تراجع ترامب عن هذا الإجراء بقرار تنفيذي، في 20 حزيران/ يونيو .

وكان ترامب قد وقع مرسوما رئاسيا بوقف انتهاج سياسة فصل أطفال المهاجرين والتي كانت قد طالت نحو 2.5 ألف طفل، لكن معظم هؤلاء لا يزالون ينتظرون العودة إلى أهاليهم، ما أثار غضب نشطاء حقوقيين وأوساط اجتماعية واسعة.

ومنذ تطبيق هذه السياسة في أيار/مايو الماضي، بلغ عدد الأطفال المفصولين عن ذويهم أكثر من ألفين و300 طفل، بحسب تقارير إعلامية، ما أثار انتقادات دولية وحقوقية.

وبدأت قوات الشرطة تأخذ الأطفال من ذويهم إلى أقفاص مصنوعة من أسوار معدنية بمخزن جنوب ولاية تكساس، ومُنع الصحفيون من التقاط الصور أو التحدث لأي من المحتجزين أو الآباء. وانتشرت قصص عن أطفال اُنتزعوا من أيدي آبائهم، وآباء لم يتمكنوا من معرفة أماكن أطفالهم.

المظاهرات في اكثر من 50 ولاية امريكية

خرج ألوف المواطنين الامريكيين يوم السبت في كافة الولايات الـ50 الأمريكية إلى الشوارع احتجاجا على سياسة فصل أطفال المهاجرين غير الشرعيين عن ذويهم.

وأكد منظمو الحملات لصحيفة "غارديان" البريطانية أن الولايات المتحدة ستشهد اليوم أكثر من 750 مسيرة احتجاجية.

وأفادت قناة "سي إن إن" الأمريكية بأن المتظاهرين يطالبون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتنحي عن "سياسة عدم التسامح" الذي بدأ البيت الأبيض ينتهجها في وقت سابق من العام الجاري، وبإعادة توحيد العوائل المنقسمة جراءها فورا.

ونظمت المسيرة الكبرى في العاصمة واشنطن، حيث اعتُقل نحو 600 متظاهر في الأسبوع الجاري أثناء تجمعهم أمام مبنى الكونغرس، وانطلق المحتجون من ساحة لافاييت باتجاه البيت الأبيض، لكن ترامب ليس في مقره اليوم بل في نادي غولف تابع له في نيوجيرسي.

وانطلقت تظاهرة تحت شعار “العائلات يجب ان تكون مجتمعة” من ساحة لافاييت المواجهة للبيت الابيض باتجاه مبنى الكابيتول مقر مجلسي الشيوخ والنواب.

وفي نيويورك شاركت عائلات وشبان واطفال وشيوخ من القادمين الجدد والمواطنين في تظاهرة احتجاجية تحت شمس حارقة، وقدر مصادر محلية عدد المشاركين بنحو “الفي شخص”.

وهتف المتظاهرون “قولوها بالفم الملآن قولوها بوضوح المهاجرون مرحب بهم هنا”، كما اعربوا عن ترحيبهم بالمسلمين.

وعلى وقع الطبول رفعت الحشود لافتات كتب فيها “مدينتنا نيويورك هي نيويورك المهاجرة ولا قفص، لا حظر، لا جدار”.

ما هي سياسة ترامب بشأن الهجرة؟

سياسة ترامب المتشددة حيال الهجرة تلقى استحسانا كبيرا لدى القاعدة الجماهيرية الرئيسية للجمهوريين.

ودافع ترامب بشكل متكرر عن سياسة " عدم التهاون مطلقا "، قائلا إن المسؤولين يعملون على إنفاذ القانون فقط.

وبموجب توجيه جديد بدأ العمل به في شهر مايو/أيار الماضي، فإن جميع من يعبر الحدود الأمريكية بمن فيهم الذين يقومون بذلك لأول مرة يتم توجيه تهم جنائية لهم ويسجنون.

ولا يسمح للأطفال المهاجرين بالبقاء مع ذويهم في الحبس ويوضعون في أماكن منفصلة.

وكانت الإدارة الأمريكية السابقة تصدر مذكرات استدعاء للمحكمة للمهاجرين الذين يقبض عليهم لأول مرة، ولكن إدارة ترامب تقول إن معظم هؤلاء لا يحضرون إلى المحكمة.

انتقادات حادة

وأثارت هذه المعاملة انتقادات حادة من قبل المجموعات الكنسية ومنظمات حقوق الإنسان، واصفة إياها بغير الإنسانية.

وزارت مجموعة من نواب الكونغرس مكان الاحتجاز أمس، كما قرروا زيارة مكان آخر يقيم فيه نحو 1500 طفل لأوقات أطول.

وقال السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي، الذي مُنع من دخول مكان احتجاز الأطفال مطلع هذا الشهر، إن هؤلاء الأطفال عانوا من الصدمة بالفعل جراء عزلهم من آبائهم، "وليس من المهم أن تكون أرضية مكان احتجازهم نظيفة أم لا، أو أغطية الأسرّة مشدودة".

إجراء للردع

وفي ريو غراندي فالي بولاية تكساس، وهو أكثر الممرات ازدحاما ونشاطا، التي يحاول من يرغبون في دخول أميركا المرور عبرها، يقول أفراد دورية الحدود إنهم ملزمون بالقانون بالقبض على المهاجرين وفصل الكبار عن الأطفال كإجراء رادع للغير.

وكان أحد الأقفاص يضم عشرين طفلا، ويعج بقوارير المياه المبعثرة وصناديق البطاطس المقلية وأغطية الأسرة.

وأبلغت إحدى الفتيات أحد المحامين أنها كانت تساعد أحد الأطفال غير المعروفات لديها لأن خالة هذه الطفلة بجزء آخر من مكان الاحتجاز، وكان عليها أن تعلم الأطفال الآخرين الأكبر سنا كيف يغيرون حفاظات هذه الطفلة التي تبلغ أربع سنوات.

توفير الخدمات

وتقول الوكالة التي تدير هذه الأماكن إن كل محتجز يحصل على طعام كافٍ، ويُوفر له الحمام والملابس النظيفة والرعاية الطبية.

وقالت المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان ميشيلي برين، والتي قضت عدة ساعات بمكان الاحتجاز يوم الجمعة، إن ما شاهدته أقلقها بعمق، خاصة أن بعض الأطفال لا يتحدثون الإسبانية، بل لغات محلية غير معروفة لأغلب الموجودين حولهم، وإنها شاهدت طفلة من هؤلاء منطوية على نفسها دون أي حركة ولا تستجيب للحديث مع أي شخص جراء شعورها بالصدمة.

وأضافت برين أنها شاهدت بعض المسؤولين بالمرفق يسبون أطفالا أعمارهم لا تتجاوز خمسة أعوام بسبب لعبهم داخل القفص.

ماذا يريد المحتجون؟

وجهت دعوات في عدد من المدن الأمريكية تحث السكان على الخروج في مظاهرات تحت شعار " العائلات تنتمي لبعضها ".

ويقول المنظمون إنهم يريدون إيصال رسالة للرئيس ترامب والذين يخشون بأنه سيتراجع عن وعده بعد فصل العائلات المهاجرة.

وجاء على الموقع الرسمي للحملة المنظمة " لا يمكن أن نخفف الآن من الضغط لأن حكم المحكمة لوحده غير كاف ويمكن نقضه".

ويطالب المنظمون بإعادة لم شمل الأطفال مع ذويهم وإنهاء إجراءات سجن المهاجرين.

ومن المتوقع أيضا أن يعرب المنظمون عن معارضتهم لحظر الرئيس ترامب السفر على مواطني خمس دول ذات أغلبية مسلمة.

ومن المتوقع أن يركز المتظاهرون على التغيرات التي ستطرأ على المحكمة الأمريكية العليا بعد أن أعلن القاضي أنطوني كينيدي تقاعده الأسبوع الماضي، ما يتيح الفرصة لترامب تعزيز سيطرة الأغلبية المحافظة على أعلى محكمة في البلاد.

تغريدات ترامب بعد قراراته العنصرية

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس السبت، عبر حسابه على موقع "تويتر"، عن تمسكه بمواقفه العنصرية السابقة في قضية الهجرة بعد أن أثارت قرارته العنصرية موجة احتجاج في البلاد، ويأتي تصرحيه هذا رغم المطالب التي رفعها الآلاف في مسيرات احتجاجية بعدد من ولايات البلاد.

وجاء ذلك في سلسلة التغريدات المتعلقة بموضوع الهجرة، دعوة الكونغرس إلى التصويت على مشاريع القوانين حول الهجرة التي اقترحتها إدارته.

وقال: "عندما يأتي الناس (المهاجرون) إلى بلادنا بشكل غير قانوني، علينا أن نعيدهم فورا دون المرور عبر سنوات من المناورة القانونية".

وتابع: "قوانيننا هي الأغبى في العالم؛ الجمهوريون يريدون حدودا قوية ومنع الجريمة، والديمقراطيون يريدون فتح الحدود وهم ضعيفون فيما يتعلق بالجريمة".

وأضاف ترامب في تغريداته: "لم أدفع أبداً الجمهوريين في مجلس النواب للتصويت لصالح مشروع قانون الهجرة".

وجاءت تغريدات ترامب، مباشرة بعد نهاية مظاهرة حاشدة أمام البيت الأبيض شارك فيها آلاف من المحتجين، نددوا بالسياسات التي تنتهجها الإدارة الأميركية في الهجرة، ودعوا إلى تغييرها.

وتواجه القوانين التي قدمتها الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالهجرة، معارضة شرسة في الكونغرس، ليس فقط من الديمقراطيين، بل من بعض أعضاء الحزب الجمهوري.

ويدافع ترامب عن سياسة "صفر تسامح" مع الهجرة غير القانونية، ويدعو إلى طرد جميع المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة.