هل ستبقى ايران في سوريا؟

هل ستبقى ايران في سوريا؟
الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:١٥ بتوقيت غرينتش

تحتضن العاصمة الفنلندية هلسينكي غدا قمة بين الزعيمين الامريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وباعتقاد الكثيرين فان ايران ستكون من اهم المواضيع التي سيتم بحثها في هذه القمة ومن ابرز مخرجاتها القرار الذي سيتخذه الرئيسان حول استمرار حضور ايران في سوريا.

العالم - ايران 

بشهادة الاخبار والتحاليل، فان موضوع ايران من بين اهم المواضيع التي سيتم بحثها في قمة هلسنكي بين رئيسي اميركا وروسيا ومن بين المسائل الهامة التي تخص ايران هو حضورها في سوريا.

واذا تساءلنا من بين كل هذه القضايا المتداولة على الصعيد السياسي من قبيل تأثير روسيا في الانتخابات الاميركية، او قضية اوكرانيا، شبه جزيرة القرم، ازمة كوريا الشمالية، او مختلف القضايا الاخرى، لماذا موضوع حضور ايران في سوريا بعد اندحار "داعش" وكذلك الانتصارات التي حققتها سوريا في حربها ضد الارهاب يتصدر الاخبار المطروحة هذا اليوم... فان الاجابة تعود جذورها الى حقيقتين هما:

اولا، ان اميركا هي الخاسر الاكبر في الحرب والفتنة المفروضة على سوريا والنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الاسد على مدى سبع سنوات.

ثانيا، في هذه الاثناء قوة ايران وحنكتها واقتدار ونضج سياستها اصبح واضحا وثابتا على الصعيد الاقليمي والعالمي الامر الذي زاد من هواجس اميركا.

ولا ننسى قبل شهور كان بشار الاسد الرئيس القانوني لسوريا، خطا احمر لاميركا، ولم يقبل لا اوباما ولا ترامب اية مصالحة بشرط بقاء الاسد.

في الواقع ان اميركا لعبت على الحبلين، فهي من جهة لم تألوا عن بذل اي جهد على صعيد دعم وتجهيز المجموعات المسلحة الارهابية لاضعاف النظام السوري والاطاحة به، ومن جهة اخرى وبناء على تهم واهية تحظى بترحيب الراي العام، حاولت بلورة إجماع دولي ضد الحكومة السورية. المزاعم المفبركة بشان استخدام النظام السوري للاسلحة المحظورة والكيمياوية في دوما والتي تبين زيفها رسميا خلال الايام الاخيرة تأتي في هذه الخانة .

الى جانب هاتين الحقيقتين اللتين ذكرناها سابقا نلفت نظر القارئ الى بعض النقاط الهامة:

اولا، رغم كل هذا الضجيج الاعلامي آنف الذكر ، الحقيقة هي ان حضور الجمهورية الاسلامية الايرانية في سوريا جاء فقط بطلب رسمي من الحكومة السورية ولا تاثير  لاي موضوع آخر في هذا المجال. وهذا يعني انه مثلما سجلت ايران حضورها بطلب رسمي من الحكومة السورية ولم يكن لاي جهة اخرى دورا في هذا المجال فانها بالطبع لن تخرج من سوريا بايعاز من دولة ثالثة. وعلى ما يبدو فان ادعاءات الاعلام العالمي والصحف الدولية جاءت بناءا على تحليلها لوضع ايران قبل اربعة عقود وانها غفلت او تغافلت عن الشعار الذي رفعته الجمهورية الاسلامية منذ بداية انطلاق ثورتها باعتبارها دولة مستقلة.

النقطة الثانية هي حقيقة زوال امن اسرائيل والسعي لاستعادته. 

ففي حين طوى الشعب السوري اياما عصيبة في معركته ضد الارهابيين من جهة وضد "داعش" من جهة اخرى وخرج منها منتصرا، واصبح الجيش السوري ينصب خيمته في نقاط محاذية لخطوط التماس مع الكيان الصهيوني، والهيمنة بؤر زعزعة الامن في الجنوب السوري، يظهر جليا ان الكلام عن خروج ايران من سوريا يأتي ضمن خطة مدروسة ومحسوبة. ايران يجب ان تخرج من سوريا، لماذا؟ لانه بناءا على تصريحات مساعد قائد حرس الثورة الاسلامية، فان الصهاينة اليوم باتوا يسمعون قرب حدودهم وليس باللاسلكي، اللهجات الايرانية والافغانية والعراقية واللبنانية والباكستانية وهذا ما لم يحدث لهم على مدى سبعة عقود من تاسيس كيانهم اللقيط، فمن الطبيعي في ظل هذه الظروف العصيبة يكون موضوع ابعاد ايران عن الحدود الاسرائيلية من اهم مواضيع قمة هلسنكي.

النقطة الثالثة في هذا المجال هي ان ترامب كان يتصور ان انسحابه من الاتفاق النووي سيرغم ايران على العودة لطاولة المفاوضات لاجراء ما يصفها بالتعديلات على الاتفاق النووي، في خطوة هدفها الاساس تقويض تواجد ايران في المنطقة او في صناعتها للصواريخ الباليستية. ولكن ليس لم يحدث هذا الامر فقط بل غالبية الدول الموقعة على الاتفاق النووي رفضت دعوات ترامب. كما انه لم تصدر من ناحية المسؤولين الايرانيين ومن ابناء الشعب اي اشارة تدل على الاحباط او العجز، بل صدرت تصريحات تكشف عن خيارات جديدة لمواجهة الظروف الطارئة .

في مثل هذه الظروف ليس من المستبعد ان يلجأ ترامب الى روسيا لكي يخرج ايران من سوريا او على الاقل يبعدها ومحور المقاومة عن محاور التماس مع الكيان المحتل ويجرب حظه في صفقة يرى فيها الجانبين رابحا وفق تصوره. ولكن ان حاول ترامب كما يعتقد الكثيرون بتجربة حظه في هذا المجال فسيظهر للجميع بان هذا السمسار الاميركي اخطأ في اختيار الطرف الاخر للصفقة وموضوع الصفقة، لان ايران لم ولن تقبل الانصياع لاحد ولا تقبل ايضا بان تكون موضوعا لصفقة آخرين.  

ابو رضا صالح