الحكومة التونسية وتعقيدات مرحلة الأزمة

الحكومة التونسية وتعقيدات مرحلة الأزمة
الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:٢٤ بتوقيت غرينتش

دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة يوسف الشاهد الى الاستقالة في حال استمرت الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

العالم - تونس

وأكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي انه على رئيس الوزراء يوسف الشاهد الاستقالة من منصبه في حال لم يتمكن من حل الأزمة السياسية والاقتصادية وسحب دعمه عن الشاهد الذي بدوره دخل في صراع علني مع نجل السبسي.

وكان رئيس الوزراء يوسف الشاهد اتهم في مايو أيار نجل الرئيس بتدمير الحزب الحاكم وتصدير أزمته لمؤسسات الدولة التي تأثرت بذلك.

ولم يشر السبسي الى الصراع بين نجله ورئيس الوزراء لكنه وجه انتقادات مباشرة للشاهد بخصوص أداء حكومته الاقتصادي وبعض التعيينات في جهاز الأمن.

وتأتي دعوة السبسي بينما ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة ومع ظهور أزمة سياسية بين الحكومة ومعارضيها يتقدمهم حزب نداء تونس الحاكم الذي يطالب بتغيير شامل للحكومة.

وطالب حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الحاكم وهو نجل الرئيس بتغيير الحكومة معللا ذلك بفشلها الاقتصادي.

ويدعم هذا التوجه اتحاد الشغل القوي، بينما يرفض حزب النهضة الإسلامي تغيير رئيس الحكومة ويدعو لتعديل جزئي حفاظا على الاستقرار السياسي في مرحلة تحتاج فيها البلاد لإصلاحات اقتصادية جريئة يطالب بها المقرضون الدوليون.

وعلت مطالبات تونسية برحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، التي تسملت مهام عملها في أغسطس 2016، تطبيقا لوثيقة قرطاج التي أطلقها الرئيس التونسي باجي قائد السبسي ودعمتها منظمات وطنية في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل وقد تبقى على الحكومة مع إجراء بعض التغييرات الوزارية حتى انتهاء مدتها في نهاية 2019 وذلك في محاولة لتحريك الأزمة الاقتصادية في البلاد.

الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد تم الإعلان عنها يوم السبت 20 أغسطس 2016 بدار الضيافة بقرطاج. قام مجلس نواب الشعب يوم 26 أغسطس 2016 بمنحها الثقة لمباشرة مهامها بالأغلبية المطلقة ( 167 صوتا لفائدتها مقابل معارضة 22 صوت ) ويعتبر يوسف الشاهد بعد منح حكومته الثقة أصغر رئيس حكومة في تاريخ الدولة التونسية منذ الاستقلال.

ترقب في تونس لنهاية حكومة يوسف الشاهد

يتوقع جل الخبراء والمحللين في تونس أن تشهد بلادهم، نهاية لحكومة يوسف الشاهد، وتشكيلاً لحكومة جديدة. فلا أحد على ما يبدو راضٍ على حكومة الشاهد وعلى أداء أغلب الوزراء سواء تعلق الأمر بالمعارضة أو بالموالاة أو حتى بالفئات الشعبية البسيطة.

فإن كان بديهياً أن تنتقد المعارضة باستمرار أداء الشاهد وفريقه، وتشكك في قدرته على إدارة شؤون البلاد، إلا أن الغريب أن صاحب القصبة (مقر الحكومة) يقصف أيضا بنيران صديقة خصوصا من القادمين الجدد إلى حركة "نداء تونس". فلهؤلاء على ما يبدو رغبة في تكليف رئيس حكومة جديد، طيع، يستجيب لرغباتهم في تسمية هذا الطرف أو ذاك في هذا الموقع أو ذاك.

ولا يحظى الشاهد بشعبية واسعة في الشارع التونسي بعد أن تضررت الفئات الفقيرة والمتوسطة من الإرتفاع المهول في الأسعار خلال فترة حكمه، ارتفاع وصل إلى مستويات قياسية لم يألفها التونسيون من قبل. يضاف إلى ذلك الزيادة في الأداءات والضرائب الأمر الذي جعل المواطن البسيط في حيرة من أمره.

في المقابل، يرى آخرون أن فكرة تنحية الشاهد مطروحة في قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية) ليس لأن حكومة الشاهد فشلت في إدارة الحكم، بل لجعل الأخير يستعد براحة بال ويتفرغ للانتخابات الرئاسية. فالشاهد قد يكون مرشح حركة "نداء تونس" وكذا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لرئاسة البلاد في السنوات القادمة.

وما تجدر الإشارة إليه أن حكومة يوسف الشاهد وإن فشلت في الملفات الاقتصادية، إلا أنها نجحت أمنياً على غرار سابقتها حكومة الحبيب الصيد. ولعل من عاش فترة حكم الترويكا سيدرك حتما أهمية ما أنجز في تونس على المستوى الأمني وفي مجال مكافحة الإرهاب الذي كان قاب قوسين أو أدنى من ان يصيب البلاد في مقتل.

لذلك يرجح البعض فرضية أن يكون التغيير المتوقع في الحكومة هو من أجل منح الشاهد الوقت للاستعداد للاستحقاق الرئاسي القادم.

حركة النهضة مازالت تدعم حكومة الشاهد

حركة النهضة التونسية مازالت تدعم حكومة يوسف الشاهد رئيس الوزراء التونسي، فيما يواجه ضغوطا لاقالته من قبل حزبه النداء بقيادة نجل الرئيس التونسي، ومن المتوقع ان يكون المشهد السياسي التونسي مقبلا على ايام ساخنة سياسيا.

بينما يرى عضو الهيئة الإدارية الوطنية في اتحاد الشغل التونسي الأسعد اليعقوبي، إن بقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة الحالية، واستجابة الرئيس الباجي قائد السبسي لمطالب "حركة النهضة الإسلامية"، ورط الحركة في تحمل أعباء الحكم في المرحلة المقبلة بكل تعقيداته.

وأضاف اليعقوبي، أن "النهضة" عارضت وحدها، رحيل "حكومة الشاهد"، خلال اجتماعات الموقعين على "وثيقة قرطاج"، في الوقت الذي تصدر حزب "نداء تونس"، الذي ينتمي إليه يوسف الشاهد، جبهة المطالبين برحيله، وهو ما استغله الرئيس التونسي لدفع النهضة نحو "الانتحار السياسي".

وثيقة "قرطاج 1"

تعرف وثيقة "قرطاج 1" بأنها وثيقة سياسية وقعتها 9 أحزاب هي "نداء تونس، النهضة، الاتحاد الوطني الحر، آفاق تونس، حركة مشروع تونس، حركة الشعب، المبادرة الوطنية الدستورية، الجمهوري، المسار الديمقراطي الاجتماعي"، وثلاث منظمات هي "الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري".

وتم التوقيع على الاتفاقية في يونيو/ حزيران عام 2016، وتضمنت خطوطا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات في عدد من المجالات الوطنية، وعلى رأسها تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد.

لكن فيما بعد حدث خلاف بين الأحزاب الموقعة على الوثيقة، وانسحب من الاتفاق أحزاب "الجمهوري، مشروع تونس، آفاق تونس، حركة الشعب".

هناك توجه لاسقاط هذه الحكومة منذ فترة خاصة من حزب نداء تونس الذي يعتبر حزب رئيس الحكومة الحالي، وهو شريك حركة النهضة في الحكومة.