ما الهدف من قانون الاحتلال لتقليص صلاحيات المحكمة العليا؟

ما الهدف من قانون الاحتلال لتقليص صلاحيات المحكمة العليا؟
الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٥٨ بتوقيت غرينتش

اكتسبت هيمنة كيان الإحتلال الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية مساحة اكبر  بعد ما طرحت المؤامرة الاميركية المسماة "صفقة القرن".

العالمفلسطين

في هذا السياق، صادق الكنيست الإسرائيلي، مساء الثلاثاء الماضي، بالقرائتين الثانية والثالثة على اقتراح قانون، بادرت إليه وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، يسحب من المحكمة العليا صلاحية النظر بالتماسات الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة عام 67.

ويحدد القانون الجديد وجوب توجه الفلسطينيين، أولًا، إلى محكمة للشؤون الإدارية كانت وزارة العدل الإسرائيلية أقامتها مؤخرًا لمنطقة القدس المحتلة والضفة الغربية، كمحطة تقاضٍ أولى، وهو ما يحول القضايا السياسية الخاصة بالاستيطان والاعتراض عليه، إلى مجرد إشكاليات وقضايا إدارية غير مرتبطة بالبعد السياسي لمشروع الاستيطان كليًا.

وصوّت إلى جانب القانون 56 عضو كنيست، وعارضه 48 نائبًا فقط. وادعت حكومة الاحتلال، في مذكرة شرح القانون أيضًا، أن الهدف هو تخفيف العبء عن كاهل المحكمة الإسرائيلية، ومنع كون التوجه إليها الخطوة الوحيدة في هذا المجال. علمًا بأن التوجه للمحكمة الإسرائيلية العليا من قبل الفلسطينيين يتم عادة لمنع ضرر واقع، ومحاولات استصدار قرارات لوقف تنفيذ سياسات الاحتلال، أو مطالبة الاحتلال بتفسير أسباب ممارسة سياسات تنتهك حقوق الفلسطينيين.

وهذا يتماشى مع محاولات الكيان الصهيوني لدفع السلطة الفلسطينية إلى إعادة إقناعهم بقبول خطة "صفقة القرن" التي ترعاها الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات.

وفقا للخطة الأمريكية المسماة "صفقة القرن"، سيتم تسليم القدس إلى الكيان الصهيوني ولن يحق للاجئين الفلسطينيين العودة الى أراضيهم، وفلسطين لن تملك سوى جزء صغير من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وترى الأوساط السياسية أن صفقة القرن هو مشروع للتخلص بشكل عام من القضية الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى غضب واسع النطاق للشعب الفلسطيني وإدانة دولية.

وصادقت لجنة الدستور والقانون في الكنيست الإسرائيلي مساء الأحد، على مشروع قانون ينقل الصلاحية بخصوص التماسات الأراضي في الضفة الغربية المحتلة إلى المحكمة المركزية في القدس المحتلة.

ويمنع القانون عمليًا الفلسطينيين بالضفة المحتلة من اللجوء للمحكمة العليا، بصفتها محكمة عدل عليا، مباشرة كما كان متبعًا، ويضع قضاياهم أمام اللجنة اللوائية في القدس.

بالإضافة للنظر في منع خروج الفلسطينيين من الضفة (للسفر أو لدخول الأراضي المحتلة, وفي طلبات الحصول على معلومات.

ويمثّل القانون الجديد خطوة جديدة في الضم الزاحف الذي تعكف عليه حكومة بنيامين نتانياهو، من خلال توسيع نطاق نفاذ القانون الإسرائيلي المدني ليطبق في قضايا التخطيط والبناء على أراضي الضفة الغربية المحتلة، التي كان يتم تطبيق قرارات الاحتلال فيها ليس من خلال قوانين الاحتلال، وإنما تطبيقًا لقرارات وأوامر عسكرية يصدرها الحاكم العسكري للضفة الغربية، أو قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، وقائد المنطقة الجنوبية المسؤول عن قطاع غزة، حتى الانسحاب منه عام 2005، بحيث يشكل ما يسمى "منسق أعمال الحكومة" الذراع التنفيذي لهذه الأوامر والتعليمات العسكرية.

وفي أعقاب المصادقة على اقتراح القانون، ادعت شاكيد أن "القانون يطبع الحياة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) وأخيرا لن يكون هناك طريقا مباشرا إلى الالتماس للمحكمة العليا من الضفة الغربية.

وكانت صحيفة هآرتس الصهيونية كشفت أن وزيرة، القضاء شاكيد، عينت القاضية حايا زندبيرغ رئيسة للمحكمة اللوائية في القدس، التي ترأس لجنة شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

وقالت إنه "من الآن سوف ينعم سكان يهودا والسمارة بالحق في التقاضي بجميع المستويات القضائية، من غير الممكن أن يحرموا كباقي المواطنين وأن تقتصر مساحتهم القضائية على المحكمة العليا".

كما ادعت أن اقتراح القانون يهدف إلى تخفيف الضغط عن المحكمة العليا التي يطلب منها معالجة نحو ألفي التماس سنويا.

وتابعت "التماسات اليسار ضد المستوطنات سوف ينظر فيها بدقة وعدل. هدم المستوطنات سيقل، وسيتعزز البناء الاستيطاني.

يُقسم جهاز القضاء في كيان الإحتلال الصهيوني إلى قسمين؛ تتولى المحاكم الإدارية المسؤولية عن متابعة القرارات القضائية داخل الخط الأخضر، في حين تنظر المحكمة العليا في القضايا الواردة من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يعني أن القانون يعتبر من الناحية العملية أراضي الضفة الغربية جزءا من دولة الإحتلال.

ردود أفعال فلسطينية

إلى ذلك، أدان مقرر اللجنة القانونية في المجلس التشريعي الفلسطيني، النائب محمد فرج الغول، القانون الإسرائيلي، معتبرا أن "تقليص صلاحيات المحكمة العليا في متابعة قضايا الفلسطينيين سيضعف من موقفهم في إدانة القرارات الصادرة بحقهم، وذلك انطلاقا من وجود نصوص في الدستور الإسرائيلي يمنع المحاكم الإدارية من الاستئناف أو إعادة النظر في القرارات الصادرة من المؤسسة العسكرية أو الإدارة المدنية.

وأضاف الغول أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تسعى من خلال هذا القانون لتمرير كافة قراراتها العنصرية بحق الفلسطينيين، دون وجود ما يردعها عن ممارسة هذه السياسة العنصرية".

 تذرعت وزيرة القضاء شاكيد بحجتها لتمرير هذا القانون إلى تخفيف العبء الواقع على المحكمة العليا، التي تتعامل مع أكثر من 2000 التماس كل عام.

كما يعتبر الفلسطينيون المحكمة العليا الورقة الرابحة لمواجهة القرارات التي تصدرها السلطات الإسرائيلية بحقهم، حيث كان لها الكثير من القرارات التي صبت في صالحهم، من أبرزها المصادقة على التماس وقف العمل بجدار الفصل العنصري في بلعين، وإدانة عدد من ضباط الجيش بقتل مدنيين عزل في العام 2010، وإصدار قرار قضائي بوقف هدم حي الخان الأحمر حتى إعادة النظر فيه في 15 من آب/ أغسطس القادم.

وفي السياق ذاته، أكد المحامي في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، شريف أبو نصار، أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تحاول دون اكتراث أن تزيل كل العراقيل والعقبات التي قد تقف في مشروعها القائم على نهب الأراضي وتهجير سكانها، تمهيدا لتحقيق هدفها بضم الضفة الغربية إلى دولة"إسرائيل".

وأضاف المحامي أبو نصار، أن "المحكمة العليا الاسرائيلية أصدرت أكثر من 300 قرار قضائي، كما صادقت على استئناف أكثر من ألفي التماس قدم خلالها منذ مطلع القرن الحالي، وقد صبت هذه القرارات في صالح الفلسطينيين، بينما رضخت المحاكم الإدارية لضغوط السلطات الإسرائيلية؛ نتيجة لعدم قدرتها على إدانة أي قرارات تمس الأمن القومي بالنسبة لإسرائيل".

نتانياهو يسعي الي رفع شعبيته

من جانب آخر، رأى الكاتب والمحلل السياسي، خالد العمايرة، أن "سن القانون الإسرائيلي في هذا التوقيت يحمل أهدافا سياسية يسعى من خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه الحكومي لرفع شعبيته أمام الشارع، خصوصا المستوطنين في الضفة الغربية؛ تحضيرا للانتخابات العامة المقررة في العام القادم".

وأضح العمايرة، أنه "بالنظر لتوقيت وظروف المصادقة على هذا القانون التي أتت بعد إصدار المحكمة العليا قرارا بهدم البناء غير القانوني في بؤرتي نتيف هافوت وعمونة الاستيطانيتين، بعد أن تبين أنهما أقيمتا على أراض فلسطينية خاصة، الأمر الذي أثار غضب المستوطنين والحكومة اليمينية الإسرائيلية، لذلك يحاول نتنياهو ووزيرة القضاء تحسين صورتهما أمام الشارع الإسرائيلي.