إلى أين تتجه الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟

إلى أين تتجه الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:٣٥ بتوقيت غرينتش

شهدت العلاقات الصينية الامريكية توترا ومشاكل عديدة مؤخراً فبعد حادثة " جوجل " وبيع الاسلحة الى تايوان" ومشكلة " دلاي لاما "، اندلعت حرب تجارية من جديد بين الدولتين وظهرت ازمة بين الشركات الامريكية المنتجة للدواجن وشركة صينية للتعليب وشرائط التغليف.

العالم - أسیا 

ذكر تشانغ جون البروفيسور في جامعة فودان للتجارة في مقابلة اجرتها له صحيفة "التمويل الدولي " يوم 7 فبراير الحالي ان النزاعات المتكررة التي تشهدها التجارة الصينية الامريكية عام 2010 ستؤثر على بيئة التجارة الخارجية الصينية ومن المرجح ان تزيد من تفاقم الروابط التجارية بين البلدين .

ومن جهة اخرى، اعلنت وزارة التجارة الصينية يوم 5 فبراير الحالي في اطار مناهضة الاغراق عن نتائج التحقيق الاولية التي أظهرت ان الشركات الامريكية تعمدت إغراق السوق الصيني بمنتجات الدجاج من أجنحة وأقدام الدجاج عديمة القيمة تقريبا في السوق الامريكي لكنها وجبة شهية في جنوب الصين. ويعتمد كثيرون من منتجي الدواجن الامريكيين على السوق الصيني لتعظيم ارباحهم. وقد اعلن التحقيق بعد أن فرضت الولايات المتحدة الحمائية على المنتجات الصينية مما فسره البعض ان هذه الخطوة بمثابة " انتقام".

وقد اظهرت بيانات الصادرة من وزارة التجارة الصينية ان الصادرات الامريكية من منتجات الدجاج الى الصين في عام 2008 تجاوزت 700 مليون دولار أمريكي.

وعليه فقد قررت وزارة التجارة الصينية انه ابتداءا من 13 فبراير الحالي فرض تعريفات على الشركات التي ستستأنف القرار نسبة تتراوح من 43.1 % إلي 80.5 % على منتجاتها والشركات التي لن تستأنف القرار ستفرض على منتجاتها تعريفات قدرها 105.4 في المئة وذلك في اطار مكافحة الاغراق.

وبعد يوم واحد من نشر وسائل الاعلام الاجنبية قرار فرض تعريفات على شركات امريكية المنتجة للدواجن جاء قرار وزارة التجارة الامريكية بفرض رسوم حمائية على شركة صينية لتعليب واشرطة حرير لتغليف بنسبة 231% بسبب انخفاض اسعار منتجاتها للغاية.والجدير بالذكر ان امريكا تخطط فرض %4.5 من الضرائب فقط لمنتجات تايوان الصينية التي تعتبر أكبر مصدر لشريط الحرير.

ووفقا لاحصاءات وزارة التجارة الصينية فانه في الاشهر 11 من عام 2009 وصل قيمة المبالغ لقضايا الحمائية الأمريكية ضد المنتجات الصينية الى 5.8 مليار دولار. فان فرض امريكا رسوم حمائية على شركات الحديد و الصلب الصينية سبب خسائر مالية كبيرة للشركات الصينية.

وذكر تشانغ ان بداية الاحتكاك الامريكي الصيني في عام 2001 بسبب الضغوطات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على قيمة اليوان. فمنذ ذلك بدات الاحتكاكات المتكررة والمتزايدة على مستوى التجارة الصينية الامريكية وفي نفس الوقت ظهر اختلاف في الميزان التجاري بين الجانبين وهذه النقطة ايضا واحدة من اهم اهتمامات الولايات المتحدة الامريكية .

يضيف تشانغ :" واذا ما قارنا مع العام 2009 فانه يكاد من المستحيل تحسين الخلافات التجارية الصينية الامريكية. فمن جهة تاثر الاقتصاد الامريكي المحلي بالازمة المالية العالمية ولايزال صعب نسبيا جعل الحكومة الامريكية والكونجرس البحث لايجاد عدد من العوامل الخارجية لتحقيق التوازن التجاري.ومن جهة اخرى فان الصراع الذي شب بين الصين والولايات المتحدة الامريكية باستمرار سوف يؤدي الى تدهور البيئة التجارية بين الجانبين." /

لا يوجد أطراف فائزة من الحرب التجارية فالجميع مهدد بالخسارة ، وسيحاول الطرفان هنا ضمان البقاء وتحقيق مكاسب مالية على حساب الطرف الآخر وهذا ما بدأت الصين القيام به بالفعل ردا على موقف أمريكا بفرض رسوم جمركية على بضائعها ، ومن المتوقع أن تتأثر عدد من الشركات الكبرى والصادرات بهذه الحرب مثل ما سيحدث فى حبوب الصويا الأمريكى الذى تعتمد عليه الصين  كمصدر رئيسى للغذاء تستورده من أمريكا بنسب كبيرة وتصل القيمة لأكثر من 12.3 بليون.الصين: الحرب التجارية مع أمريكا ستجلب كارثة للاقتصاد العالمي.

ويبقى هناك سؤال رئيسي يلوح في الأفق الآن، أكثر من أي وقت مضى، وهو عندما يدخل أكبر اقتصادين في العالم في حرب تجارية، كيف يمكن الخروج منها؟ صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، طرحت هذا السؤال، في الوقت الذي أظهرت فيه الدولتين القليل من الاستعداد للتراجع على مدار الأسابيع القليلة الماضية. فبعد أن أعلن الرئيس ترامب في تغريدة أوائل مارس الماضي، أن "الحروب التجارية جيدة، وسهل الانتصار فيها"، ردت الصين بعد أيام على ذلك في بيان قالت فيه إن "الصين ستقاتل حتى النهاية للدفاع عن مصالحها المشروعة بكافة الإجراءات الضرورية".

وأشارت الصحيفة، إلى أنه بالنظر إلى النزاعات والخلافات التجارية السابقة، مع الوضع في الاعتبار المواجهة الحالية، تظهر عدد من المؤشرات تقول إنه من المحتمل ألا يكون هناك حل سهل.

 أحد الحلول هو اللجوء لمنظمة التجارة العالمية، التي تعمل، نظريًا، على حل أو منع مثل هذه المواجهات التصعيدية، فمسؤوليها على علم بالمخاطر التي يثيرها مثل هذا الصراع، حيث أصدرت بيانًا قوي نسبيًا، بالمقارنة بردود أفعال المنظمات الأخرى التي حاولت أن تظهر نفسها على الحياد. حيث قال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، روبرتو أزيفيدو، في مطلع مارس بعد إعلان ترامب عن خطته المثيرة للجدل إن "الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد"، مضيفًا أن منظمة التجارة العالمية "ستراقب الوضع عن كثب". ولكن المشكلة الحقيقية هي أن كل ما قامت به منظمة التجارة العالمية حتى الآن هو "مراقبة الوضع عن كثب" فقط. فمعظم النزاعات التجارية العادية قد تم حلها في الماضي، من خلال إجراءات تسوية المنازعات التي تتبعها منظمة التجارة العالمية، والتي تعتمد على إحالة الدول الأعضاء قضاياها إلى المنظمة من أجل التوصل لحل.  وبمعنى آخر، فبدلاً من تقديم الشكاوى ضد الدول نفسها، تعمل منظمة التجارة العالمية في الغالب كوسيط أو منصة طوعية للخلافات القضائية.

وفي الوقت الذي لجأت فيه الصين إلى منظمة التجارة العالمية لاتهام الولايات المتحدة، بفرض قيود تجارية بشكل غير عادل على مدى الأشهر الأخيرة، يبدو أن ترامب غير مستعد للانخراط في عملية تسوية النزاع في المنظمة. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه يبدو أن ترامب يقوض عمدًا شرعية تلك العملية، من خلال التأكيد أن خطة تعريفاته تستند إلى مخاوف متعلقة بـ"الأمن القومي"، حيث تنص قواعد منظمة التجارة العالمية على أنه يمكن لإحدى الدول الأعضاء، أن تطالب باستثنائها من التزاماتها التجارية في حالة تعرض أمنها القومي للخطر. كان هذا المنطق غير مستخدم منذ فترة طويلة بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، لأنهم كانوا مدركين للآثار المترتبة على إثارة النزاعات التجارية تحت إطار "الأمن القومي"، كما أنه يجعل منظمة التجارة العالمية لا معنى لها. من جانبه، دافع ترامب عن هذه الإجراءات، مشيرًا إلى أنها مهمة "للأمن القومي"، لأن الولايات المتحدة بحاجة إلى إنتاج المزيد من الفولاذ والألومنيوم لقطاعها الدفاعي، وشكك منتقديه في صحة هذا الإدعاء. ليعود ترامب مرة أخرى ويؤكد أن هذه التعريفات فرضت لخلق وظائف في الولايات المتحدة، ومعاقبة الصين على ما يعتبره الرئيس علاقة تجارية غير عادلة. على الرغم من أن بعض الخبراء يوافقون على أن بعض ممارسات الصين موضع شك، إلا أنهم يؤكدون في الوقت نفسه أن رد فعل ترامب خطير بالقدر نفسه.

ولفتت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه مع عدم القدرة على الوصول إلى حل تفاوضي في إطار منظمة التجارة العالمية، فإن الضرر الاقتصادي والسياسي للنزاع بين الصين والولايات المتحدة سوف يزداد على الأرجح. فبالنسبة إلى كل من القيادة الصينية وترامب، أصبح الإعلان عن فرض التعريفات المتبادلة، تمرينًا على استعراض العضلات بين القوتين السياسيتين. وأضافت أنه ما لم يتفاوض الطرفان على حل، لا يبدو أن هناك طريقة لتراجع أي منهما وحفظ ماء الوجه، وعلى المدى الطويل، قد تكون الاختيارات المتاحة هو الاعتراف بالهزيمة وهو خيار غير محتمل. ويبقى الخيار الثاني وهو عقد اتفاق بين الدولتين لحفظ ماء الوجه، وهو الحل الأكثر احتمالا، خاصة إذا ما ارتفعت الكلفة الاقتصادية للخلاف.

 و ارتأى أحد المحللين الروس (ألكسندر نزاروف) وبما يتوافق معه محللون اقتصاديون كثيرون، أنه يمكن للحروب التجارية فيما لو ذهبت بعيدا، أن تحدث بحد ذاتها ضررا جادا في اقتصادات كل الدول المشاركة فيها، أي في منظمة التجارة العالمية، ويمكن أن يؤدي إلى انهيار جديد في البورصات وإلى أزمة مصرفية عالمية كما حدث في عام 2008، ومع ذلك فإن الخطر الرئيسي هو (الانهيار المحتمل لنظام الدولار نفسه) وقد قام «ترامب» بإرادته الخاصة بالخطوة الأولى نحو ذلك!

وأن العالم واقتصاده لا يزالان يعيشان تبعات تلك الأزمة، فيأتي الرئيس الأمريكي بإجراءاته الأخيرة ضد الصين وروسيا، ليشعل فتيلها الخامد مجددا! ما يعني التسبب في تأثيرات لاحقة على البورصات العالمية وعلى سوق العملات! إلى جانب التسبب في زيادة التضخم العالمي! حيث الاقتصاد العالمي أصبح مفتوحا على بعضه في ظل (العولمة الاقتصادية والتجارية) التي يتم ضربها من أمريكا المتحكمة فيها! وحيث هناك على مستوى العالم (بنوك مركزية رئيسية) تعمل في ظل (خطوط ائتمانية مفتوحة وغير محدودة بينها) إلى جانب التنسيق، لمنع حدوث تغييرات غير قابلة للسيطرة في أسعار صرف العملات

ويبدو أن الولايات المتحدة المتجهة إلى التصعيد في العديد من الملفات الدولية والإقليمية تلجأ على المستوى الاقتصادي والتجاري إلى سياسة (عليّ وعلى أعدائي) فيما الدول الملتزمة بهذا الاقتصاد الرأسمالي العولمي قد تكون أكبر الضحايا!

 قال وزير التجارة الصيني تشونغ شان إن أي حرب تجارية مع الولايات المتحدة ستجلب فقط كارثة للاقتصاد العالمي، في الوقت الذي زادت فيه انتقادات بكين لفرض واشنطن رسوم جمركية على المعادن في ظل مخاوف من أنها قد تلحق أضرارا بالاقتصاد العالمي.

و بعد ضغط مارسه حلفاء الولايات المتحدة، فتحت واشنطن الباب أمام المزيد من الإعفاءات من رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب وعشرة بالمئة على الألومنيوم والتي أقرها الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي.

وحث الاتحاد الأوروبي واليابان الولايات المتحدة على منحهما إعفاءات من الرسوم الجمركية على المعادن، مع دعوة طوكيو إلى ”سلوك متعقل“.

لكن سخط ترامب يستهدف الصين، التي ساعدت الزيادات في طاقتها الإنتاجية في تعزيز الفوائض العالمية من الصلب. وتعهدت الصين على نحو متكرر بالدفاع عن ”حقوقها ومصالحها المشروعة“ إذا استهدفتها إجراءات تجارية أمريكية.

وقال تشونغ على هامش جلسة سنوية للبرلمان إن الصين لا تريد حربا تجارية وإنها لن تبدأ حربا تجارية.

وقال تشونغ ”لا يوجد فائزون في الحرب التجارية...لن تجلب سوى كارثة للصين والولايات المتحدة والعالم“.

وأضاف أن الصين باستطاعتها التعامل مع أي تحديات وإنها ستحمي بقوة مصالحها، لكن البلدين سيواصلان الحديث.

وقال ”لا أحد يريد خوض حرب تجارية، والجميع يعلم أن خوض حرب يؤذي الآخرين ولا يفيده“.

وعزز إعلان ترامب للرسوم الجمركية المخاوف بشأن زيادة الحماية التجارية الأمريكية، وهي المخاوف التي كانت سببا في اضطراب في أسواق المال العالمية خلال العام السابق في الوقت الذي يخشى فيه المستثمرون من أن خلافا تجاريا مدمرا سيقوض التحسن المتزامن للنمو العالمي.

وصدرت أكثر التهديدات صراحة حتى الآن عن قطاع صناعة المعادن الصينية، إذ حث الحكومة على الرد عبر استهداف الفحم الأمريكي، وهو قطاع مركزي لقاعدة ترامب السياسية وتعهده الانتخابي باستعادة الصناعات الأمريكية.