مؤتمر باليرمو حول ليبيا في غياب الكبار!

مؤتمر باليرمو حول ليبيا في غياب الكبار!
الثلاثاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٢:٠٠ بتوقيت غرينتش

يواصل المؤتمر الدولي حول ليبيا أعماله لليوم الثاني على التوالي بمدينة باليرمو في جزيرة صقلية الإيطالية وسط مقاطعة القائد العسكري المشير خليفة حفتر رغم تواجده في المدينة. ويرمي المؤتمر الى دفع خطة اممية جديدة لتحقيق الاستقرار واجراء الانتخابات في ليبيا.

العالم - ليبيا

انطلقت يوم الاثنين فعاليات مؤتمر باليرمو الدولي، من خلال اجتماعات مصغرة لعدة أطراف وبمشاركة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، في إطار محاولات لإحياء جهود الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات في ليبيا.

ورسم غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي صورة تعكس مأزقا سياسيا دائما، وقال "إن عددا لا حصر له من الليبيين ضاقوا ذرعا بالمغامرات العسكرية والمناورات السياسية التافهة" من قبل الأطراف الفاعلة على الأرض.

ويشارك في المؤتمر ممثلون عن دول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة، كما يحضره ممثلون عن دول عربية ويستمر ليومين.

واعتبر رئيس الوزراء الإيطالي، أن المؤتمر المنعقد في بلاده حول ليبيا، يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته.

المتغيبون الكبار

اعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة في شرق ليبيا، أن حفتر في باليرمو غير أنه لا علاقة لهذه الزيارة بالمؤتمر الذي تستضيفه البلاد حول الأزمة الليبية.

وفيما يغيب المشير خليفة حفتر من مؤتمر باليرمو الدولي بشأن الأزمة الليبية، لا تبدو حظوظ النجاح أمامه قوية، خاصة مع تغيب قادة روسيا وألمانيا وفرنسا.

وكان رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتى يأمل في أن يشارك في هذه القمة التي بدأت الاثنين 12 نوفمبر لتستمر يومين، "قادة من أمثال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".

وأفاد موقع "دويتشه فيله" بأن باريس سيمثلها في هذا المؤتمر الدولي وزير الخارجية إيف لو دريان، فيما سترسل واشنطن وبرلين "مسؤولين على مستوى أدنى. وقد يكون ذلك بمثابة عدم إبداء كثير من التقدير لـ(كونتى) شخصيا، الذي أكد قبل ثلاثة أسابيع علانية على حضور ميركل على تويتر، فيما من المقرر أن يمثل الحكومة الألمانية وزير دولة مغمور بوزارة الخارجية، هو نيلز أنين"، أما روسيا فسيمثلها رئيس وزرائها دميتري مدفيديف.

ورأت في هذا السياق كلوديا جاتسيني وهي خبيرة في الشؤون الليبية في المجموعة الدولية للأزمات، أنه "بسبب عدم وجود الكثير مما يمكن أن يفرزه مؤتمر باليرمو، فليس من المستغرب أن العديد من الزعماء لا يعيرونه اهتماما، مضيفة في تصريح  لوكالة الأنباء الألمانية "لقد ولد المؤتمر بشكل رئيسي من رغبة إيطاليا في إظهار قيادتها وموازنة نفوذ فرنسا المنافس بشأن ليبيا، وليس بسبب وجود تطورات على الأرض بررت ذلك".

ويعتبر خليفة حفتر الذي قاطع مؤتمر باليرمو الدولي حول ليبيا رغم مجيئه إلى صقلية، شخصية محورية وينتهج سياسة مثيرة للجدل في البلد الغارق في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

ويقدم حفتر (75 عاما) الذي يغطي الشيب شعره نفسه بانه "منقذ" ليبيا، لكن خصومه يتهمونه بتدبير الانقلابات وإقامة نظام عسكري "دكتاتوري" جديد في ليبيا.

حفتر الذي يتحدث بهدوء واختصار وقلما يبتسم للمصورين، لم يكشف علنا أسباب مقاطعة مؤتمر باليرمو.

وتقول أوساط الوفد المرافق لحفتر إنه يرفض الجلوس حول طاولة واحدة مع بعض المشاركين الذين يعتبرهم قريبين من التيار المتطرف، عدوه اللدود.

وصرح جلال هرشاوي الخبير في الشؤون الليبية في جامعة باريس الثامنة، أن "حفتر ليس متساهلا وهذا ما كان عليه في الماضي. هذا الموقف سيف ذو حدين لأنه يلفت الأنظار ويبرز مكانته، لكن محاوريه الذين يهينهم سيتذكرون ذلك دائما". 

وحفتر نجح في بسط سيطرته على المنطقة الشرقية في البلاد بعد معارك دامية مستمرة منذ أربع سنوات وفرض نفسه المحاور الأبرز في الملف الليبي.

يقود حفتر منذ ايار/مايو 2014، عملية "الكرامة" التي تهدف الى القضاء على الجماعات المسلحة في مدينة بنغازي على بعد الف كلم شرق طرابلس، ومناطق اخرى في الشرق.

وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي نجح في السيطرة على المدينة في تموز/يوليو 2017 بعد معارك ضارية استمرت ثلاث سنوات.

وتاكيدا على أنه الرجل القوي في البلاد أعلن هجوما على مدينة درنة الوحيدة التي تفلت عن سيطرته وفي نهاية حزيران/يونيو أعلن "تحريرها" من الجماعات المسلحة التي كانت تسيطر عليها منذ 2011.

روسيا: لا بديل للعملية التفاوضية في ليبيا

وفي جانب أخر أكد النائب الأول لمدير جهاز الحكومة الروسية، سيرغي بريخودكو، اليوم الثلاثاء، أنه لا يوجد بديل للعملية التفاوضية في ليبيا وينبغي على جميع الأطراف مواصلة الحوار لإيجاد حلول وسط.

وقال بريخودكو: "نعتقد أنه لا بديل للعملية التفاوضية في ليبيا وينبغي على جميع الأطراف مواصلة الحوار لإيجاد حلول وسط، والارتكاز على اتفاق الصخيرات، كونه الأساس الوحيد للتوصل إلى تسوية طويلة الأمد، وما نص عليه على وجه الخصوص، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2434، الذي تم تبنيه في 13 سبتمبر".

كما أعلن النائب الأول لمدير جهاز الحكومة الروسية، أن روسيا تتواصل مع كل الأطراف في ليبيا ولا تدعم أي طرف دون الآخر وتسترشد بمصلحة الحفاظ على سلامة أراضي ليبيا.

"مؤتمر باليرمو يأتى فى هذا الإطار "!

قال حسين مفتاح الباحث السياسي الليبي، إن الليبيين لا يعولون على مؤتمر باليرمو، وذلك بناء على المعطيات التي سبقت انعقاده، جاء ذلك تعقيبًا على المعلومات التي وردت بأن قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر سوف يحضر الشق الأمني لاجتماعات باليرمو بشأن ليبيا والذى ترأسه روسيا وايطاليا ويشارك فيه الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي والتونسي الباجي قائد السبسي والتشادي إدريس ديبي وذلك بالتزامن مع المؤتمر الخاص بليبيا.

وأضاف مفتاح خلال مداخلة صوتية على شاشة "الغد"، أن هذا المؤتمر دعت له السلطات الإيطالية بشكل منفرد، لافتًا إلى أن هناك تخوفات من الهدف الإيطالي الذى دفعها لعقد مثل هذا المؤتمر.

وأوضح الباحث السياسي الليبي، إلى أن السلطات الإيطالية دعت لمؤتمر باليرمو للرد على لقاء باريس الذى عقد في شهر مايو الماضى، حيث يأتي هذا المؤتمر في إطار منافسة بين فرنسا وإيطاليا على النفوذ فى ليبيا، مشيرًا إلى أن هناك محاولات من جانب المسؤولين الإيطاليين بالعمل على دعم فكرة تأجيل الانتخابات التى كان الليبيون يعولون عليها بشكل كبير.