ماهر مِطرب:"أبلغ رئيسك.. المهمة انتهت"..

ماهر مِطرب:
الثلاثاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠١:١٠ بتوقيت غرينتش

هكذا جاء مضمون اتصال أجراه ضابط الاستخبارات السعودي "ماهر مِطرب"، الذي قاد عملية اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي"، داخل قنصلية المملكة بإسطنبول، بمساعد لوليّ العهد السعودي "محمد بن سلمان"، وفقا لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن  3 أشخاص على صلة بالتحقيقات في جريمة الاغتيال.

العالم - السعودية

لم تكشف الصحيفة الأمريكية عن أسماء مصادرها أو عن اسم مساعد ولي العهد السعودي المذكور، ما أعطى مؤشرا على أن جعبة التسجيلات التركية لجريمة الاغتيال لا تزال مليئة بالجديد، بحسب مراقبين.

فالإشارة إلى أن المصادر على صلة بالتحقيقات حول الجريمة يؤشر إلى أنهم أتراك، وهو ما يؤكد أن ما اطلعت عليه أجهزة الاستخبارات حول العالم بشأن القضية لا يمثل كامل الأدلة بحوزة أنقرة.

ويفضي هكذا استنتاج إلى آخر مفاده أن الارتكان السعودي في الأسابيع الماضية على استراتيجية المماطلة كخيار لـ"تبريد" القضية وتحويل الانتباه العالمي عنها لن يجدي نفعا، وأن تركيا لا تزال تملك زمام المبادرة بها.

تدويل وانتقائية 

ويتمثل أفق هذه المبادرة في مسارين، بحسب مراقبين، الأول هو اتجاه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى توسيع نطاق "تدويل" القضية عبر عرض مزيد من التسجيلات على أجهزة الاستخبارات والمسؤولين حول العالم.

والثاني هو الاحتفاظ دائما بمحتوى معلوماتي موثق يمثل رصيد ضغط لدى أنقرة في حال استمرت المماطلة السعودية من جانب، أو عادت محاولات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للتغطية على مسؤولية الجريمة من جانب آخر.

هذا ما أشارت إليه "نيويورك تايمز" عندما رجحت أن يكون لدى السلطات التركية أكثر من تسجيل يقدم أدلة دامغة على من نفذ عملية الاغتيال ومن أمر بها، وأنها أطلعت الأطراف الدولية على ما لديها من معلومات بشكل انتقائي.

وبدا ذلك واضحا من سياق ما نقلته الصحيفة عن المسؤولين في الرياض، الذين أنكروا أن "بن سلمان"، لديه أي معلومات عن ما جرى لـ"خاشقجي"، وعلقوا على عبارة "قل لرئيسك" بالقول إن "الأتراك سمحوا للمخابرات السعودية بسماع تسجيلات، وإنه لا توجد أي إشارة إلى هذه العبارة".

وإذا كان تسريب "نيويورك تايمز" الأخير أول انتقال بالتسجيلات التركية إلى مستوى يدين "بن سلمان" شخصيا في جريمة الاغتيال، فإن قراءة استراتيجية أنقرة في التعامل مع القضية تفضي إلى استنتاج مفاده أن أدلة أكثر دمغا لاتزال بيد الأتراك.

وبدا من سياق تتابع أحداث القضية، أن مؤسسات الدولة الأمريكية العميقة، وفي القلب منها الاستخبارات المركزية (CIA)، تدرك استراتيجية الأتراك في تسريب المعلومات "بالتنقيط" وفي توقيتات اختاروها بعناية بعد توفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي لها على المستوى الدولي أولا.

أمريكا العميقة 

ولعل ذلك هو ما يقف وراء تأكيد الصحيفة الأمريكية على أن المخابرات المركزية تعتقد أن كلمة "رئيسك" في تسجيل مكالمة "مطرب" كانت إشارة إلى "بن سلمان".

فمديرة الاستخبارات الأمريكية "جينا هاسبل" كانت ضمن عمليات توفير الغطاء سالفة الذكر، وهي تدرك أن ما استمعت إليه في زيارتها الأخيرة لأنقرة ليس سوى "جزء" من التسجيلات التي تملكها تركيا.

ومن شأن ذلك أن يكثف ضغط مؤسسات الدولة الأمريكية على البيت الأبيض، الذي بدا مرتكنا، خلال الأيام الماضية، إلى على عدم وجود دليل ملموس على تورط "بن سلمان" في الأمر باغتيال "خاشقجي"  للحفاظ على علاقته بولي العهد السعودي.

هذا ما يمكن قراءته من اتجاه "أردوغان" إلى الحديث عن مضمون "التسجيلات" لأول مرة، واصفا إياها بـ"الفظيعة"، ومتعهدا بتعقب القضية دوليا، لمحاسبة القتلة.

لم يعد عامل الوقت في صالح السعوديين كما ظنوا، وباتت مساعي "ترامب" لتنحية "بن سلمان" عن مسؤولية القضية تواجه ضغوطا صلبة من مؤسسات الدولة الأمريكية من جانب، ومن مجلس النواب، الذي انتقلت أغلبيته إلى الحزب الديمقراطي بعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، من جانب آخر.

وإزاء ذلك، فإن الأيام القادمة حبلى بالجديد والمفاجئ في جريمة اغتيال "خاشقجي" على الأرجح.