تحطم اسطورة الجيش الذي لا يقهر

تحطم اسطورة الجيش الذي لا يقهر
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٠ بتوقيت غرينتش

لقد انتهت أسطورة أو كذبة الجيش الذي "لا يُقهر" مرة اخری عندما اطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية 400 صاروخ نحو اسرائيل واثبتت للعالم انها استطاعت تطوير قدراتها وصولا لفهم طريقة التعامل مع الجيش الإسرائيلي والتمكن في محطات عدة من توجيه ضربات قاسية ومدروسة له.

العالم- تقارير     

والحقيقة أن الرسائل من خلال هذه الضربات أقوى بكثير من نتيجتها من حيث حجم الخسائر.

وإذا كان هذا القصف الصاروخي الباهر قد ظهر في نصف يوم فحسب، فلا يمكن توقع الحال في حين توسعت دائرة المواجهة. فالمقاومة الفلسطينية لديها الكثير من المفاجآت التي لا يمكن الإفصاح عنها، والتي ستشكل صدمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي إن فكر بالتوغل وتوسيع عدوانه على قطاع غزة.

واعتبر مصدر في المقاومة الفلسطينية أن دقة الصواريخ وكثافة إطلاقها وتركيزها وحملها للرؤوس المتفجرة الثقيلة وإصابتها لأهدافها وإيقاعها خسائر فادحة ما هو إلا شيء بسيط مما لدى المقاومة الفلسطينية التي طورت قدراتها بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

من جهته، يرى الباحث السياسي عبد الحميد صبرة أن قدرات المقاومة وتكتيكاتها اختلفت هذه المرة، فإطلاق المقاومة نحو أربعمئة صاروخ في غضون 12 ساعة هو رقم غير مسبوق في تاريخ الصراع، إضافة إلى تجاوز الصواريخ القبة الحديدية وإصابتها أهدافها بشكل مباشر في معظم الرشقات.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية كررت حديثها في وقت سابق عن تطور أداء المقاومة الفلسطينية، فقد ذكر موقع مفزاك لايف الإسرائيلي في فبراير/شباط الماضي أن حماس تمتلك أكثر من 15 ألف صاروخ بمدى وأحجام مختلفة، ونحو ألف صاروخ بعيدة المدى يصل مداها إلى حيفا وغوش دان، وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي.

وأضاف الموقع أن حركة حماس لا تزال تبني وتطور منظومتها العسكرية، ولا سيما في تصنيع الأسلحة والقذائف الصاروخية مختلفة المدى.

وإضافة إلى الصواريخ تمتلك المقاومة الفلسطينية سلاحا إستراتيجيا هو سلاح الأنفاق الأرضية الذي كبد الاحتلال الإسرائيلي خسائر مادية فادحة، إضافة للخسائر البشرية والمعنوية خلال حرب 2014.

وعلی اعلان وقف اطلاق النار بين اسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية قدم وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان استقالته من منصبه واعتبرت فصائل المقاومة هذه الاستقالة اعترافا بالهزيمة.

وقال ليبرمان في مؤتمر صحفي إن قراره جاء على خلفية موافقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار وبسبب قرار نتنیاهو السماح بادخال 15 مليون دولار من دولة قطر الی غزة.   

وأوضح ليبرمان أن قراره يعود أيضا إلى خلافه مع نتنياهو بشأن قضايا عدة، منها تأجيل إخلاء منطقة الخان الأحمر على نحو لم يُبقِ أمامه مجالا للاستمرار في هذه الحكومة.

وأضاف ليبرمان: "هناك عدم وضوح في الرؤية السياسية والأمنية للحكومة الحالية، وحان الوقت لتقديم موعد الانتخابات".            

وأفاد مقربون من نتنياهو بأنه في حال استقالة ليبرمان فإن الکنيست قريبا وستجرى الانتخابات في الأشهر القادمة.

وتأتي أهمية هذه الاستقالة في وقت کان من المقرر أن يدشن في المستقبل القريب الخطة المسماة بـ"صفقة ترامب" وفق غرینبلات الممثل الخاص لترامب في موضوع وقف إطلاق النار.

وأكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سامي أبو زهري أن استقالة وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان هي اعتراف بالهزيمة، والعجز في مواجهة المقاومة الفلسطينية.

وشدد علی أن استقالة ليبرمان انتصار سياسي لغزة التي نجحت بصمودها في إحداث هزة سياسية في ساحة الاحتلال.

من جانبه وصف مسؤول المكتب الإعلامي لحرکة الجهاد الاسلامي داوود شهاب استقالة ليبرمان في بيان بأنها من التداعيات السريعة لفشل الاحتلال، وأنها اعتراف بهزيمته.

ورأى شهاب أن ليبرمان كان أعجز من أن يقف في وجه المقاومة الفلسطينية، متوقعا مزيدا من التداعيات للهزيمة السياسية التي مُني بها الاحتلال الاسرائيلي، حسب قوله.

وأكد اسماعیل هنية -في بيان صحفي مقتضب- أن فصائل المقاومة دافعت عن شعبها ونفسها أمام العدوان الاسرائيلي.کما قالت حرکة الجهاد الاسلامي إن الاٍرهاب الإسرائيلي لن يوقف المقاومة، بل سيجعل الخيارات أمامها خيارات واسعة للرد.

ومهما يکن من امر فالمقاومة أثبتت في كلِّ المراحل قدرتَها على مفاجأة العدو واستعدادها وأنها في حالة دفاع عن النفس وتقوم بواجبها في رد العدوان عن الشعب الفلسطيني المظلوم، ولديها الشجاعة والجرأة على الرد على عدوان الاحتلال وتثبيت المعادلات التي رسختها بالميدان، وقدرتها على تحطيم رغبة العدو بالاستمرار بالعدوان وتحقيق المفاجأة والمحافظة على زمام المبادرة. 

کما يدلل ما حدث على أن المقاومة باتت تمتلك تصورًا واضحًا ودقيقًا لإدارة المعركة من خلال تحديد الهدف وما صاحب ذلك من جهد استطلاعي ودقة في الإصابة مصحوب بتصوير شامل للهدف وما حوله ومعرفة الثغرات لدى العدو وطبيعة عملها وأهدافها وهو ما أكسب الاعلام العسكري هيبة ومصداقية عالية لدى الجماهير الفلسطينية.

 وثبت مرة اخری أن الاحتلال يفتقد للرؤية الواضحة في التعامل مع غزة ومقاومتها، وكان إخفاقه في هذه المواجهة مركباً سواء بالجانب الاستخباري أو العملياتي.

ومع استقالة وزير الحرب الإسرائيلي وعجزه عن مواجهة حماس يجب علی القادة العرب الرد على الرأي العام في العالم الإسلامي علی خلفية تسارعهم إلی التطبیع مع إسرائيل وتنافسهم في ذلك مع البعض، في حين أن هذا الکيان یتلقی الفشل المرير من الشمال إلی الجنوب.

فقدت أسطورة أمن إسرائيل هذه الأيام لونها، فيما باتت النزاعات والانشقاقات الداخلية بین الصهاینة تتجلی بوضوح في أشد ألوانها وأشکالها.  

إن استقالة ليبرمان من منصبه في التشکيلة الحكومية معناها هزيمة الائتلاف.. وهزيمة الائتلاف تعني أنه لم يبق وقت طويل علی رحيل نتنياهو وسقوط حکومته.

فهنيئًا للشعب الفلسطيني انتصاره على عدوه، وهنيئًا له تحطيمه مرة اخری لأسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وهنيئًا له أن حظي بشرف المقاومة.

د.نظري