المعاهدة النووية.. موسكو ترد على مهلة واشنطن وتهديدها بالانسحاب

المعاهدة النووية.. موسكو ترد على مهلة واشنطن وتهديدها بالانسحاب
الأربعاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٤٦ بتوقيت غرينتش

فيما أمهل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، موسكو 60 يوما لـ"العودة إلى التزاماتها"، بموجب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة لم تقدم دليلا حتى الآن على أن موسكو تنتهك التزاماتها.

العالم تقارير

وقعت أمريكا وروسيا معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى "معاهدة القوى النووية المتوسطة" (أي إن إف) عام 1987، وتعهد الطرفان الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، بعدم صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، وتدمير كافة منظومات الصواريخ، التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000-5500 كيلومتر، ومداها القصير ما بين 500─1000 كيلومتر.

وبحلول مايو/ آذار 1991، تم تنفيذ المعاهدة بشكل كامل، حيث دمر الاتحاد السوفياتي 1792 صاروخا باليستيا ومجنحا تطلق من الأرض، ودمرت الولايات المتحدة الأمريكية 859 صاروخا. وتشير نصوص المعاهدة إلى أنها غير محددة المدة، ويحق لكل طرف منها الانسحاب بعد تقديم أدلة مقنعة للخروج، بحسب موقع "أرمز كنترول" الأمريكي.

وبدأت المفاوضات بين أمريكا والاتحاد السوفييتي للحد من الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى من كلا الطرفين، واستقر الأمر إلى عدم نشر واشنطن صواريخها في أوروبا مقابل خفض موسكو لعدد الصواريخ، واستمرت المناقشات حول بنودها إلى أن دخلت حيز التنفيذ رسميا عام 1988.

هدف واشنطن من الانسحاب من المعاهدة

وتقول مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن واشنطن تلقي اللوم على روسيا، في إعلانها المحتمل الانسحاب من المعاهدة النووية، بزعم انتهاك موسكو للمعاهدة، مضيفة: "لكن هدف واشنطن من الانسحاب من الاتفاقية هو الدخول في حقبة جديدة من المنافسة الاستراتيجية مع الصين في مياه المحيط الهادئ جنوب شرق آسيا، بحسب المجلة".

ولأن الصين لم توقع على المعاهدة، فإنها تقوم بتطوير قدرات صاروخية تعتبرها واشنطن تهديدا لقواتها في المحيط الهادئ، جنوب شرق آسيا.

واشنطن تقول انها امهلت روسيا 60 يوما

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة ستعلّق التزاماتها بموجب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى في غضون 60 يوما "إن لم تلتزم موسكو بمسؤولياتها".

وأكد بومبيو، في تصريح أدلى به أثناء اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل، أن الولايات المتحدة خلال هذه الفترة لن تختبر أو تنشر أي منظومات صاروخية جديدة.

وأشار بومبيو إلى أن مفتاح إنقاذ المعاهدة في أيدي روسيا وحدها، مضيفا إنه إذا لم تعد موسكو إلى التزاماتها خلال الفترة المذكورة فسوف تطلق الولايات المتحدة إجراءات الانسحاب من المعاهدة والتي ستستغرق ستة أشهر.

واتهم وزير الخارجية الأمريكي روسيا بخرق الالتزامات المترتبة عليها بموجب المعاهدة، قائلا إن منظومة SSC-8 الصاروخية (المعروفة أيضا بـ "9 أم 729") تشكل خطرا على أوروبا.

وذكر بومبيو أنه لم يعد من المعقول من الناحية الاستراتيجية أن تلتزم الولايات المتحدة بالمعاهدة من جانب واحد، مؤكدا أن واشنطن ستبحث مع الدول الأوروبية الخطوات المقبلة إزاء الموضوع.

واشنطن لم تقدم دليلا على اتهامها لموسكو

من جهتها قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة لم تقدم دليلا حتى الآن على أن موسكو تنتهك معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى لكنها قالت إنها مستعدة لمواصلة بحث الأمر مع واشنطن.

وجاء ذلك على لسان متحدثة وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، ردا على اتهام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، لبلادها بارتكاب حيل في ما يخص الالتزام بالمعاهدة.

وأوضحت، في إفادة صحفية، أن السفارة الأمريكية في موسكو سلمت روسيا مذكرة تقول فيها إن واشنطن ستنسحب من المعاهدة ما لم تبدأ موسكو بالالتزام بها.

وأضافت "تم تسليم هذه الوثائق لإجراء المزيد من البحث. ومرة أخرى توجد فيها ادعاءات لا أساس لها بشأن انتهاكنا المزعوم لهذه الاتفاقية. قلنا مرارا إن هذا محض تخمين ولم يتم تقديم دليل لنا".

الناتو يتهم روسيا بانتهاك معاهدة الصواريخ

واتهم حلف الناتو روسيا بانتهاك معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى الموقعة بين موسكو وواشنطن في عام 1987.

وجاء في بيان صادر عن اجتماع وزارة خارجية دول الحلف، أن "الحلفاء توصلوا للاستنتاج بأن روسيا قامت بتطوير ونشر منظومة صاروخية من نوع "9 أم 729"، وهي تنتهك معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى وتمثل مخاطر جدية على الأمن الأوروبي – الأطلسي".

وأضاف البيان: "نحن نؤيد بقوة استنتاجات الولايات المتحدة بأن روسيا انتهكت التزاماتها تحت معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى".

الناتو يتجهز لفترة لا توجد فيها المعاهدة 

وبدوره أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، عن أسفه من احتمالية انتهاء معاهدة الصواريخ، مشيرا إلى أنها ساعدت الحلف في مراقبة الأسلحة، كما طالب روسيا بالامتثال للمعاهدة.

وقال ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي من بروكسل، "أندم على أننا نرى نهاية محتملة لهذه المعاهدة، لأنها مكنتنا من التحكم بالأوضاع ومراقبة الأسلحة وتصنيعها".

وأضاف: "ندعو روسيا إلى أن تغتنم الفرصة الأخيرة وتلتزم. ولكننا يجب أن نجهز أنفسنا لفترة لا توجد فيها معاهدة مراقبة الأسلحة".

أعضاء مجلس الشيوخ.. هدية لروسيا

وجه أعضاء ديمقراطيون بمجلس الشيوخ، تحذيراً إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من أن يشكل انسحابه من معاهدة حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى الموقعة مع موسكو، بمثابة "هدية لروسيا"، وتضمنت رسالة اعضاء مجلس الشيوخ الأتى: "على الرغم من أننا نفهم المشاكل المرتبطة بإجبار روسيا على وقف انتهاك هذه المعاهدة، فإن القرار المفاجئ لانسحاب الإدارة من جانب واحد، هو بمثابة هدية سياسية وجيواستراتيجية لروسيا".

وحسب رأيهم، فإن مثل هذه الخطوة قد تصرف الانتباه عن "السلوك الخبيث لروسيا" وتؤكد الحديث بأن الولايات المتحدة "مستعدة للتخلي عن التزاماتها من جانب واحد دون أي بديل استراتيجي".

كما اعتبر أعضاء مجلس الشيوخ، أن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى يسمح لروسيا "بتوسيع إنتاج ونشر صواريخها متوسطة ​​المدى، والذي سيشكل تهديدا إضافيا لأوروبا".

وخلص أعضاء مجلس الشيوخ إلى القول: "قبل اتخاذ خطوات لسحب أو تعليق المشاركة في معاهدة الحد من الأسلحة النووية، فإننا نحثكم وإدارتكم على التفاعل مع الكونغرس حول تداعيات هذه الخطوة على الاستقرار الاستراتيجي وعلاقاتنا مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين".

روسيا تدس تعزيز قدراتها القتالية

وأعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن بلاده تدرس اتخاذ تدابير لزيادة القدرات القتالية للقوات المسلحة الروسية في سياق سباق التسلح المتزايد المتعلق بخطط الولايات المتحدة بالانسحاب من معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.

وقال شويغو، خلال لقاءات مع القيادات العسكرية، "إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد الشهر الماضي سلسلة اجتماعات في سوتشي مع قيادة وزارة الدفاع والشركات الرائدة في المجمع الصناعي العسكري الروسي لهذا الغرض".