شمال سوريا.. بين مجازر "التحالف" واهدافه من دعم "قسد"

شمال سوريا.. بين مجازر
الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٤٠ بتوقيت غرينتش

تواصل ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، تقدمها في الجيب الأخير الذي يتحصن فيه مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي في ريف دير الزور الشرقي، بالتزامن مع تواصل مجازر "التحالف الدولي" غير الشرعي بحق المدنيين في اطار المؤامرة الامريكية التي تحاك ضد وحدة اراضي سوريا.

العالم - سوريا

اعتدت طائرات تابعة لـ«التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بزعم محاربة داعش بصواريخ عدة على منازل سكنية في مدينة هجين في شرق الفرات ما أسفر عن 8 قتلى من عائلة واحدة ووقوع عدد من الجرحى وكان من بين القتلى 3 نساء وطفلتان.

وعاد طيران «التحالف» واستهدف مساء أول من أمس مشفى هجين بريف دير الزور الجنوبي الشرقي ما تسبب بتدمير المشفى بشكل كامل.

وذكرت مواقع إلكترونية معارضة أن «قسد» أطلقت معركة جديدة بالاشتراك مع مليشيا «جيش الثوار»، في ريف دير الزور الجمعة الماضي، للسيطرة على آخر معاقل تنظيم داعش شرق البلاد، بدعم من طيران «التحالف».

وصباح أمس، لفت ما يسمى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض إلى أن قصفاً عنيفاً لطائرات «التحالف» طال مناطق في الجيب الأخير لداعش في هجين.

وأوضح، أن قصف «التحالف» المستمر من 10 أيلول الماضي تسبب بمقتل 317 مدنياً بينهم 113 طفلاً و72 مواطنة، ومن ضمنهم 180 مواطناً سورياً بينهم 76 طفلاً و43 مواطنة من الجنسية السورية.

وتضاف مجازر «التحالف» السابقة إلى العشرات من مجازره خلال الأشهر الأخيرة التي طالبت سورية أكثر من مرة عبر رسائل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل لوقفها، وإنشاء آلية دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق فيها بعدما أودت بحياة آلاف المدنيين السوريين منذ تشكيل «التحالف» خارج مجلس الأمن في آب 2014.

وأكد «المرصد»، استمرار «قسد» بعمليات تمشيط للمناطق التي سيطرت عليها في هيجن، والتي تعدت نسبة 70 بالمئة من المدينة.

كما أكد «المرصد» تواصل القصف بشكل عنيف ومكثف، بين الجانبين على حين أوضحت مواقع إلكترونية معارضة، أن «قسد» سيطرت على حي حوامة في هجين بعد أيام من المعارك العنيفة مع داعش.

بدورها قالت صفحة (الشرقية24) " إن الغارات الجوية ماتزال مستمرة من قبل التحالف على مدينة هجين"، وسط اشتباكات بين تنظيم داعش وميليشيا قسد.

وأشارت المواقع إلى أن حي حوامة الذي سيطرت عليه «قسد»، يعتبر ثالث أحياء مدينة هجين من جهة البادية، وبلغت نسبة الدمار في الحي حوالي80 بالمئة، بسبب القصف الجوي المستمر عليه من قبل التحالف طيلة الأسبوع الماضي.

وتعد مدينة هجين خط دفاع أول لتنظيم داعش ونزح أغلب سكانها مع اشتداد المعارك باتجاه ما تبقى من مناطق خاضعة للتنظيم أقسى شرق دير الزور، وخاصة بلدة الشعفة، ومنهم من استطاع الخروج إلى مناطق قسد عبر المهربين، جراء منع التنظيم للمدنيين من مغادرة مناطق سيطرته.

بلدة هجين تقع على ضفة نهر الفرات الشرقية شمال مدينة البوكمال بـ 30كم وترضخ تحت سيطرة تنظيم داعش ضمن الجيب الأخير للتنظيم الممتد بين الحدود العراقية ونهر الفرات أو ما اصطلح على تسميته بـ"شرق الفرات" والبلدة تتبع إداريا لمحافظة دير الزور.

تنظيم داعش الموجود في البلدة يستميت في القتال عنها على الرغم من أن تنظيم داعش المتواجد في المنطقة يتلقى دعما واضحا من القوات الأمريكية انطلاقا من قاعدة التنف العسكرية الأمريكية فهو يستخدم الألغام بكثافة والمفخخات والانتحاريين في صد هجمات قوات "قسد" على البلدة.

وأوضح «المرصد»، أن عدد قتلى التنظيم منذ 10 أيلول الماضي وصل أمس 837 مقابل مقتل 500 من مسلحي «قسد».

وإضافة إلى مجازر «التحالف» ترافق تقدم «قسد» مع نزوح مئات المدنيين، بحسب مواقع إلكترونية معارضة، أوضحت أن عشرات العائلات فرت خلال اليومين الماضيين من مناطق سيطرة داعش شرق دير الزور، مبينة أن نحو 150 مدنياً أغلبهم أطفال ونساء استطاعوا الخروج من هجين وبلدة السوسة، وفي المقابل زعمت مواقع كردية أن «قسد» نقلتهم إلى مناطق «آمنة».

لطالما ادعى التحالف الامريكي الذي اسس من خارج مجلس الامن وبدون موافقة الحكومة السورية، الشرعية على اساس انه يحارب تنظيم "داعش" الارهابي ويدعي دعمه لما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" لتوفير غطاء شرعي على افعاله. لكن الحقيقة ان الذي يستهدفهم طيران التحالف هم المدنيين فقط.

الخاسر الوحيد من هذه المعارك حتى الآن هم المدنيون العالقون ضمن البلدة والذين يستخدمهم داعش دروعا بشرية حيث قتل منهم المئات حتى الآن نتيجة المعارك والقصف واستخدام القنابل الفوسفورية من قبل التحالف في قصف البلدة.

تساؤلات عديدة تدور حول هذه المعركة فالأمريكي يدعم الطرفين فيها ويستخدم سلاح الطيران بقصف البلدة ولا يتوانى عن استخدام طائرات استراتيجية أيضا في القصف كما أظهرت الصور طائرة حربية أمريكية من طراز B1 لانسر تحلق فوق هجين.

وزارة الدفاع الروسية قالت إن تنظيم داعش يقوم بتصنيع مواد سامة داخل أحد المشافي في دير الزور.

وبينما اعتبر المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا جيمس جيفري أن دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد تكتيكي ومؤقت اعلنت روسيا بان اميركا تحاول تقسيم سوريا وايجاد كيان كردي فيها.

وبصدد خريطة الطريق حول منبج، قال جيفري: الولايات المتحدة تجري تدقيقا أمنيا من خلال وفائها بالتزامها بمغادرة المسلحين الأكراد منبج، وعدم وجودهم ضمن المجالس المحلية والموظفين العسكريين المحليين هناك.

وأضاف: "حتى نهاية العام، سنتخذ بعض الخطوات للتأكد من أننا نضمن المعايير في أقرب وقت ممكن. بعض الخطوات ستكتمل بحلول نهاية ديسمبر الجاري".

وأكد جيفري، أن التعاون حول منبج أصبح نموذجا لإحلال السلام في سوريا، حيث "من غير الممكن إيجاد حل نهائي هناك دون تعاون وثيق بين الولايات المتحدة وتركيا".

وأشار إلى أنه سيجري بحث المناطق الأخرى التي يمكن تطبيق نموذج منبج عليها، خلال مرحلة التخطيط المشترك الذي يتضمن دعم تركيا في إدلب أيضا.

وفي رده على سؤال حول نقاط المراقبة التي تعتزم واشنطن إقامتها على الحدود السورية الشمالية (مع تركيا) شرقي الفرات، لفت إلى أن الهدف من النقاط هو ضمان أمن تلك المنطقة بما فيها أمن تركيا، وتابع: "هدف نقاط المراقبة هو الحث على التخلي عن إطلاق نيران التحرش، ولن تنشر لغرض القتال، بل هي نقاط مراقبة" حسب تعبيره.

وحول التعاون مع المسلحين الأكراد، قال: "دائما نؤكد أن عملنا مع قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش مؤقت، وتكتيكي".

وطالبت سوريا مراراً عبر عشرات الرسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها طيران "التحالف الدولي" غير الشرعي بقيادة الولايات المتحدة واتخاذ ما يلزم لإنشاء آلية دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها

لكن الولايات المتحدة لم تكتف بالقصف الجوي للاحياء السورية بل افصحت عن نيتها لتدريب ما يقرب الى 40 الف مسلح ايضا. حيث صرح المتحدث باسم هيئة الأركان الأميركية امس الخميس، بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى تدريب من 35 إلى 40 ألف مسلح محلي في سوريا، مشيرا إلى تأهيل 20% منهم

وقال المتحدث العسكري الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد في مؤتمر صحفي مع صحيفة "واشنطن بوست": نعتقد أن هذا العدد من المسلحين المحليين ضروري من أجل توفير الاستقرار في مناطق وجودهم داخل سوريا.

لكنه لم يتطرق إلى موعد محدد يتم فيه إجلاء القوات الأميركية الموجودة في سوريا بعد تجهيز هؤلاء المسلحين الذين تعتبرهم وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) ضمانا لاستقرار مناطق سيطرتها.

ويرى الروس ان ما تمارسه امريكا في سوريا لعبة خطيرة هدفها تقسيم البلاد فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن جزءا من تصرفات الولايات المتحدة في الضفة الشرقية لنهر الفرات ومناطق أخرى من سوريا هو لعب "الورقة الكردية"، وهي لعبة خطيرة للغاية.

ووفقا للافروف:” على الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول بالكلمات أن تقدم أعمالهم على أنها مؤقتة، ولكن من الواضح للجميع أن كل ما يجري على الضفة الشرقية لنهر الفرات يشكل انتهاكا واضحا لكل القرارات المعلنة لمجلس الأمن الدولي والتي تؤكد على وحدة الأراضي السورية.

واتهم رئيس هيئة الأركان الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، الولايات المتحدة بمحاولة إنشاء كيان كردي مستقل عن دمشق شمال سوريا. وقائلا، إن مسلحي "داعش" متواجدون في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة.

واضاف ان "في ديسمبر من العام الماضي انتهت العملية النشطة للقضاء على العصابات في سوريا. وفي الوقت الحالي يتواجد مسلحو "داعش" في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، في حين تتركز بقايا الجماعات المسلحة بقيادة "جبهة النصرة" داخل منطقة وقف التصعيد في إدلب".

فاذا كانت امريكا حقا تهدف الى تحقيق الاستقرار فلما لم تقم تحرير المدنيين الذي يحتجزهم تنظيم داعش .

حيث أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، أن الأمم المتحدة قلقة من مصير 7 آلاف من المدنيين الذين يحتجزهم مسلحو تنظيم داعش في محافظة دير الزور السورية.

لذا نلاحظ التناقض الواضح في الخطاب الأميركي تجاه ماسماه المبعوث الأميركي الخاص لشؤون سوريا جيمس جيفري اقتراحات لدى الرئيس الاميركي دونالد ترامب للدخول عسكرياً إلى سوريا، بما فيها الاستراتيجية الأميركية التي طبقت في العراق.

وبين حديث الجنرال ماكينزي الذي رشحه الرئيس دونالد ترامب للقيادة المركزية للجيش الأميركي الذي عد انتصار الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب السورية ليس موضع شك، موضحاً تفوق القوات الحكومية، وحسمها للمعركة الدائرة هناك، وهنا بيت القصيد الذي يمكن البناء عليه وتحليل وتدقيق التوصيف الذي جاء على لسان لافروف وغيراسيموف بأن الولايات المتحدة تدير لعبة خطيرة في سوريا ولاسيما في شرق الفرات وهي تحاول تقسيم سوريا واستهداف وحدة اراضيها من خلال ايجاد كيان كردي في شمالها.

كلمات دليلية :