هل يقترب السودان من التطبيع مع الاحتلال فعلا؟

هل يقترب السودان من التطبيع مع الاحتلال فعلا؟
الخميس ١٣ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٣١ بتوقيت غرينتش

بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن شركات الطيران الإسرائيلي ستتمكن من التحليق فوق الأجواء السودانية في طريقها إلى أميركا الجنوبية، عاد الحديث عن العلاقات السودانية الإسرائيلية الى واجهة المشهد السياسي في السودان وعاد معه الجدل مرة أخرى حول اتجاه الخرطوم نحو التطبيع مع تل أبيب.

العالم - تقارير

تسبب التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتيناهو، الاثنين الماضي، بشأن إمكانية التطبيع الجوي مع السودان قريبا، جدلا كبيرا في السودان.

وقال الناطق الرسمي باسم سلطة الطيران المدنية السودانية "عبد الحافظ عبد الرحيم"، في تصريح نقلته صحيفة مقربة من الحكومة السودانية، إن "الطائرات الإسرائيلية لن تعبر أجواء السودان دون إذن". وأضاف: "لن تتمكن أي طائرات من عبور السودان إلا بإذن من الخارجية وتنفيذ من سلطة الطيران المدني".

وقال عبد الرحيم إن القانون الدولي ينص على أن تسمح الدول بمرور الطائرات من أجل السلامة الدولية وإن رفض السماح لا يضمن سلامة جوية.

وأضاف: "في حالة الرفض، لا يمكن لطائرة أن تعبر أجواء دولة بعينها، دون موافقتها ويجب أن يكون هنالك تعاون بين الدول يساهم في مرور الطائرات".

وتابع: "إن سلطات المطار في أي بلد مهمتها توفير معلومات للطائرات العابرة لأجوائه المتمثلة في السلامة والملاحة الجوية من خلال استخدام الرادارات التي تحدد الموقف الجوي بشكل عام، وتأخذ مقابل ذلك عائداً مادياَ أو رسوم عبور تدفع للدولة، بالتالي اذا أرادت الطائرات الاسرائيلية عبور الاجواء السودانية فان القرار سيأتي من وزارة الخارجية السودانية، وهي التي تحدد للطيران المدني السماح للطيارات الإسرائيلية بالعبور من خلال أذونات صادرة من الخارجية. لا يمكن أن تمر الطائرات الإسرائيلية بمطار الخرطوم دون إذن من الخارجية السودانية، وإن فعلت ذلك يعتبر اختراقاً لأجواء السودان".

وختم بالقول: "الطائرات المدنية لا تقوم باختراق أي أجواء خوفاً على سمعتها".

الخرطوم لن تسمح بعبور الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها

في الصدد، يقول القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، "الدكتور قطبي المهدي"، إن الحكومة السودانية لن تسمح بعبور الطيران الإسرائيلي عبر أجوائه، وحول التصريحات التي أطلقها نتنياهو بأن طائراتهم ستعبر أجواء السودان، يقول قطبي: "ربما أراد نتنياهو خلق جو نفسي بهذه التصريحات يعمل على تهيئة المناخ للقبول بالتطبيع".

تيارات داخل النظام توافق على الخطوة

وبحسب مصادر مطلعة، هناك تيارات داخل نظام الخرطوم والحكومة اقترحت في وقت سابق السماح للطيران الإسرائيلي بالعبور عبر الأجواء السودانية للاستفادة من الخطوة اقتصاديا باعتبار أنها ستسهم في المساعدة على اجتياز الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ورأت هذه المصادر أن الخطوة لن تنال من موقف الخرطوم المتشدد تجاه تل أبيب، وذكرت أن واشنطن سبق أن عرضت على السودان منح "إسرائيل" إذن العبور.

واستفاد السودان من إغلاق المجال الجوي اليمني مع اندلاع الحرب هناك قبل اكثر من ثلاثة أعوام، حيث تمكنت الخرطوم من تصميم ممرات جوية جديدة وزادت أعدادها من 13 إلى 42 ممرا جويا لتقريب حركة الطيران من نقطة إلى أخرى.

محاولات مسبقة

وفي يونيو من العام الجاري ذكرت صحف إسرائيلية أن الخطوط الجوية الكينية طلبت رسميا من الحكومة السودانية السماح لها بعبور الأجواء السودانية في رحلاتها إلى تل أبيب.

وفي الشهر الماضي، فجرت تقارير إسرائيلية غير رسمية بإمكانية فتح حوار مع السودان جدلا كبيرا في الأوساط السودانية، لكن الحزب الحاكم نفى أي اتجاه لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

وقبل عشرة أعوام فشل مشروع أميركي في ابتداع ممرات جوية تتحاشى المجال الجوي السوداني من جنوب أفريقيا وكينيا عبورا بتشاد وليبيا وإيطاليا بسبب ضعف الخدمات الملاحية في بعض الدول، فضلا عن التكلفة الاقتصادية والميزات التفضيلية للممر السوداني باعتباره الأفضل بين دول آسيا وأميركا الجنوبية.

هل ستكون السودان المحطة التالية لنتنياهو؟

وفتحت الزيارة المفاجئة للرئيس التشادي "إدريس دبّي" إلى "إسرائيل" نهاية الشهر الماضي وإعلان إنهاء القطيعة معها؛ باب التكهنات بأن السودان ستكون الدولة التالية في سلم التطبيع.

ويرى محللون أن زيارة "دبّي" لإسرائيل تمت بإيعاز وترتيب من السعودية والإمارات. وبما أن الخرطوم لعبت دورا محوريا في انضمام إنجمّينا إلى عدوان التحالف السعودي الإماراتي على اليمن، فهذا يمثل مؤشرا على أن السودان ليس بعيدا عن هذه الزيارة.

وتكون تشاد بإنهاء مقاطعتها لكيان الاحتلال قد لحقت بدول جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا التي لديها علاقات قوية مع تل أبيب، وهي دول مجاورة للسودان، مما يجعل من إقدامه على خطوة التطبيع أمرا مطروحا، لا سيما أن تلك الدول لديها سوابق عدائية ضد الخرطوم وسبق أن فتحت أراضيها لاحتضان معارضيها المسلحين.

ويستبعد الخبير السياسي "الطيب زين العابدين" أن تمثل تشاد قدوة للخرطوم في طريق التطبيع، ويقول : "قد يستفيد السودان من خطوة التطبيع الإسرائيلية بمراقبة ما تحققه من مكاسب، كما يمكن أن يحمّل الرئيس دبّي رسالة لبذل مجهود مع الخرطوم للتطبيع مع "إسرائيل"، على حد قوله.

غير أنه عاد واستبعد أن تقدم الخرطوم على الخطوة بسبب الرأي العام السوداني الرافض للتقارب مع "إسرائيل"، وعلاقة النظام بالحركات الإسلامية في المنطقة، فضلا عن عدم وجود أية مكاسب للخطوة بالنظر إلى ما حققه المطبعون قبلها.

ورأى "زين العابدين" أن إعلان نتنياهو الاستفادة من المجال السوداني قصد به وضع الخرطوم أمام الأمر الواقع.

الخرطوم باتت قريبة من التطبيع

لكن المحلل السياسي "حسن مكي" يرى أن أي خطوة من قبل السودان بفتح الأجواء أمام الطيران الإسرائيلي تعد بمثابة بداية للتطبيع.

وسبق أن عرضت قضية التطبيع مع "إسرائيل" ضمن أجندة الحوار الوطني، ورغم مساحات النقاش التي أُفردت لها فإنها سقطت.

من جهته يعتبر المحلل السياسي "ماهر أبو الجوخ" أن في تصريحات نتنياهو محاولة لاختبار موقف الحكومة السودانية من الخطوة، كما يشير إلى رغبتها في رفع مستوى التفاوض مع الخرطوم.

ويستبعد "أبو الجوخ" أن يمثل مجرد فتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية تطبيعا باعتباره أمرا اقتصاديا لا يشترط الاعتراف بتل أبيب، فضلا عن أن "إسرائيل" موجودة مع السودان في منظمات دولية متعددة.

وأضاف "لكن الاختلاف في حال السماح بهبوط الطائرات الإسرائيلية في المطارات السودانية، إذ لهذا فقط دلالة سياسية".

ويرى أن الخرطوم باتت قريبة من التطبيع، وقال "لولا قناعتها بأن الخطوة مجازفة بسبب التعقيد السياسي العام في البلاد، والخوف من استغلال الموضوع من قبل أطراف داخل الحزب الحاكم، باعتبار أن التيار الرئيسي الذي يعتمد عليه الحزب الحاكم في شرعيته وسلطته هو تيار الإسلاميين والمجموعات المتعاطفة معها".

وسارعت أحزاب -بينها حزب المؤتمر الشعبي بزعامة علي الحاج وحركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين- إلى رفض أي محاولات للتطبيع مع الاحتلال واعتبارها خطا أحمر.

موقف الحكومة السودانية من التطبيع ثابت

وردا على ما جاء نفت الحكومة السودانية على لسان القيادي بالمؤتمر الوطني طعبد السخي عباس، أية نية للحكومة السودانية لإقامة علاقات مع "إسرائيل"، وأكد على ذلك رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، عبد الرحمن الخضر في ندوة أقامتها أمانة المرأة بالمؤتمر الوطني، مشيراً إلى أن موقف الحكومة السودانية من العلاقة مع "إسرائيل" ثابت، وهو لا علاقة ولا تطبيع.

وكانت وزارة الخارجية، أكدت أن "موقف السودان تجاه "إسرائيل" ثابت ولن يتزحزح مهما حدث من تحولات"، ردا على تقارير بشأن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.