السعودية تحاكم "مجهولين فضائيين" في جريمة قتل خاشقجي!

السعودية تحاكم
الخميس ٠٣ يناير ٢٠١٩ - ٠٧:١٥ بتوقيت غرينتش

منذ لحظة الإعلان عن اختفاء الصحفي السعودي المعارض للقيادة السعودية جمال خاشقجي وسيل الأخبار والتطورات حول قضيته لايتوقف فبعد بيان النيابية السعودية حول الاعتراف بتقطيع جثته بدأت اليوم أولى جلسات محاكمة "مجهولين من الفضاء الخارجي"بجريمة إغتياله حيث طالب الإدعاء العام بإعدام ٥ موقوفين، ولم يفصح الإعلام السعودي ولا النيابة في بيانها عن أسماء المتهمين.

العالم - السعودية

وقال النائب العام السعودي سعود المعجب في بيان اليوم إن المحكمة الجزائية بمدينة الرياض عقدت أولى جلساتها للمدانين الإحدى عشر، من قبل النيابة العامة في قضية مقتل خاشقجي بحضور محاميهم.

ولم يذكر البيان أسماء المتهمين وما هو دورهم في جريمة القتل ومن الذي أصدر الأمر لهم.

وبين المعجب في البيان أن النيابة العامة طالبت بإيقاع الجزاء الشرعي بحق المتورطين، وبالإعدام لـ5 موقوفين.

وختم البيان بأن النيابة السعودية أرسلت مذكرتي إنابة قضائية نظيرتها التركية، لتزويد المحكمة بما لديها من الأدلة أو القرائن المتعلقة بهذه القضية، لكن لم يرد عليها أي إجابة حتى تاريخ إرسال المذكرة الأخير في السابع عشر من هذا الشهر، ولا تزال النيابة العامة بانتظار ما يرد منهم جواباً على ذلك، وفقا للبيان.

وكان النائب العام السعودي سعود المعجب قد زار في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي تركيا لمتابعة قضية مقتل خاشقجي، وزار مقر القنصلية السعودية في إسطنبول حيث تمت عملية القتل.

وفي حينها، قال مصدر بمكتب المدعي العام التركي إن الاجتماع مع النائب العام السعودي لم يكن إيجابيا، لأنه لم يقدم إجابات عن الأسئلة المتعلقة بمكان جثة خاشقجي.

في ما يلي ما نعرفه عن المشتبه بهم الموقوفين في السعودية والمسؤولين الكبار الذين تمت إقالتهم والمستهدفين بعقوبات أميركية:

21 مشتبهاً بهم

أعلن مكتب النائب العام السعودي في الرياض 15 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت أن هناك 21 موقوفا على ذمة القضية، من غير أن تكشف هوياتهم.

ووجهت التهم إلى 11 منهما ومثل هؤلاء في الثالث من كانون الثاني/يناير أمام المحكمة الجزائية في الرياض حيث طلبت النيابة العامة عقوبة الاعدام لخمسة موقوفين “لضلوعهم في جريمة قتل” خاشقجي.

إعفاء خمسة مسؤولين من مناصبهم

أعلنت السلطات السعودية في20 تشرين الأول/أكتوبر إعفاء خمسة مسؤولين من مناصبهم، والمسؤولون الخمسة الذين أقيلوا هم:

نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد العسيري الذي أمر بحسب النائب العام السعودي فريقا من 15 عنصرا بإعادة خاشقجي إلى السعودية "بالرضا أو بالقوة".

المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني الذي يشير إليه النائب العام على ما يبدو حين يتحدث عن "مستشار سابق" لعب دورا محوريا في التحضير للعملية إذ التقى "فريق التفاوض" قبل أن يغادر إلى اسطنبول.

والعسيري والقحطاني كانا من المقرّبين من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أبعدت عنه النيابة العامة الشبهات تماما.

محمد الرميح مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات.

عبد الله بن خليف الشايع مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية.

رشاد المحمادي مدير الإدارة العامة للأمن والحماية.

ولم توضح السلطات السعودية ما إذا كان المسؤولون الخمسة اعتقلوا.

17 سعوديا شملتهم العقوبات الأميركية

كما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر فرض عقوبات اقتصادية على 17 مسؤولا سعوديا لاتهامهم بالضلوع في قتل خاشقجي، بينهم:

سعود القحطاني الذي "كان جزءا من تخطيط وتنفيذ عملية" قتل خاشقجي.

ماهر المطرب الذي عرفت عنه واشنطن بأنه يعمل بأوامر القحطاني، وجاء في بيان الخزانة الأميركية أن المطرب تولى "تنسيق وتنفيذ" عملية القتل.

محمد العتيبي الذي كان القنصل العام في قنصلية اسطنبول عند مقتل خاشقجي.

وأفادت صحف تركية وغربية أن المطرب كانت له ارتباطات بمحمد بن سلمان.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" خلُصت إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي.

وفي 13 كانون الأول/ديسمبر، تبنى مجلس الشيوخ الأميركي قرارا يحمّل محمد بن سلمان "المسؤولية عن مقتل" خاشقجي.

أشلاء خاشقجي

وخلص التحقيق الرسمي السعودي إلى أن التفاوض مع خاشقجي في القنصلية تطوّر إلى "عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجني عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته".

بعد مقتله، "تمت تجزئة" جثته من قبل المباشرين للقتل وتم نقلها إلى خارج مبنى القنصلية، وتسليمها إلى متعاون لم تحدّد هويته بحسب النيابة العامة. ولم يعثر حتى الآن على أشلاء خاشقجي.

وعقدت هذه الجلسة تحت عنوان "البت في ملف قتل خاشقجي" بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لاعدام عالم الدين السعودي البارز آية الله الشيخ نمر باقر النمر، هي محاولة يائسة لاضفاء الشراعية على الحكومة السعودية وتلميع صورة هذا النظام من استبداده وديكتاتورية التي يفرضها على هذا البلد.

وكما كان متوقعا فان النيابة العامة ومن خلال توجيهها الاتهامات لخمسة اشخاص بالمباشرة في عملية القتل وستة آخرين بالمشاركة، تجاهلت الدور المباشر لابن سلمان في هذه الجريمة بشكل كامل.

وبعد فشل هذا الإعلام السعودي في التصدي للحملات على الديوان الملكي على خلفية مقتل خاشقجي شهدت هذا الاعلام سلسلة تغييرات وسط كلام عن سبحة طويلة من التحوّلات. إذ أرسلت ام بي سي بياناً حول تعيين نبيل الخطيب مديراً عاماً لـ "العربية" خلفاً لتركي الدخيل، وتأسيس مجلس تحرير لـ"العربية" و"الحدث" برئاسة عبد الرحمن الراشد.

ومنذ تلك الجريمة، اعتبر النظام السعودي أنّ المحطة لم تستطع التصدي للحملة الإعلامية الواسعة على ولي العهد السعودي فرغم سعودة القناة والتخلّي عن عدد كبير من الموظفين العرب، وهذه الخطوة لم يكن السعوديون قادرين على اتخاذها في ظلّ صراعهم القائم مع "الجزيرة" وتفوّق الأخيرة في الحرب التي شنتها على النظام السعودي منذ مقتل خاشقجي مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

من جانبه توقع السياسي والباحث الأمريكي البارز "ريتشارد هاس" فى مقابلة مع قناة "MSNBC" الأمريكية، نشوب حرب فى منطقة الشرق الأوسط خلال عام 2019، أو افتعال السعودية لشيء ماء للتغطية على قضية مقتل خاشقجي.

وقال هاس: من القوانين الأساسية في الشرق الأوسط أن تسوء الأمور قبل أن تصبح أكثر سوءا مضيفا : "بنظري، سوف تكون هناك حرب. حتى إذا ما كنت مخطئا ولم يحدث ما أتوقع، أعتقد أنه على مدى العامين المقبلين، علينا تخيل عودة الإرهاب".

وأثار قتل خاشقجي، "تسونامي" جيوسياسي. وعلى عكس ما حدث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما كانت المؤسسة السياسية الأمريكية موحدة تقريبا في سعيها للحفاظ على الشراكة الأمريكية السعودية، يدور الإجماع في الكونغرس الآن حول أن العمل كالمعتاد، كما جاء على لسان "دونالد ترامب"، لا يمكن أن يستمر.

وكان خاشقجي، كما يعلم كل من كان له شرف معرفته، وطنيا سعوديا داعما لأجندة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لبن سلمان في البلاد. لكنه انتقد بشدة تكتيكات ولي العهد القمعية، ولم يكن لديه أي شك في وحشية الحكومة السعودية وقد كشفت جريمة قتله المأساوية، أيضا، عن مدى فداحة سياسة واشنطن تجاه المنطقة الخليجية.