لقاء بوتين واردوغان على ضوء "التطورات الخطيرة" في سوريا

لقاء بوتين واردوغان على ضوء
الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٩ - ٠١:٥٨ بتوقيت غرينتش

يعقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، في موسكو محادثات حول سوريا حيث تسعى أنقرة لإقناع المسؤولين باقتراحها إقامة "منطقة آمنة" شمالي البلاد. ويأتي ذلك بالتزامن مع مصرع عشرات المدنيين بمجزرة أمريكية في ريف دير الزور وخروج نحو خمسة آلاف شخص من تنظيم "داعش" الوهابي من آخر جيب لهم بالمنطقة نحو مناطق سيطرة ما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية".

العالم - تقارير

ارتكب ما يسمى التحالف الدولي بقيادة واشنطن جريمة اخرى باستهدافه سيارات تقل المدنيين الفارين من بطش تنظيم "داعش" الارهابي، في اعتداء يأتي بعد ثلاثة أيام علی مجزرة راح ضحيتها عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء بغارات استهدفت عشرات العائلات خلال محاولتها الهروب من مناطق انتشار "داعش" في قرية "الباغوز فوقاني" في ريف دير الزور الشرقي.

وارتفع عدد ضحايا قصف التحالف الامريكي على القرية يوم الجمعة الماضي إلى 31 شخصا كانوا في طريقهم للفرار من مواقع سيطرة التنظيم الإرهابي، قبل أن تداهمهم صواريخ التحالف.

وارتكب طيران التحالف في 3 و 4 يناير الجاري مجزرتين خلال قصفه قرية "الشعفة" وبلدة "الكشكية" على الضفة اليسرى لنهر الفرات بريف دير الزور الجنوبي الشرقي قتل إثرهما 21 مدنيا معظمهم من الأطفال والنساء وسقط عشرات الجرحى إضافة للأضرار المادية بالممتلكات ومنازل المواطنين.

الخارجية السورية تدين جرائم التحالف

وأدانت الخارجية السورية استمرار اعتداءات التحالف الامريكي واستهدافه المدنيين السوريين والدمار الذي يلحقه بالبنى التحتية والمنشآت الاقتصادية والخدمية والممتلكات العامة والخاصة في سوريا.

ووجهت وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى أمين عام الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي "بشأن الجريمة التي ارتكبتها طائرات تابعة لما يسمى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في قرية الباغوز فوقاني بريف دير الزور الجنوبي الشرقي وأدت إلى استشهاد 31 مدنيا بينهم نساء وأطفال".

وأدانت الخارجية السورية بأشد العبارات استمرار اعتدءات التحالف واستهدافه المدنيين السوريين كما اعترفت بيانات التحالف بذلك، والدمار الذي يلحقه بالبنى التحتية والمنشآت الاقتصادية والخدمية والنفطية والغازية والممتلكات العامة والخاصة في سوريا.

خروج الآلاف من آخر جيب خاضع لـ"داعش"

وخرج 4900 شخص بينهم 470 مسلحا في صفوف تنظيم "داعش" الارهابي منذ يوم الاثنين، من الجيب الأخير الواقع تحت سيطرة التنظيم في محافظة دير الزور. وقال ما يسمى المرصد السوري إن غالبية المدنيين هم عائلات المسلحين وقد تم نقلهم بواسطة عشرات الشاحنات التابعة لـ"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد)، وهي تحالف فصائل كردية وعربية، في حين اوضح المرصد أن آخرين غادروا المنطقة بسياراتهم الخاصة.

وقد توجّهت القافلة إلى مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" في دير الزور حيث تقلّصت مساحة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم إلى نحو عشرة كيلومترات مربّعة، بحسب المرصد.

وقال إن "قوات سوريا الديموقراطية تمكّنت من تحقيق تقدم مهم واستراتيجي في المنطقة، عبر تقدمها وسيطرتها على نحو نصف بلدة الباغوز فوقاني، التي تعد آخر بلدة يسيطر عليها التنظيم الارهابي في سوريا عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات".

واضاف أن "داعش بات منهاراً بشكل كبير، ولم يعد بمقدوره الصمود أكثر"، لكن هناك مسلحين "يرفضون الاستسلام، في الوقت الذي سلم المئات أنفسهم خلال الـ24 ساعة الأخيرة لقوات سوريا الديمقراطية".

يذكر أن الاهالي بمناطق سيطرة "قسد" في دير الزور خرجوا بتظاهرات على ضفاف نهر الفرات للمطالبة بعودة الدولة السورية ودخول الجيش لمناطقهم ولم شمل العوائل.

اثنتی عشرة عشيرة وقبيلة من عشائر دير الزور البالغة ثلاثة وعشرين اعربت عن تأييدها لمد الجسور بين ضفتي الفرات بعد ان دمرها التحالف الاميركي لتعود المنطق لسيطرة الدولة السورية.

الجيش السوري يحبط هجوما للنصرة بإدلب

أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تصدي الجيش السوري لهجوم كبير شنه تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي على مواقعه في محافظة إدلب.

وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الفريق سيرغي سولوماتين، الثلاثاء، إن "عصابات "جبهة النصرة" الارهابية هاجمت مواقع القوات الحكومية السورية بالتزامن في منطقتي أبو الضهور وأبو شرجي".

وأوضح أنه كانت هناك تشكيلات تضم ما بين 150 و200 مسلح على كل واحد من المحورين، وهم كانوا يستقلون ما بين 15 و20 عربة مزودة برشاشات ثقيلة.

وتابع أن الإرهابيين تمكنوا من التوغل في خطوط الدفاع للجيش السوري بعمق يصل إلى 1.5 كلم، ثم تصدى لهم الجيش، وردهم إلى ما وراء خط التماس، واضطر الإرهابيون للتراجع متكبدين خسائر جمة.

وأضاف سولوماتين أن مركز المصالحة الروسي أقام اتصالا بالجانب التركي لإطلاعه على الأوضاع في منطقة الهجوم.

مناقشة الانسحاب الأمريكي والمنطقة العازلة

ويجتمع الرئيسان الروسي والتركي، في موسكو، الأربعاء، لتنسيق المواقف حول الوضع في سوريا بعد الاعلان عن انسحاب القوات الأمريكية من هناك. ووفقا لأردوغان، فإن أحد الموضوعات الرئيسية سيكون إنشاء "منطقة عازلة" على الحدود السورية التركية.

وتطالب موسكو بأن تعود جميع المناطق التي تغادرها القوات الامريكية، وكذلك الحدود السورية التركية، إلى سيطرة الحكومة السورية. ووفقًا لمعلومات صحيفة "كوميرسانت" الروسية، فقد ساعدت موسكو مؤخرا في إجراء مشاورات بين الحكومة السورية والأكراد، كما تشارك بنشاط في التحضير للاجتماع المقرر عقده في المستقبل القريب في دمشق.

السؤال هو ما إذا كانت نتائج الوساطة الروسية بين دمشق والأكراد تناسب أنقرة. وبالنظر إلى أن تركيا تهدد منذ عدة أشهر بعملية عسكرية في شمال سوريا، ولا تنتقل من الأقوال إلى الأفعال، فالأهم بالنسبة لها أن تتفق مع جميع الأطراف المعنية، بما فيها موسكو وواشنطن. بالنسبة للسلطات التركية، قد يكون إنشاء "منطقة عازلة" موثوقة كافياً للإعلان عن النصر، للداخل التركي الذي وعدوه بوضع حد لهجمات حزب العمال الكردستاني.

من أجل حل وسط حول المنطقة العازلة، تستطيع أنقرة تقديم تنازلات في إدلب.. فوفقا لخبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمونوف، "يمكن لتركيا إزالة حواجزها والسماح لروسيا مع قوات الرئيس السوري بشار الأسد بعملية عسكرية في إدلب مقابل أخذ مصالح تركيا في منبج وشمال سوريا في الاعتبار..".

كما أكد الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية (ORSAM) في أنقرة، أويتون أورهان، لصحيفة "كوميرسانت" أن تركيز أنقرة تحوّل من إدلب إلى شرق الفرات. وأشار إلى أن عملية عسكرية روسية محتملة في إدلب لا تزال تضر بتركيا، لأنها ستولّد موجة جديدة من اللاجئين. ورأى أن الحل الوﺳط الأفضل هو أن "ﺗرﮐز ﺗرﮐﯾﺎ الانتباه ﻋﻟﯽ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺣدود، من أجل تجنب تدفق اللاجئين، وﺗسحب اﻟﻣﻌﺎرضين المعتدلين نحو اﻟﺷرق، ثم تقوم القوات السورية والروسية بشن هجوم على الراديكاليين.. ومقابل ذلك، يمكن للأتراك أن يتوقعوا الدعم الكامل من جانب روسيا لعملياتهم في منبج".