هل زيارة الحريري “الأكبر” لدِمشق “جرس إندار” لشقيقه “الأصغر”؟

هل زيارة الحريري “الأكبر” لدِمشق “جرس إندار” لشقيقه “الأصغر”؟
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٩ - ٠٣:٠٦ بتوقيت غرينتش

إذا صحت الأنباء المتعلقة بالزيارة السرية الخاطفة التي قام بها السيد بهاء الحريري النجل الأكبر للراحل رفيق الحريري إلى دمشق ولقاؤه لمدة ساعتين بالرئيس بشار الأسد في القصر الجمهوري قبل أسبوع، وهي تبدو صحيحة، فلم يصدر حتى الآن أي نفي لها...

العالم - مقالات

فإن هذا يعني أن زعامة الرئيس سعد الحريري لأسرته، وللطائفة السنية في لبنان ربما أصبحت مهددة، وأن تكليفه بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة المتعثرة دخل مرحلة جديدة وحاسمة قد لا تطول على عكس ما توقعه الكثيرون في تيار المستقبل الذي كان يتزعمه وخارجه.
لا نعتقد أن السيد بهاء الحريري رجل الأعمال الناجح الذي ابتعد عن السياسة، وتنازل عن الزعامة لشقيقه الأصغر بعد اغتيال والده، يمكن أن يقدم على هذه الزيارة إلى العاصمة السورية دون التشاور مع حلفائه وداعميه السعوديين، كما أننا لا نعتقد أيضا أن مباحثاته مع الرئيس الأسد التي استمرت لأكثر من ساعتين اقتصرت على المشاريع التي يريد السيد بهاء الاستثمار فيها في إطار عملية إعادة الإعمار التي باتت وشيكة، فالجوانب السياسية، وطموحات الضيف اللبناني في هذا المضمار لا يمكن أن تغيب عن هذا اللقاء المهم وغير المسبوق.

السيد بهاء الحريري لم يخف طموحاته السياسية في الفترة الأخيرة، وقدم نفسه كبديل لشقيقه بطرق مباشرة أو غير مباشرة، ونسج تحالفات مع المعارضين له، أي السيد سعد، داخل حزب المستقبل نفسه والطائفة السنية، ووجد تجاوبا ملحوظا في هذا الإطار، مضافا إلى ذلك إدراكه لأهمية سورية وقيادتها ودورها الحاسم في الخريطة السياسية اللبنانية ومعادلاتها.

موقع “ليبانون ديبيت” الذي كشف عن هذه الزيارة، أكد ما ذكرناه آنفا، عندما أشار إلى أن السيد بهاء الحريري أوضح للرئيس الأسد أن موقفه مختلف كليا عن موقف شقيقه سعد المكلف بتشكيل الحكومة، ونأى بنفسه عن أي خلاف مع سورية، وما يعزز ذلك التغيرات الانفتاحية المتسارعة تجاه سورية من قبل المملكة العربية السعودية وقيادتها، وتخليها، أي السعودية، عن المعارضة السورية، وتردد أنباء بأنها على وشك فتح سفارتها في دمشق أسوة بحلفائها في الإمارات والبحرين.

ربما يكون من المبكر الحديث عن نتائج هذه الزيارة “الحريرية” لدمشق، والخوض في الخلافات العائلية بالتالي، ولكن لا يمكن عزل هذه الزيارة المفاجئة والمدروسة للسيد بهاء الحريري عن حالة الجفاء المتصاعدة بين شقيقه سعد وسورية وحلفائها في لبنان، خاصة “حزب الله”.

لا نستبعد أن يكون هذا الاستقبال الحافل لبهاء الحريري في سورية ومن قبل الرئيس الأسد، هو رسالة واضحة لشقيقه سعد بأنه أمام خيارين: إما أن يغير، أو يتغير، فالبديل جاهز، والكيل قد طفح، والصبر على مواقفه العدائية قد نفد.

لا نعرف ماذا سيقول السيد حسن نصر الله زعيم “حزب الله” يوم السبت المقبل في حديثه الذي سيخص به قناة “الميادين”، ولكنه حتما سيتطرق إلى الأزمة الوزارية الحالية التي طالت أكثر من اللازم، ولكن ما نعرفه أن “عناد” السيد سعد الحريري، وسوء إدارته لهذه الأزمة، وخضوعه لإملاءات خارجية كلها جعلت موقفه ضعيفا، ولن يتحسن حتى لو قدم تنازلات لحل هذه الأزمة وشكل الوزارة، أو بالأحرى الوزارة التي ربما تكون آخر وزارة في حياته السياسية.. والله أعلم.

المصدر : “رأي اليوم