تركيا والاكراد يخضعون لارادة الشعب السوري

تركيا والاكراد يخضعون لارادة الشعب السوري
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٩ - ٠١:٥٦ بتوقيت غرينتش

يبدو ان الانسحاب الأميركي المرتقب من سوريا وتداعياته كان سببا في لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان في الكرملين والرجوع مرة اخرى الى اتفاق أضنة السوري – التركي، ليكون حلاً أو نقطة ارتكاز أساسية للحل في التوتر على الحدود السورية التركية.

العالم-سوريا

اشعل التواجد العسكري الاميركي على الاراضي السورية مخاوف الأتراك من الفصائل الكردية لانهم يرون ان هذا التواجد ساهم في تقوية تلك المجموعات بمواجهة حدود تركيا وأمنها، وبعد الانسحاب الاميركي تجد تركيا نفسها مضطرة لاتخاذ كافة الاجراءات الأمنية والعسكرية لتقويض نفوذ وقدرة المجموعات الكردية المسلحة، في شمال وشرق سوريا.

وفي المقابل يؤكد الروس دائما على ضرورة استعادة الدولة السورية سلطتها وسيادتها كاملة على جغرافيتها، شمالا وشرقا، وترى موسكو في الانسحاب الاميركي – بلسان الرئيس بوتين شخصيا – تطوراً ايجابياً لمصلحة حل الأزمة السورية، أو بمعنى آخر، سيشكل هذا الانسحاب غياباً أو اختفاءً للكثير من المعطيات التي كانت تؤثر سلبا في حل الأزمة السورية وتؤخره.

كما ترى روسيا ان تركيا تلعب دورا اساسيا في تأمين الأرضية المناسبة لحل الأزمة السورية، في الشمال وفي ادلب ومحيطها بالتحديد، أو في الشرق وعلى كامل الحدود السورية التركية، والدليل هو عشرات القمم والاتفاقات والاجتماعات الجانبية العسكرية والدبلوماسية التركية الروسية.

وانطلاقا من الموقف التركي الذي تتمحور مطالبه حول حماية الأمن القومي والحدود وتقويض النفوذ الكردي المسلح ومن الموقف الروسي الذي يتمحور حول تأمين الأرضية المناسبة، عسكرياً وسياسياً وأمنياً وديبلوماسياً، لتمكين الدولة السورية من استعادة سيادتها وسلطتها على كامل جغرافيتها جاءت الاشارة الروسية في اجتماع اردوغان وبوتين الاخير، والتي أفصح عنها الأخير بطريقة واضحة، حول فكرة الاعتماد على اتفاق أضنة السوري – التركي، والذي تم توقيعه عام 1998.

ويعتقد بعض المحللين كرئيس تحرير صحيفة راي اليوم ان من تابع المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في ختام القمة التي جمعتهما اول أمس الأربعاء في موسكو واستغرقت ثلاث ساعات، يخرج بانطباع مفاده أن المباحثات المباشرة السورية التركية باتت وشيكة، وأن الهجوم التركي الروسي "المشترك" لإنهاء وجود، وهيمنة، هيئة تحرير الشام “النصرة سابقا” على مدينة إدلب وضواحيها جرى الاتفاق عليه، وتحديد ساعة الصفر لبدئه، والتنفيذ ربما بات مسألة أيام أو أسابيع معدودة.

واضاف: "كان لافتا "تذكير" الرئيس بوتين للاتفاق الأمني السوري التركي الموقع عام 1998 (معاهدة أضنة)، وتأكيده أنه يمكن "أن يزيل العديد من العراقيل المتعلقة بتحقيق تركيا لأمنها على الحدود الجنوبية".

ولان تركيا لا تُبدي ارتياحا تاما تجاه التزام الولايات المتحدة بإنجاز التفاهمات الثنائية، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو، ان بلاده يمكنها أن تقيم بمفردها منطقة امنة في سوريا. حيث تبلغ مسافة هذه المنطقة اثنين وثلاثين كيلومترا وتهدف لابقاء الوحدات الكردية بعيدة عن الحدود التركية. فيما طالبت انقرة واشنطن بضرورة تنفيذ خارطة طريق مدينة منبج دون مزيد من التأخير.

وتحاول تركيا اقامة المنطقة على مسافة 32 كيلومترا بهدف ابقاء الوحدات الكردية بعيدة عن حدودها على حد تعبيره. الا ان واشنطن تعتبر هذه الوحدات حليفا لها ودعمتها بالسلاح والغطاء الجوي طوال فترة بقاء القوات الاميركية في سوريا، لكن انقرة تقول إنها على صلة بحزب العمال الكردستاني المحظور والذي تصنفه تركيا مجموعة إرهابية.

وتشن انقرة ومنذ اشهر عملية في شمال سوريا لطرد المقاتلين الأكراد السوريين من منطقة منبج وشرق الفرات. غير أنها جمدت العملية بشكل مؤقت بطلب من واشنطن التي تسعى لضمان سلامتهم.

ومن الواضح انه يجب على تركيا ترميم ما دمرته بفسها في العلاقات مع سوريا خاصة انه في تطور اخر للانسحاب الاميركي على الصعيد الكردي السوري أعلن قائد "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا سيبان حمو عن اعتقاده بأن المحادثات مع الحكومة بشأن مستقبل المنطقة الشمالية الغربية ستبدأ في الأيام المقبلة بعد رد فعل إيجابي من دمشق.

وصرح سيبان حمو لوكالة "رويترز"، "هناك محاولات لإجراء مفاوضات… موقف الحكومة السورية كان إيجابيا… نعتقد أن تبدأ في الأيام المقبلة". ومن شأن أي اتفاق بين الوحدات والحكومة السورية أن يضم أكبر جزأين من أراضي الدولة التي مزقتها الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات.

وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة "الشرق الأوسط" أن سيبان حمو، قام بزيارتين غير معلنتين إلى دمشق وموسكو لنقل "عرض سري" تضمن الموافقة على تسليم الحدود إلى الدولة السورية مقابل قبول إدارة محلية بضمانة روسية.

وأشارت المصادر إلى أن العرض يرمي إلى الوصول إلى تفاهمات لـ"ملء الفراغ" بعد الانسحاب الأمريكي وقطع الطريق على تدخل تركي في شمال سوريا وشمالها الشرقي.

وعلى الصعيد الميداني، يبدو ان التطورات الميدانية متوترة الان خاصة بعد العمليتين المنفصلتين لما يسمى بـ"قوات تحرير عفرين" حيث لقي جندي تركي حتفه وأصيب 3 من عناصر مايسمى بـ"الجيش الحر" المعارض بريف حلب شمال سوريا.

وقالت "قوات تحرير عفرين" في بيان "تواصل قواتنا تنفيذ عملياتها العسكرية ضد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في عفرين ومحيطها، وفي هذا الإطار نفذ مقاتلونا عمليتين في ناحية شيراوا بمقاطعة عفرين ومنطقة إعزاز".

ونفذت هذه القوات العملية الأولى في 20 كانون الثاني الجاري، حيث قامت بقنص لأحد الجنود الأتراك في قرية باصلة التابعة لناحية شيراوا و قتل الجندي على الفور.

أما العملية الثانية تم تنفيذها في 22 من الشهر نفسه ضد تجمع الجيش التركي في قرية عبلة التابعة لمنطقة إعزاز في ريف حلب الشمالي.

وفي سياق متصل، شنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) حملة اعتقالات في بلدتي المنصورة وهنيدة في ريف الرقة الغربي. وقال المسؤول الإعلامي في مبادرة "عرين الوطن" السورية طه علي محمود إن الفصائل الكردية التابعة لـقوات سوريا الديمقراطية نشرت في البلدتين المذكورتين الآلاف من مسلحيها وشنت حملة اعتقالات واسعة فيهما.

وأضاف محمود أن حملة الاعتقالات هذه تأتي على خلفية الحراك الكبير الذي شهدته بلدتا المنصورة وهنيدة يوم أمس حيث ثارت العشائر العربية بوجه الفصائل الكردية وعناصر الدوريات الأميركيين بعد مقتل شاب وطعن ثلاثة آخرين من العشائر على أيدي مسلحين أكراد، حيث هاجم رجال العشائر المقرات الكردية وقاموا بإحراقها وبطرد المسلحين الأكراد والجنود الأميركيين الذين أصيبوا بحالة من الفزع والارتباك وانسحبوا إلى خارج البلدتين.

وتابع محمود بالقول إن مسلحي قسد قاموا بمداهمة أكثر من 600 منزل في بلدتي هنيدة، إلا أن أهالي البلدة هبوا رجالا وشبانا ونساء وأطفالا في وجه القوات الكردية ووقفوا بوجه عشرات سيارات الدفع الرباعي المزودة برشاشات الدوشكا وهاجموا القوات الكردية بالحجارة والعصي ومنعوها من اعتقال أي من أهالي البلدة، فيما بادرت القوات المدججة بالسلاح بإطلاق النار فوق رؤوس الأهالي دون أن تنجح في إخافتهم، لافتا إلى أن شابا في العقد الثالث من العمر تعرض لطلق ناري في كتفه، ولكن في النهاية تمكن الأهالي من إحباط حملة الاعتقالات وطرد قوات قسد التي ضربت طوقا أمنيا لمحاصرة قرى هنيدة والمنصورة والصفصاف بعد انسحابها منها".

كل التطورات تكشف ان الدولة السورية المدعومة بحاضنة شعبية عريضة هي التي نجحت في فرض ارادتها على الاطراف الداخلية والاقليمية نتيجة الصمود وادارة الازمة بحنكة.