نصائح بـ'ترتيب البيت' الداخلي لمواجهة بومبيو و'التهويل' الاسرائيلي

نصائح بـ'ترتيب البيت' الداخلي لمواجهة بومبيو و'التهويل' الاسرائيلي
الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٩ - ٠٨:٢٠ بتوقيت غرينتش

ارتفعت حدة «التحرشات» الاسرائيلية بحزب الله ولبنان على وقع التصعيد «المشبوه» في قطاع غزة مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست في منتصف الشهر المقبل، ويزيد دخول الادارة الاميركية على خط دعم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في السباق الانتخابي، من تعقيد المشهد اللبناني الذي يترقب زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الذي سيحاول ممارسة ضغوطه على لبنان في اكثر من ملف.

العالم - لبنان

وفيما سيواجه رئيس الحكومة بعد عودته من بروكسل «لغم» ملف «النزوح» في مجلس الوزراء، بدا الرئيس الحريري في المؤتمر كمن يسير في «حقل الغام» في ظل تعارض الاجندات الخارجية والداخلية مع هذا الملف، واذا كان يسجل له تبني المبادرة الروسية، والتزامه بما ورد في البيان الوزاري لجهة «العودة الأمنة»، وفقا لمقتضيات التفاهم مع الرئيس ميشال عون، الا ان المفردات التي استخدمها وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير في المؤتمر، تشير بوضوح الى مكمن «العلة» في هذا الملف، خصوصا ان رئيس الحكومة مضطر ايضا لمراعاة السعوديين الذين عملوا بدعم من واشنطن وعدد من الدول الاوروربية على رسم «الخطوط العريضة» للتعامل مع هذه الازمة، تحت عنوان لا توطين للاجئين، ولكن لا اعادة اعمار بوجود الرئيس السوري بشار الاسد، او اذا اعيد انتخابه دون «صلاحيات»..

ويبقى السؤال كيف يعود هؤلاء..؟ سؤال على الحريري الاجابة عنه عند عودته الى بيروت ولهذا سيبقى هذا الملف مادة للتجاذب الداخلي في ظل توظيف سياسي خليجي - غربي لهذه الازمة الانسانية، مقابل اصرار فريق وازن من اللبنانيين بتبني نهج مختلف من خلال فتح قنوات الاتصال مع الدولة السورية..

ترتيب «البيت الداخلي»..

وفي هذا السياق، نصحت اوساط دبلوماسية عربية المسؤولين اللبنانيين بضرورة «ترتيب البيت» الداخلي لمواجهة التطورات الإقليمية، قبل نهاية الشهر المقبل لحسم التباينات في بعض الملفات الخارجية والداخلية قبل الدخول في «زمن» الاستحقاقات الإقليمية والاقتصادية الداهمة، ولفتت تلك الاوساط الى ان زيارة رئيس الدبلوماسية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت في منتصف الاسبوع المقبل ستكون لحظة الحقيقة بالنسبة للاميركيين واللبنانيين على حد سواء مع اقتراب الاعلان عن تفاصيل «صفقة القرن» الاميركية، وهو امر اثاره وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي مع الرئيس الحريري في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر بروكسل، وهو ابلغه صراحة وجود «هواجس» اردنية كبيرة، دفعت بالملك الاردني الملك عبد الله الثاني للقيام بزيارة «خاطفة» الى واشنطن قبيل وصول رئيس الدبلوماسية الاميركية الى المنطقة، حيث التقى جاريد كوشنر ومساعده جيسون غرينبلات، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، وهم ثلاثة من ابرز «طباخي» الصفقة، في المقابل لا يبدو ان لدى لبنان «خريطة طريق» واضحة للرد على المقترح الاميركي الذي يدعو الى «توطين» الفلسطينيين في اماكن «اللجوء»، كما ان الخلاف الواضح حيال ملف النزوح السوري سيضعف الموقف اللبناني القائم على «التسويات» غير المجدية في ملفين سيكون لهما تداعيات كبيرة على مستقبل «الوجود» اللبناني.. كما سيبلغ بومبيو لبنان دعم الولايات المتحدة لمشروع مد «انابيب» الغاز من "اسرائيل" إلى أوروبا، متخطيا بذلك المصالح اللبنانية في المناطق المتنازع عليها.. ووفقا لاوساط مطلعة فان حزب الله يتقدم الاولويات الاميركية في زيارة بومبيو لجهة محاصرته ماليا، دون «المس» بالاستقرار الداخلي، ولكن يبقى الاهم «جس نبض» الافرقاء اللبنانيين حيال «صفقة القرن» التي سيتم نشرها بعيد الانتخابات الاسرائيلية، و«كبح جماح» اي اندفاعة باتجاه تطبيع العلاقات مع دمشق..

"اسرائيل" ترفع منسوب التهديد..؟

وفي هذا السياق، تواصل الحكومة الاسرائيلية رفع منسوب التوتر مع لبنان وبعد ساعات على زعمها تشكيل حزب الله لخلية في الجولان وتقديم شكوى بهذا الشأن في مجلس الأمن، تم تسريب صور أقمار صناعية للاعلام الاسرائيلي تظهر منشأة عسكرية في سوريا تقع قرب الحدود اللبنانية، يتم استخدامها لتصنيع صواريخ «أرض - أرض» دقيقة ملمحة الى وجود مصنع ايراني يساهم في تزويد الحزب بتلك الصواريخ.. اللافت للانتباه في هذا السياق.

كما تشير اوساط نيابية بارزة هو توقيت الكشف الاسرائيلي عن هذه المعلومات، عشية زيارة بومبيو وعلى مسافة اسابيع من الانتخابات التشريعية الاسرائيلية المحددة في 9 نيسان المقبل، فهذا «التهويل» يأتي في ظل ملاحقة يتعرض لها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم «فساد»، وهو استقطب حوله اليمين المتطرف، وقد ابلغ دبلوماسيون غربيون «زوارا» لبنانيين ان زيادة منسوب التوتر على الجبهة الشمالية قد يكون سلاحا يلجأ اليه نتنياهو لتعزيز حظوظه بالفوز، خصوصا انه يقدم نفسه «كقائد لمعركة إبعاد التهديد الايراني»، وفي هذه الاثناء يبدو مقلقا ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يراهن عليه ويدعمه للفوز في الانتخابات ويواصل منحه «الهدايا» قبيل الانتخابات،وآخر تقديماته اقدام وزارة الخارجية على شطب صفة «الأراضي المحتلة» عن هضبة الجولان والضفة الغربية للمرة الأولى منذ1967، والخشية الان ان يقوم ترامب باعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان خلال زيارة نتنياهو المرتقبة للولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري.. وهذا ما سيزيد من رفع منسوب التوتر في المنطقة..

حذر ولا «تصعيد».. و«العين» على غزة

وفي هذا الاطار، ترى مصادر مقربة من حزب الله ضرورة الحذر في التعامل مع المرحلة المقبلة ليس فقط قبل الانتخابات الاسرائيلية وانما بعد صدور نتائجها لان كل المتنافسين هناك سيحاولون «ارضاء» الرئيس الاميركي الذي سيعمل على تمرير «صفقة القرن»، لكن في المقابل يجب على الموقف اللبناني ان يكون متماسكا ولا يخضع «للتهويل» الاميركي، لان الاسرائيليين محكومون ايضا بتوازن «الردع» القائم ويعرفون انهم غير قادرين على تجاوز «الخطوط الحمراء» التي فرضتها المقاومة على طول الجبهة، ولو كان نتانياهو متيقنا بانه اذا افتعل حرباً قادر على انجاز انتصار سريع فيها كان اقدم عليها، ولكنه يعرف انه سيغرق في «وحول» مواجهة ستغير هذه المرة وجه المنطقة، ولذلك احتمالات التصعيد منخفضة، وقد تكون غزة هي المرشحة لكي تكون «صندوقة» انتخابية لنتانياهو حيث يرى ان المخاطر هناك منخفضة اكثر، ولذلك فان كل الضجيج الذي يثار بين الفينة والاخرى جزء من «الدعاية» الانتخابية لا اكثر ولا اقل.. اما اذا اخطأت "اسرائيل" في حساباتها فسيكون الثمن باهظا هذه المرة..

الحريري يحذر الاوروبيين..؟

وفيما بلغ مجموع المساعدات المالية التي اقرها مؤتمر بروكسل الثالث 7 مليارات دولار لاعمار سوريا دون توضيح الاليات المفترضة لصرف هذه الاموال،حددت الأمم المتحدة الاحتياجات المالية لسنة 2019 بنحو 5,5 مليار دولار (4,4 مليار يورو) لمساعدة حوالى 5,6 مليون لاجئ سوري خارج بلدهم في تركيا ولبنان والأردن وفي العراق ومصر، في حين قدرت أنها تحتاج إلى 3,3 مليار دولار (2,9 مليار يورو) للنازحين داخل البلاد..

في هذا الوقت، شدد رئيس الحكومة سعد الحريري في كلمته خلال المؤتمر، على ان الحل الوحيد لأزمة اللاجئين السوريين هو بعودتهم الآمنة الى بلادهم مع احترام القوانين والمعاهدات الدولية، مثنيا على المبادرة الروسية، مشددا على عودته «الآمنة»، ونجح الوفد اللبناني بطلب إضافة «اقامة موقتة أو أوراق ثبوتية» وألغى عبارة «العودة المستدامة»، واكد الحريري التزام الحكومة اللبنانية بالعمل مع هيئات الامم المتحدة حول اي مبادرة لعودة النازحين من بينها المبادرة الروسية. واذ لفت الى ان لبنان حافظ على الالتزام الذي اعلنه في مؤتمر بروكسل الثاني وذلك بفضل المجتمع الدولي والمؤسسات اللبنانية والمجتمع المدني، معرباً عن شكر الحكومة والشعب، الاتحاد الاوروبي، لدعوته واستضافة هذا المؤتمر وهذا تأكيد على عدم نسيان الدول المضيفة»، اوضح الحريري ان الحكومة اللبنانية عرضت في مؤتمر «سيدر» خطة لمواجهة التحديات والمجتمع الدولي أجاب بإيجابية، مضيفاً «الحكومة تدرك ضرورة المضي قدماً بالاصلاحات المالية لاعادة احياء الاقتصاد وخلق الوظائف وعلى الحكومة اتخاذ قرارات صعبة لتخفيض الدين». وفيما حذّر من أن التوترات قد تزداد وتؤدي الى خطر الاعمال العنفية ما سيؤثر على استقرار لبنان ويحفز اللاجئين على البحث عن ملجأ اخر، دعا الى «تأمين تمويل لخطة لبنان للاستجابة للأزمة، وتأمين 2.9 مليار دولار وشدد على ان لبنان لا يستطيع أن يستمرّ بتحمّل الآثار الإقتصادية والإجتماعية لاستضافة مليون ونصف مليون نازح..

وفيما اكد الرئيس الحريري على هامش المؤتمر ان «اهم حل للنزوح هو عودة النازحين» لافتاً الى ان «يجب الضغط على النظام في سوريا من قبل كل الأصدقاء والحلفاء، لكي يعود النازحون إلى سوريا.. عبر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، عن «الاجندة» السعودية لحل الأزمة السورية وقال ان اي تسوية ستؤدي حكما إلى انسحاب القوات الإيرانية و«ميليشياتها»، وهو ما اعتبرته مصادر مواكبة شرطاً سعوديا تتبناه واشنطن للمساهمة الجدية في اعادة الاعمار واعادة النازحين، وقال الجبير «أن هناك إجماعاً على بدء العملية السياسية في سوريا بعد تشكيل اللجنة الدستورية، كما شدد الجبير على ضرورة «عودة آمنة وكريمة» للاجئين السوريين، وهو التعبير نفسه الذي تبناه الرئيس الحريري في مقاربته لهذا الملف..لكن الجبير كان واضحا في الربط بين دعم مستقبل سوريا والمنطقة، بمستقبل الحل السياسي في سوريا، وقال حصل إجماع على أن يبدأ الحل السياسي بتشكيل المجلس الدستوري، ومن ثم الانخراط في العملية السياسية. وفي السياق نفسه، أكد وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الصباح، أن بلاده وعدت بتقديم 300 مليون دولار للمساهمة في جهود الإغاثة الإنسانية وحول إعادة الإعمار، قال الصباح إن المساهمة في إعادة الإعمار تقتضي أولا وقبل كل شيء إطلاق عملية انتقال سياسي ذات مصداقية في البلاد..

لا استسلام «للرغبات» السعودية

في المقابل لفتت اوساط وزارية مطلعة الى ان اموالاً لدعم النازحين، يمكن ان تنعش الاقتصاد نسبيا ولكن على المدى القصير بينما الازمة ستبقى وتتفاقم على المديين المتوسط والبعيد، متمنيا لأن المبالغ لا تسد حاجات لبنان الاساسية خصوصا ان الدول المانحة تقدم حوافز لهؤلاء للبقاء على الاراضي اللبنانية وليس العودة الى سوريا، وهي حتى الان تعمل على «عرقلة» عودتهم بربط هذا الامر بالعملية السياسية، وهو امر خطير لا يمكن للبنان ان يتحمل تبعاته خصوصا ان هذه العملية مفتوحة زمنيا وقد تطول لسنوات، ولهذا لن «نستسلم» لهذه الرغبات المريبة وستجري اثارة الملف من جديد في مجلس الوزراء لتفعيل المبادرة الروسية وكذلك التواصل مع الدولة السورية.

التحقيقات مستمرة..

على خط مكافحة التجاوزات القانونية، إطلع وزير العدل ألبرت سرحان خلال اجتماعه في مكتبه مع رئيس مجلس القضاء الاعلى جان فهد، المدير العام التمييزي القاضي سمير حمود، رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي بركان سعد ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس، على «تطورات التحقيق المتعلق بقضايا التجاوزات في القضاء، في اطار مواكبته ومتابعته للتحقيقات الجارية والتي تتداولها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي». وخلال الإجتماع استمع الحاضرون الى العرض الذي قدمه القاضي حمود، ولفت فيه الى انه «تسلم محضر تحقيق منظما من قبل فرع المعلومات» وسيحيله الى رئيس هيئة التفتيش، وسيكلف احد المحامين العامين لدى النيابة العامة التمييزية «إجراء التحقيقات بشأن ما تضمنه هذا المحضر.

صحيفة الديار اللبنانية