عطوان: هل اللقاء العسكري الثلاثي في دمشق جاء تحضيراً لمعركة استعادة شرق الفرات؟

عطوان: هل اللقاء العسكري الثلاثي في دمشق جاء تحضيراً لمعركة استعادة شرق الفرات؟
الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٩ - ٠٥:٤٧ بتوقيت غرينتش

يبدو أن صبر الحكومة السورية على سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على شرق وشمال شرق سوريا، اقترب من نهايته، وأن عمليات عسكرية لاستعادة هذه المناطق الغنية بالنفط والغاز والمياه باتت وشيكة جدا.

العالم - مقالات وتحلیلات

الاجتماع الثلاثي الذي انعقد في دمشق في اليومين الماضيين وحضره كل من الفريق أول ركن عثمان الغانمي، رئيس هيئة أركان الجيش العراقي، واللواء محمد باقرى، نظيره الإيراني، إلى جانب العماد عبد الله أيوب، وزير الدفاع السوري، كان تمهيداً وتنسيقاً لخطة عسكرية لإعادة هذه المناطق إلى السيادة السورية على غرار مناطق أخرى.

تصريحان مهمان وردا في المؤتمر الصحافي الذي عقده القادة العسكريون الثلاثة يؤكدان هذه الحقيقة:

الأول: ورد على لسان العماد أيوب، وزير الدفاع السوري وقال فيه إن الجيش سيحرر مناطق تخضع لسيطرة المقاتلين الأكراد في شمال وشرق البلاد.

الثاني: تأكيد الفريق أول الغانمي، قائد الجيش العراقي بأن فتح الحدود العراقية السورية قد يتم خلال الأيام القليلة المقبلة، وبما يؤدي إلى استئناف الزيارات والتجارة بين البلدين.

***

فتح الحدود كان متعذراً طوال السنوات الأربع الماضية بسبب وجود قوات تابعة لـ"الدولة الإسلامية" أو (داعش)، ولكن الآن وبعد أن انهارت هذه الدولة، واستسلم، أو هرب، أو قتل، معظم أنصارها، فإن هذا العائق من المفترض أن يكون قد زال، وكذلك وجود قوات كردية مدعومة أميركيا ما زالت تتواجد في المنطقة.

العماد أيوب كرر ما قاله الرئيس بشار الأسد قبل شهرين من أن مناطق شرق الفرات سيتم تحريرها وعودتها إلى السيادة السورية بالمصالحات أو القوة العسكرية، وفي ظل غياب هذه المصالحات، فإن احتمال اللجوء للقوة العسكرية بات الأكثر ترجيحاً.

قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية ماطلت وراوغت كثيراً طوال السنوات والأشهر الأخيرة، فعندما قرر الرئيس دونالد ترامب في كانون أول (ديسمبر) الماضي التخلي عنها وسحب قواته من سوريا التي توفر الحماية والدعم لها، هرولت قيادتها إلى دمشق طالبة المصالحة والدعم، والعودة إلى الوطن الأم، خاصة بعد تهديدات الرئيس رجب طيب أردوغان بقصفها والقضاء عليها، ولكن عندما تراجعت إدارة ترامب عن هذا القرار بسبب ضغوط المؤسسة العسكرية، أدارت ظهرها لكل وعودها بالمصالحة والعودة إلى الحاضنة الرسمية السورية، وعادت للتحالف مع الأميركان.

تهديدات العماد أيوب، وتأكيدات الفريق عثمان الغانمي بقرب فتح الحدود العراقية السورية، يشيان بأن الاجتماع الثلاثي كان لوضع خطة حرب لاستعادة هذه المناطق بالقوة بمشاركة جيوش الدول الثلاث، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث صدام مع القوات الأميركية، جزئيا أو كليا، خاصة أن قوات سوريا الديمقراطية ما زالت تراهن على الحماية الأميركية وتعطيها الأولوية.

المسألة اللافتة أن العراق، وبحضور قائد جيشه هذه القمة الثلاثية، وربما للمرة الأولى، بات عضواً أساسيا في محور المقاومة السوري الإيراني اللبناني (حزب الله)، وهذا تطور مهم قد ينعكس توتراً على العلاقات الأميركية العراقية، وتهديداً لوجود حوالي 5500 جندي أميركي في قواعد بالعراق، وهو وجود صادق البرلمان العراقي على إنهائه في أسرع وقت ممكن في اجتماع له قبل شهرين.

***

الأشقاء الأكراد في شمال سوريا أضاعوا فرصة ذهبية في العودة إلى حضن الدولة السورية، والحصول على الكثير من المكتسبات السياسية، وأبرزها الإدارة الذاتية، ولا نستبعد أن يدفعوا ثمناً غالياً نتيجة رهانهم على المحتل الأميركي الذي لن يتورع عن طعنهم في الظهر مثلما فعل أكثر من مرة مع أشقائهم في كردستان العراق.

بات واضحاً أن الدول الثلاث، العراق وسوريا وإيران على أبواب حرب جديدة ميدانها شرق الفرات لفتح الحدود العراقية السورية أولاً، وإنهاء الوجود الأميركي الذي فقد مبرراته بالقضاء نهائيا على "داعش" ثانياً، وتحقيق الخطة الإيرانية الاستراتيجية بتأمين خط الاتصال البري من مزار شريف في أفغانستان عبر العراق وسوريا وصولاً إلى مياه البحر المتوسط اللبنانية الدافئة ثالثاً.

معركة شرق الفرات أصبحت أولوية وتتقدم على نظيرتها "المؤجلة" في إدلب، وبمباركة روسية، ولعل زيارة الرئيس الأسد الخاطفة (أربع ساعات) إلى طهران قبل أسبوعين، واجتماعه بالسيد علي خامنئي، المرشد الأعلى، والرئيس حسن روحاني، وبحضور اللواء قاسم سليماني رئيس فيلق القدس كانت لتحديد ساعة الصفر لهذه المعركة.. والله أعلم.

* عبد الباري عطوان