'الطبطبة على اسرائيل' .. تطبيع العرب مع الاحتلال إلى أين؟

'الطبطبة على اسرائيل' .. تطبيع العرب مع الاحتلال إلى أين؟
الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠١٩ - ٠٥:٢٧ بتوقيت غرينتش

تشهد الساحة العربية مظاهر تطبيع؛ معلنة أو شبه معلنة، من قبل بعض الأنظمة العربية التي لا تربطها علاقات معلنة سابقاً مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل حالة من الضعف والصراعات التي تمر بها بعض الدول العربية، واستمرار الرفض الشعبي العربي للتطبيع، حيث تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، المتبنية لرؤية التسوية في المنطقة، إلى دمج الكيان المحتل للقدس في أحلاف إقليمية قبل التوصل إلى حل القضية الفلسطينية.

هناك مظاهر عملية في التطبيع لا تخفى على أحد، ولعلها توحي بتلاقي الإرادة العربية الصهيونية على تجاوز حالة التطبيع غير المعلنة، ومن هذه المظاهر الزيارات المتبادلة المعلنة بين قيادات صهيونية وأخرى عربية، وخصوصاً زيارة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لسلطنة عمان في أكتوبر من العام الماضي، وسماح دول عربية في الخليج الفارسي لوفود رياضية بدخول أراضيها، كما أن هناك زيارات أخرى أخذت طابعاً أقرب للعلني، والتي يعزوها مراقبون إلى رغبة الإدارة الأمريكية في جس النبض العربي قبل إعلان مبادرة التسوية ، وسعي الصهاينة لتطبيع العلاقة مع الدول العربية وتجاوز الإرادة الفلسطينية، في خطوة تهدف لفصل المسارين بعضهما عن بعض، أو للضغط على الفلسطينيين لخفض سقف التطبيع.

تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بمصر، الذي ضم كيان الاحتلال الاسرائيلي بالإضافة إلى فلسطين، وقبرص، واليونان، وإيطاليا، والأردن، ومصر هو الآخر له دلالة كبيرة في الموضوع، إذ إن له- وفق ما يرى بعضهم- أهدافاً سياسية أكبر من الأهداف الاقتصادية؛ فمن أهدافه إنشاء سوق غاز إقليمية تضمن تأمين العرض والطلب للأعضاء، بما يعني تأمين وصول الغاز الإسرائيلي للعرب والأوروبيين، دون اعتبار لإرادة الشعوب الرافضة للتطبيع ولمشروعية هذه الصفقات باعتبارها أن كيان الاحتلال إلاسرائيلي كيان محتل للأراضي الفلسطينية.

هناك ثلاث دول عربية اعترفت سابقاً بكيان الاحتلال الاسرائيلي، وهي (مصر، والأردن، وموريتانيا)، وهناك دول أخرى كانت لها علاقة دبلوماسية بإلكيان قبل اندلاع الانتفاضة الثانية، كالمغرب وتونس، بالإضافة إلى دول أخرى كانت لها علاقات اقتصادية به مثل قطر وسلطنة عمان.

مؤخراً طفت على الساحة زيارات من قبل قيادات صهيونية وفرق رياضية؛ فإضافة إلى زيارة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي لعُمان، احتفت الإمارات بفوز لاعب صهيوني بالذهبية، في أكتوبر من العام الماضي، وزارت وزيرة الثقافة والرياضة الصهيونية (ميري ريغيف) دولة الإمارات لحضور مباريات جودو، في حين شارك فريق صهيوني في بطولة دولية للجمباز في قطر، في الشهر نفسه من العام الماضي، إضافة إلى التلميحات التي أطلقها رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزينكوت، بإمكانية التعاون بين كيانه ودول أخرى عربية من أجل الحد من ما سماه "النفوذ الإيراني" في منطقة الشرق الأوسط.

وحسب بعض المراقبين فإن خمسة عشر نظاماً عربياً يقيمون علاقة بشكل ما مع الكيان المحتل للقدس، ولعل هذه الأنظمة أصبحت ترى في القضية الفلسطينية عبئاً يجب إنهاء ملفه بأي شكل كان.

وفي هذا الاطار طالب وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي العرب بأن يقوموا بمبادرة تجاه "إسرائيل" لتبديد مخاوفها في المنطقة عبر اتفاقات وإجراءات".

واعتبر بن علوي خلال مشاركته في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت بالأردن أن "الغرب قدّم لـ"إسرائيل" الدعم السياسي والإقتصادي والعسكري وأصبح بيدها كل وسائل القوة"، مضيفاً أن ""إسرائيل" ورغم ما قلناه عن قوة تمتلكها فهي ليست مطمئنة إلى مستقبلها كدولة غير عربية في محيط عربي من 400 مليون إنسان. هي غير مطمئنة إلى استمرار وجودها في هذه المنطقة".

وتابع بن علوي "أعتقد أن علينا نحن كعرب السعي إلى تبديد هذه المخاوف لدى "إسرائيل" بإجراءات واتفاقات حقيقية بيننا.. وبين "إسرائيل" وبين من يدعمون "إسرائيل""، على حد قوله.

الوزير العماني رأى أنه ليس على العرب الاعتراف بـ"إسرائيل"، "لكن علينا وعلى الفلسطينيين أن يساعدوا الإسرائيليين على الخروج من هذا الخوف الذي يهددهم".

وأثارت تصريحات بن علوي حفيظة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي رد على نظيره العماني، بالقول إن: "إذا كانت "إسرائيل" غير مطمئنة فهذه ليست مشكلتنا.. "إسرائيل" لا تأبه بأحد.. تقوم حاليا ببناء مزيد من المستوطنات وتصعد النزاعات".

وأضاف أن المشكلة بأن "إسرائيل" لا تحترم حقوق وكرامة الفلسطينيين في أراضيهم، وهي مطمئنة لأمنها فهي (كيان) قوي، لكنها لا تؤمن بحق الفلسطينيين بالحرية والكرامة، حسب قوله.

وقد استهجنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تصريحات وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي معربة في تصريح صحفي، عن صدمتها من هذا الموقف الغريب، معبرةً عن استنكارها ورفضها المطلق لهذه التصريحات التي تخالف الحقيقة والمنطق الموضوعي.

وتساءلت الحركة: بأي منطق أخلاقي وسياسي يطلب من الضحية أن تطمئن الجلاد والمحتل على مستقبله، وهو كيان غاصب يملك أقوى جيش في المنطقة، ويمارس القتل والتدمير بشكل منهجي ضد شعبنا وأمتنا، ويحتل الأرض، ويهوّد القدس، ويدنس المقدسات، ويهدد المنطقة بأسرها، ويضرب بالقانون الدولي عرض الحائط.

وأكدت أن هذه التصريحات تجاوزت حد التطبيع المجاني مع العدو المحتل إلى التماس الأعذار والذرائع له والدعوة إلى طمأنته وتفهم (مخاوفه) المزعومة!، منوهةً إلى أن التصريحات المؤسفة خذلان لشعبنا، وإضرار بقضيتنا، وإضعاف للموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي، ومن شأنها تشجيع الكيان الصهيوني على المزيد من جرائمه وعدوانه، بل وتعنته السياسي.

ودعت حماس أصحاب هذه التصريحات وغيرهم من القادة والمسؤولين إلى التراجع عن مثل هذه المواقف والدعوات، ووقف كل أشكال التطبيع والهرولة نحو العدو.

وطالبت بمواقف حقيقية وشجاعة تدعم صمود "شعبنا الفلسطيني وحقه في الاستقلال والتحرر من الاحتلال، وعودة اللاجئين، واستعادة الأرض والقدس والمقدسات، وهو ما سيحقق الأمن والسلام والاستقرار الحقيقي في المنطقة، ويحميها من شرور الكيان الصهيوني ومطامعه".

وتاخذ موجات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني حاليا الطابع الرسمي، في حين تظل الشعوب رافضة لهذا الخيار، وكثيراً ما تعبر عن رفضها له من خلال مظاهرات أو مسيرات احتجاجية، مما يؤدي إلى تلاشي الموجة وعودتها إلى مربع الصفر.

ولا تزال الساحة العربية تشهد دعوات رفض للتطبيع، ومن المتوقع أن تشهد الساحة العربية موجات احتجاجات رافضة في المستقبل بحيث دعا الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري مؤخرا القوى الاجتماعية والأحزاب الوطنية في تونس إلى السعي من أجل سن قانون يجرم التطبيع مع كيان الاحتلال إلاسرائيلي.

وفي الكويت جدد عدد من نواب مجلس الأمة مؤخرا تأكيدهم رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، مشيدين بمواقف الكويت الثابتة تجاه عدم التطبيع، وبمواقفها ضد الكيان الصهيوني الملطخة يده بدماء الأطفال والنساء وشهداء فلسطين، معتبرين التطبيع جريمة شرعية وأخلاقية وإنسانية وقانونية.

كما أن هناك أصواتاً شعبية ترفض التطبيع، وستظل أخرى تخشى من المجاهرة برفضه خشية مخالفة توجهات حكوماتهم.