انقسام سياسي حاد في لبنان حول العلاقات مع سوريا

انقسام سياسي حاد في لبنان حول العلاقات مع سوريا
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٨:٥٠ بتوقيت غرينتش

عاد الانقسام السياسي في لبنان حول العلاقة مع سورية ليظلل المشهد الداخلي، و هناك انقاسم سياسي حاد حول زيارة مرتقبة لرئيس التيار الوطني الحر الوزير الخارجية  جبران.

العالم_لبنان

وإذ شنّ حزبا الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع وبعض المستقبليين هجوماً عنيفاً على باسيل رافضين قراره المنفرد بزيارة سورية، في حين بقي الغموض يلف موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة سورية، ما فُسّر على أنه عدم ممانعة. إذ اقتصر رده على كلام باسيل بنقطة سبب خروج القوات السورية من لبنان وليس بقرار الزيارة، مقرناً موقفه من الزيارة بنتائجها.
وقال الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي إذا اراد رئيس التيار الوطني الحر زيارة سورية لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه، المهم النتيجة وإذا تحققت العودة النازحيين فسنكون اوّل المرحّبين.
أما رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط فاتهم باسيل دون أن يسميه بتزوير التاريخ. وقال: «تنهبون البلاد وتدمّرون الطائف. تريدون تطويع الأمن كل الأمن لصالح احقادكم الى جانب الجيش.
واستكمل الاشتراكي هجومه على باسيل بمواقف عالية السقف أعادت الى الاذهان المشهد السياسي غداة حادثة قبرشمون في 30 حزيران الماضي .

ويحاول الاشتراكي بحسب مصادر صحفية في بيروت اليوم الثلثاء لأسباب ومصالح خارجية توتير الاجواء وتظهير الانقسام الحكومي حول الزيارة والضغط على رئيس الحكومة وإحراجه لكي لا يغطيها، ما يدعو الى التساؤل بحسب المصادر عن حقيقة الدور المشبوه لرئيس الحزب الاشتراكي والقوات بسعيهما الدائم الى تعطيل أي قرار وطني يحقق مصالح لبنان الوطنية والاقتصادية، دونما تقديم اي خيارات بديلة لإنقاذ الاقتصاد ومعالجة أزمة النزوح بعيداً عن الانفتاح على سورية!

و في هذا المجال حمل وزير الصناعة وائل ابو فاعورو أحد مستشاري جنبلاط على باسيل بشدة خلال مسيرة التي نظمت عصر أمس من قبل حز الاشتراكي في مركز بيروت قائلاً: انتم تذهبون إلى سورية لتتوسّلوا الرئاسة، هناك مَن قال لكم إن الرئاسة تمر من دمشق، وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا واللافت أكثر أن هجوم ابو فاعور لم يوفر رئيس الجمهورية دعوته للاستقالة بشكل غير مباشر!
وسُئل الوزير سليم جريصاتي عمّا اذا كان أحد من وزراء التيار قد ردّ على خطاب أبو فاعور، فأجاب: «لا أحدَ يستحق الرد». فيما لوحظ انشغال باسيل بشرب الشاي والحديث مع وزير الشباب والرياضة محمد فنيش طيلة مدة حديث ابو فاعور في الجلسة، كما حاول الوزير القواتي غسان حاصباني دعم الموقف الاشتراكي إلا أن وزراء التيار بحسب مصادر جريدة البناء استشعروا نية الاشتراكي والقوات استدراج التيار الى سجالات تدفع بالحريري الى رفع الجلسة وتظهير جو الانقسام حول سورية، وبالتالي دعوة الحريري الى صرف النظر عنه فآثروا عدم الردّ.
أن ابو فاعور طلب من الحريري تضمين كلمته في محضر الجلسة غير أن الحريري رفض عازياً ذلك الى أن الجلسة هي للموازنة فقط.

كما قال حاصباني إن الوضع في لبنان لا يحتمل زيارة سورية ولا الخروج عن الإجماع العربي واستعمال ملف النازحين كشمّاعة، محذراً من التداعيات السلبية لأي انفتاح على سورية ما يعرض لبنان لعقوبات. داعياً للاكتفاء بالقنوات الحالية للتواصل مع سورية التي لا تنتظر أحداً من لبنان ليخبرها بما يجب أن تفعله بشأن النازحين.

من جهته، قال وزير الدفاع الياس بوصعب لـ»البناء» «إننا لم نلمس اعتراضاً من رئيس الحكومة على زيارة سورية، وهناك وجهة نظر طرحت في الجلسة الماضية أنه فليذهب أحد الوزراء بمعزل عن مواقف الآخرين، كما لم يعترض أحد على ذهاب بعض الوزراء في الحكومة الى سورية ولم يُطرَح ذهاب جميع الوزراء أو وزير باسم الحكومة»، مضيفاً: «اذا كانت هناك حاجة لأن يقوم أي وزير بزيارة سورية لمصلحة لبنانية تتعلق بالنازحين او بالاقتصاد فلا أحد يمنعه لأن العلاقات الدبلوماسية مع سورية ليست مقطوعة.

ما أعاد ​تفجير​ العلاقة بين ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ والعهد ممثلاً ب​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ ومن خلفه ​التيار الوطني الحر​، ليست زيارة ​سوريا​ التي أعلن عنها رئيس التيار وزير الخارجيّة ​جبران باسيلقبل يومين . فقبل أيام قليلة من خطاب باسيل في الحدت، صوّب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ​وليد جنبلاط​ بتغريداته على العهد وباسيل تارةً تحت عنوان حريّة التعبير وتارةً أخرى على خلفيّة ملف التعيينات في ​تلفزيون لبنان​ والوكالة الوطنيّة، كل ذلك قبل الحديث عن زيارة سوريا وملف ​النازحين​. إذاً لماذا إعادة فتح الهجوم اليوم بعد لقاء المصارحة والمصالحة في ​بعبدا​ وغداء ​بيت الدين​ العائلي الشهير؟.

" الأمر أبعد بكثير من زيارة سوريا "تجيب المصادر المطلعة على موقف الزعيم الدرزي، وتضيف" لقد طفح كيل جنبلاط مما بات يعرف بـ"التسوية الرئاسية" نظراً لتداعياتها السلبية على حزبه، ولأنها ألحقت به الكثير من الضرر السياسي لا سيما في المنطقة التي يعتبرها حصنه الإنتخابي المنيع، والمقصود هنا ​الشوف​ و​عاليه​".

إذاً، المسألة مسألة تراكمات دفعت بجنبلاط الى مهاجمة العهد، تراكمات أوصلت الزعيم الدرزي الى قناعة مفادها أن كل الضربات السياسية التي تلقاها في السنوات الماضية، سببها تحالف رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ مع جبران باسيل.

أعلن باسيل قبل يومين عن نيته زيارة دمشق لإعادة النازحين اليها كما عاد جيشها، فكان حديث وزير الخارجية استكمالا لحديث الرئيس اللبناني على منبر الامم المتحدة شهر الماضي

​ ​,وأطلق التصريح الشهير بشأن نيّة التوجّه الى ​سوريا​ لحل مسألة ​النازحين السوريين​ في ​لبنان​، ولم ينتظر رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​ لأكثر من أسبوعين لكي يترجم خطاب الرئيس بشأن الزيارة.

موقف باسيل جاء حاسما وأكيدا وهو قرار قد اتخذ منذ بعض الوقت، اذ لم يعد هناك من مجال لانتظار الحلول العربيّة، ومصلحة لبنان يجب ان تكون اولويّة فوق كل الاعتبارات الاخرى".

تربط المصادر حديث باسيل عن ضرورة عودة سوريا الى الجامعة العربية وزيارته اليها لمتابعة ملف النازحين، بلقاء السبع ساعات الذي جمعه بأمين عام حزب الله ​السيد حسن نصر الله​، خصوصا وأن الحزب من ابرز الداعين لفتح قنوات اتصال مع سوريا، ولكن هذا الملف يفتح باب التساؤل حول موقف باقي الأطراف على طاولة ​مجلس الوزراء​، فهل باسيل سيتوجه الى دمشق بتكليف من الحكومة او بصفته الشخصيّة، خاصة ان التيار الوطني الحر بالحكومة السابقة عندما وجهت الدعوة لوزير الاقتصاد رائد خوري للمشاركة في أحد المؤتمرات بدمشق، لم يستجب للدعوة على قاعدة انه لا يريد الذهاب بصفة خاصة بل بتكليف رسمي، فهل سيمر الموضوع مرور الكرام مثل زيارات باقي الوزراء، ام سيشهد اشتباكا على طاولة مجلس الوزراء؟!.

العالم_لبنان