الاحتجاجات على الطريقة الايرانية

الاحتجاجات على الطريقة الايرانية
الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٨:١٠ بتوقيت غرينتش

شهدت بعض مدن ايران شأنها شأن سائر دول العالم احتجاجات اثر ارتفاع اسعار البنزين، تلك الاحتجاجات التي حملت في طياتها مطالب مشروعة نوعا ما واتسمت بالسلمية. وبالتالي فانه وبمنأى عن بعض الاضرار الضئيلة التي نجمت عنها تشكل وسيلة بليغة لايصال صوت ابناء الشعب الى اصحاب القرار.

العالم قضية اليوم

بداية ينبغي التنويه الى ان ايران بدات عملية تطبيق قانون "ترشيد الدعوم" منذ حوالى تسع سنوات ، وبناء على هذا القانون فان الحكومة ملزمة بتقريب المستوى المعيشي لابناء الشعب الى مستوى الاسعار الحقيقية للخدمات التي تقدمها، من خلال القيام بعملية الخصخصة وتفويض الشؤون الاقتصادية الى عامة الشعب . ومن منطلق هذه الرؤية فقد تقرر منذ عدة سنوات تخصيص دعم مادي لكل مواطن في مقابل الخدمات المدعومة من قبل الحكومة ليتولى انفاقها كما يشاء.

بعد حوالى تسع سنوات من تطبيق هذا القانون وفي الظروف الراهنة بدأت عملية تطبيق خطوة اخرى منه عبر ايجاد تغييرات في اسعار الوقود، تلك الخطوة التي اعتبرها بعض ابناء الشعب وبالطبع المسؤولين بأنها خطوة متسرعة ولا تتناسب مع الوضع المعيشي القائم، ولذلك نجمت عنها بعض الاضطرابات في بعض مناطق البلاد.

بعيدا عن طبيعة الاحتجاجات التي هي جديرة بالاشادة نظرا لسلميتها، الا ان بعض المندسين حاولوا حرف مسارها من طبيعتها السلمية الى اعمال شغب عبر القيام باعمال تخريب وتدمير الممتلكات العامة وارتكاب اعمال تتعارض مع المصالح القومية تحقيقا لماربهم الخاصة، تلك المحاولات التي باءت بالفشل في ضوء يقظة المحتجين رغم سياسة التضخيم والتهويل الاعلامي الذي مارسته وسائل الاعلام المعادية لايران.

وعلى سبيل المثال ولا الحصر يمكن الاشارة الى سياسة الزعم بسقوط قتلى في هذه الاحتجاجات والتي اتبعتها وسائل اعلام "سلمانكو" ومنها العربية والحدث، حيث كانت تناور على رقم 20 قتيلا في احتجاجات ايران فيما كان موقع بي بي سي الفارسي يؤكد على 10 قتلى. هذا في حين انه لم يسقط سوى قتيل واحد وهو ايضا لم يتضح لحد الان من قبل اي جهة تم استهدافه.

بمنأى عن المحاولات التي تبذل من قبل وسائل الاعلام المعادية للجمهورية الاسلامية على صعيد تعاطيها مع الاحتجاجات في ايران والسعي للايحاء بانها هي كمثيلاتها التي تعصف بالعراق ولبنان، فهناك نقاط عدة يجب ايلاء اهتمام جاد بها وهي:

اولا: في حين ان الاحتجاجات والمظاهرات في لبنان والعراق تطالب باصلاحات شاملة وجذرية في نظام الحكم تتمحور حول ايجاد تغييرات تهدف الى تحسين الوضع المعيشي للمواطنين والتصدي الحازم للفساد، الا ان الاحتجاجات في ايران محدودة جدا وتقتصر على اعادة النظر في قرار اقتصادي بحت.

ثانيا: وسائل الاعلام المعادية لايران والتي تزعم تغطيتها لاحداث ايران بشكل مباشر وحيادي ولكنها في نفس الوقت تعمل على تضخيمها تحاول توسيع نطاقها لتشمل سائر اركان النظام، هذا في حين ان مطالب المحتجين تركز على اصلاح قرار اقتصادي بحت.

ثالثا: التسعيرة الجديدة للبنزين من منظار الحكومة تاتي بهدف تقديم دعم مادي لطبقة واسعة من ذوي الدخل المحدود تطبيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية ولا شيء آخر.

رابعا: يحاول البعض الايحاء بان الاحتجاجات الاخيرة مؤشر على فاعلية الحظر الامريكي الجائر ضد ايران، لكن ما يغفلون او يتغافلون عنه هو ان الاستقرار والامن الذي تمتعت به ايران ولازالت خلال العام ونصف العام الماضي من تطبيق الحظر كان منقطع النظير. الرسالة التي وجهها وزير الخارجية الامريكي في هذا الخصوص جديرة بالتامل حيث يقول: كما قلت قبل عام ونصف للشعب الايراني فان "الولايات المتحدة تقف معكم".

خامسا: لاسباب عدة يمكننا تقديم طبيعة الاحتجاجات في ايران كاسلوب يحتذى به الى سائر دول المنطقة ومنها، ان هذه الاحتجاجات وضمن ايصال رسالة المحتجين الى الحكومة لم تعرقل آلية تقديم الخدمات للمواطنين من قبل الحكومة، وان ممثلين عن المحتجين تولوا مسؤولية ايصال رسالتهم الى المسؤولين دون ان يتم تعطيل البلاد.

وختاما ينبغي القول انه وفي ضوء يقظة الشعب سيتم الحيلولة دون توغل ونفوذ المخربين والمندسين في صفوف المحتجين وبالتالي ستوجه وتصل رسالة المحتجين من والى اعلى المستويات وتحقق افضل النتائج.

ابورضا صالح - العالم