مأزق تشكيل الحكومة اللبنانية.. حرب بيانات وانتظار مستجدات

مأزق تشكيل الحكومة اللبنانية.. حرب بيانات وانتظار مستجدات
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٣:٢٣ بتوقيت غرينتش

يتواصل مأزق تأليف الحكومة اللبنانية وعودة الامور الى المربع الاول بعد ان نشبت حرب بيانات بين رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية احراق تسمية محمد الصفدي بتكليفه للمضي بتشكيل الحكومة، والاخير يخرج عن صمته ويدحض بيان الحريري الذي اتهمه بالانقلاب عليه.

العالم - تقارير

اتسع السجال بين تياري المستقبل والوطني الحر بشأن تسمية الوزير السابق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة قبل انسحابه، حيث تبادل التياران الاتهمات بشأن وقائع المفاوضات التي أفضت إلى الوضع الحالي.

الجدال انفجر مع صدور بيان المكتب الاعلامي للوزير اللبناني الأسبق محمد الصفدي، نفى فيه علمه بالأسباب التي حالت دون التزام رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بـ"الوعود" التي على أساسها تمّ قبول التسمية لخلافته.

وأعرب الصفدي في بيانه عن تفاجئه ببيان المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ورفض الخوض في تفاصيل المفاوضات معه.

ودعا الصفدي إلى التكاتف والتضامن في هذه المرحلة المفصلية الخطيرة، ووضع الخلافات السياسية جانباً.

الرد جاء سريعاً من المكتب الإعلامي للحريري، والذي نسب في بيان له تسمية الصفدي والتمسك به إلى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما جعل الحريري يسارع إلى إبداء موافقته عليه.

وأشار مكتب الحريري إلى أنه "منذ طلب الصفدي سحب اسمه كمرشح، يُمعن التيار الوطنيّ الحر في تحميل الحريري مسؤولية هذا الانسحاب".

في مقابل هذه الاتهامات، أصدر حزب "التيار الوطني الحر" اللبناني برئاسة جبران باسيل بيانا قاسيا انتقد فيه الحريري، حيث قال إن سياسة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري أصبحت واضحة، وأنها لا تقوم فقط على مبدأ "أنا أو لا أحد" على رأس الحكومة، بل مبدأ آخر وهو "أنا ولا أحد غيري" في الحكومة.

وأضاف أن "ذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين، وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان من يقول الحقيقة".

كما أشار "التيار" إلى أنه "وفي الوقت الذي كانت فيه جهوده منصبة على تسهيل عملية قيام حكومة إنقاذ ‏بدءا من الاتفاق على شخصية الرئيس الذي سيكلف والذي بإمكانه أن يجمع اللبنانيين على الإنقاذ الاقتصادي والمالي بعيدا عن الانقسامات السياسية، فوجئنا ببيان صادر عن المكتب الإعلامي للحريري يتضمن جملة افتراءات ومغالطات مع تحريف للحقائق".

وأكد "التيار الوطني" أنه أصدر البيان لتوضيح بعض النقاط للبنانيين، حيث قال إن "أسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود إلى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي ‏كرست نهج الفساد منذ 30 عاما، ولا يزال أصحابها يصرون على ممارستها".

وشدد "التيار الوطني الحر" على أن "ما يهم الحزب في النهاية هو قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار المالي ومنع الفوضى والفتنة في البلد والتي يعلم الحريري تماما من وكيف يحضر لها وعليه تفاديها".

وبين أنه بادر وتحرك من أجل الإسراع في سد الفجوة الكبيرة التي "سببتها استقالة الحريري على حين غفلة لأسباب مهما كانت مجهولة، إلا أنها وضعت البلد في مجهول أكبر"، موضحا أنه (التيار الوطني الحر) قدم كل التسهيلات الممكنة وذلك بعدم رفضه لأي اسم طرحه رئيس الوزراء وعدم تمسكه بأي اسم من جهته.

من جهته قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري امام زواره أمس الاحد "ان الوضع الحالي على المسار الحكومي هو جمود تام في انتظار ان تطرأ مستجدات في أي لحظة، لكن حتى الآن الامور ما زالت تراوح مكانها".

واشار الى انّ موقفه هو أنه ما زال يراهن على "عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة تواكب الوضع الراهن الذي بلغ حداً خطيراً جداً يجب تداركه في اسرع وقت، فالبلد أشبه بسفينة تغرق شيئاً فشيئاً، فإن لم نتخذ الاجراءات اللازمة فستغرق بكاملها".

الكاتبة ميسم رزق رأت في مقال لها بجريدة "الاخبار" اللبنانية انه في وقت تُطبِق الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية على البلاد، يقود رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري حرب إلغاء على كل "منافسيه"، وان كل شخصية مرشّحة لأن تكونَ خلفاً له لتأليف الحكومة باتَت مُدرجة لديه على لائحة "الحرق".

وتضيف الكاتبة: في الأصل، يُدرك الحريري أن الرئيس السابق فؤاد السنيورة خيار مُستبعد، بحكم الغضبة السياسية والشعبية، وقد قدّم له الرئيسان السابقان نجيب ميقاتي وتمام سلام خدمة بأن استبعَد كل منهما نفسه بنفسه عن السِباق. ووجد في الإتفاق على إسم الوزير السابق محمد الصفدي فرصة لإزاحته، ونجح في ذلك.

وتتابع: أساساً، راهن الحريري على إسقاط الصفدي في الشارع، وصدق رهانه. تفاقمت النقمة الشعبية إثر تسريبات وتصريحات أكدت توافق القوى السياسية الرئيسية في البلاد على تكليف الصفدي قبل بدء الإستشارات بموجب الدستور، فلم يُكمل 48 ساعة رئيساً إفتراضياً. أعلن انسحابه، بعد تنصل رؤساء الحكومات السابقين من دعمه وتأكيدهم ترشيح الحريري، لكنه ربطها "بصعوبة تشكيل حكومة مُتجانسة، مدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين، وتتخذ إجراءات انقاذية فورية تضع حداً للتدهور الإقتصادي والمالي"، وعند هذه النقطة انطفأت محركات المفاوضات الحكومية، ومنها اندلعت حرب بيانات بين متفاوضَين أساسيَين بعد محاولات كل منهما نفض يده من الصفدي الذي ظهر في نهاية الأمر "كمرشّح يتيم". حرب سرعان ما انضمّ اليها طرف ثالث هو الصفدي!

وكان الصفدي أوضح في بيان اعتذاره لصعوبة تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من كل الأفرقاء السياسيين في البلاد، حيث هناك من يطالب بحكومة تكنوقراط، المرفوضة من قسم كبير من اللبنانيين، وآخرون يطالبون بحكومة تكنو سياسية، التي بدورها تتعرض للرفض، وخصوصا ما يسميه الشارع إعادة إنتاج نفس الطبقة السياسية التي يطالب الشارع بتغييرها بالكامل.

وفي ظل هذه التجاذبات والازمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان، والانسداد السياسي الذي وصلت اليه البلاد، تتجه الأنظار لاحتمال إعادة تكليف الحريري مجدداً بتشكيل الحكومة العتيدة، لكن المطالب الشعبية تبقى أساسا للعبور نحو التشكيل، معطوفة على التفاهمات السياسية المطلوبة بين القوى السياسية في البلاد، كحزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر، الأمر الذي دونه المزيد من المشكلات، بانتظار بلورة نهائية للحل والتوافق على حلحلة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي باتت تهدد الجميع.