خفايا وبنود سرية أميركية في 'سد النهضة'.. ومصر الخاسر الاكبر

خفايا وبنود سرية أميركية في 'سد النهضة'.. ومصر الخاسر الاكبر
الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٥٠ بتوقيت غرينتش

تساؤلات واستفسارات عدة طرحتها مشاركة الولايات المتحدة الاميركية في الوساطة بين أطراف الازمة المتعلقة بسد النهضة الاثيوبي، وخفايا النوايا الاميركية والاسرائيلية في الدخول على خط الأزمة.

العالم - مصر

وصف سياسيون ومختصون مصريون، جولات المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، تحت رعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، بأنها "مضيعة للوقت"، وتأتي ضمن خطة أمريكية إسرائيلية، لخداع الشعب المصري، مستدلين بعدد من المستجدات التي شهدتها أزمة سد النهضة خلال الأيام الماضية.

وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن الجولة التي جرت بالخرطوم، صاحبتها عدة مؤشرات خطيرة لم تكن في صالح مصر، منها إعلان وزير الري الإثيوبي، بدء الملو التجريبي لبحيرة سد النهضة، في تموز/ يوليو 2020، وفقا للجدول الذي وضعته إدارة السد، وبما يحافظ على المصالح الإثيوبية.

وتزامن تصريح الوزير الأثيوبي، مع تصريحات أخرى أطلقها وزير الري المصري، أثناء اجتماعات الخرطوم، أكد فيها تفهم حكومته للمخاوف الإثيوبية المتعلقة بإجراءات الملو والتشغيل، مشيرا إلى أن مصر مستعدة لحلحلة الأمور، بدعم بيع فائض إنتاج كهرباء سد النهضة، من خلال شبكة الكهرباء المصرية، التي تبيع فائض إنتاجها لأوروبا وعدد من الدول العربية.

البنود السرية

وفي تعليقه على الدور الذي لعبته الولايات المتحدة لصالح إثيوبيا، أكد رئيس مركز الحوار بواشنطن، عبد الموجود الدرديري لـ "عربي21"، أن أمريكا منذ البداية لا تلعب لصالح مصر، وإنما لصالح إثيوبيا، باعتبارها ستكون مركز ثقل أمريكي جديد في القارة الأفريقية، بينما الحكومة المصرية ليس لديها وسائل ضغط على أمريكا ولا غيرها، ما يجعلها دائما في خانة المتلقي للتعليمات.

ويشير الدرديري إلى إن اللوبي الصهيوني بواشنطن، هو الذي يدير ملف سد النهضة، وبالتالي فإنه لن يكون حريصا على المصالح المصرية، ولذلك جاء التحرك الأمريكي الأخير، ليشارك الخداع للشعب المصري، الذي ينظر لأزمة السد بشكل مغاير لتحركات الحكومة المصرية.

ويضيف الدرديري قائلا: "فكرة الوساطة الأمريكية، كانت أشبه بالدبوس الذي منحته واشنطن للسيسي، ليقوم بإفراغ الغضب الشعبي بعد إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي استعداد بلاده حشد مليون مقاتل للدفاع عن سد النهضة، وتزايد المطالب الشعبية المصرية لحكومتها، بالرد على التهديدات الإثيوبية بما يحفظ المصالح المصرية، ولذلك كان التدخل الأمريكي الذي يحركه اللوبي الصهيوني لدعم السيسي وإثيوبيا، ضد الشعب المصري".

وحسب الدرديري فإن الخطوط الساخنة بين القاهرة وواشنطن، تشهد العديد من المناقشات للخروج من الأزمة، منها تنفيذ البنود السرية لإتفاقية السلام بين مصر و"إسرائيل"، بوصول مياه النيل للأراضي الفلسطينية المحتلة، عن طريق سيناء، ولذلك ليس مستبعد أن يكون الدعم الأمريكي لاثيوبيا، من أجل الضغط لتنفيذ هذا البند، الذي بدأت خطواته التنفيذية خلال الأشهر الماضية بعزل سيناء، ووصول المياه لسيناء عن طريق ترعة السلام.

ويؤكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل لـ "عربي21"، أن الوساطة الأمريكية، مجرد وهم تمسكت به الحكومة المصرية، من أجل محاولة تخفيف الأضرار المرتبطة بأدائها السيئ في أزمة سد النهضة منذ بدايتها.

ويوضح الأشعل، أن مصر، مازالت تصر على عدم الإصغاء للمختصين المصريين، في العلاقات الخارجية، والقانون الدولي والشؤون الإفريقية، ومازالت تعمل بنفس الطريقة، على أمل أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إثيوبيا لتليين مواقفها لصالحها، ولكن لأن إثيوبيا أصبحت الطرف الأقوي، فإن كل ما يقوم به المسؤولين بمصر، هو أشبه بالبحث عن حل في السراب.

ترحيب إسرائيلي

يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه (خارجية الاحتلال الإسرائيلي) للمرة الأولى، استعدادها لمساعدة إثيوبيا في إدارة مواردها المائية، والمشروعات المرتبطة بها، بما فيها سد النهضة، كما جاء في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، بعد الاجتماع الذي جرى يوم السبت 21 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في تل أبيب، بين وزيرة الدولة الإثيوبية للشؤون الخارجية هيروت زمين، ونائبة المدير العام للشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية في الكيان الاسرائيلي آينات شيلين.

من جانبه أكد أستاذ السدود، وخبير شؤون المياه المصري، محمد حافظ، أن الجانب الإثيوبي هو الذي خرج فائزا في كل جولات المفاوضات التي جرت مؤخرا، تحت وساطة الإدارة الأمريكية، بينما لم تستفد مصر من الوساطة إلا بضياع المزيد من الوقت، لصالح إثيوبيا.

ووفق حافظ فإن إثيوبيا حصلت على منح وقروض دولية وعربية، مقابل الموافقة على المشاركة في المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة والبنك الدولي، بما قيمته 9 مليارات دولار، منها منحة وقرض من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وقرض آخر من السعودية بقيمة 140 مليون دولار، تحت مبرر الإصلاح الاقتصادي ودعم مشروعات الطاقة.

وقال حافظ في لقاء تلفزيوني: "الأسبوعان الماضيان شهدا انتشار حالة من التفاؤل في أوساط إعلام (مصر) حول التوصل لإنهاء أزمة سد النهضة، لكن وزير الري الإثيوبي، فاجأهم بالحقيقة وهي عدم التوصل لأي حلول، وهو ما يُظهر وجود فرق شاسع بين تفسيرات الإعلام المصري، والواقع الفعلي للمفاوضات".