لبنان: رفض العرض الإيراني المتكامل يعني زيادة الخسائر الماليّة

لبنان: رفض العرض الإيراني المتكامل يعني زيادة الخسائر الماليّة
الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠٢٠ - ١٠:٠٧ بتوقيت غرينتش

الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس مجلس الشورى الاسلامي في ايران الدكتور علي لاريجاني الى بيروت كانت اليوم الثلاثاء محط اهتمام واسع لوسائل الاعلام اللبنانية و المواقع الاخبارية حيث عكست مواقف لاريجاني بشأن استعداد ايران مساعدة لبنان على حل ازماته الاقتصاية و منها الكهرباء و أكدت بعض المواقع الاخبارية رفض العرض الايراني يعني الخسائر المالية للبنان.

العالم_لبنان

وحسب المواقع الاخبارية لم تكن هي المرة الأولى التي تبدي فيها ​الجمهورية​ الإسلامية في إيران​ الإستعداد الكامل لمؤازرة ​لبنان​ إقتصادياً. سبق وأن اطلّت العروض الإيرانية عند كل ولادة حكومة لبنانية جديدة. وسبق ايضاً ان زار ​اللبنانيون​ ​طهران​ للإطّلاع على قدراتها الإنتاجية في مجال ​الصناعة​ تحديداً. لم تقبل أي حكومة سابقة أي مساعدة إيرانية لتخطي أزمات لبنان الإقتصادية، تارة لأسباب إقليمية، كي لا تُغضب الحكومات اللبنانية ​دول المنطقة​، وتارة أخرى لأسباب دولية، كي لا تُزعج تلك الحكومات المتتالية الدول الغربية وتحديداً ​الولايات المتحدة​ الأميركية.

حلّت هذه المرة في لبنان ​حكومة تكنوقراط​، مدعومة من لون سياسي واحد، وخالية من القوى السياسية المحسوبة تاريخياً على الحلف مع ​واشنطن​ أو ​الرياض​. لكن عرض ​ايران​ الذي قدّمه رئيس ​مجلس الشورى​ الاسلامي علي لاريجاني​ للبنانيين لا يختلف عن العروض الإيرانية السابقة. تكرر طهران إيجابياتها، بغض النظر عن الموقف اللبناني. فهل يأتي الجواب في ​بيروت​ مختلفاً هذه المرة؟.
إذا كانت كل القوى التي دعمت تأليف هذه الحكومة تطالب بأن يحظى ​مجلس الوزراء​ الحالي بفرصة إثبات نفسه لمدة لا تقل عن خمسة أشهر، رغم ان رئيس الحكومة ​حسان دياب​ كان تحدث عن فرصة مئة يوم، فإن تلك القوى لن تطيح بالحكومة لمجرد عدم قبولها بالعرض الإيراني، رغم ان المزاج الشعبي المحسوب على تلك القوى يطالبها بالقبول بعرض طهران لتخفيف الاعباء عن كاهل المواطنين والخزينة العامة.

فماذا قدم الإيرانيون؟ تحدث لاريجاني عن استعداد بلاده لتنفيذ معامل انتاج كهرباء، وتأسيس معامل أدوية، أو رفد لبنان بالادوية الإيرانيّة، وتزويد لبنان بالمشتقات ​النفط​ية.
تمتاز ايران بأنها تنتج ​التيار الكهربائي​، بعدما استحصلت على ميزات انتاج المعامل من ​كوريا​ الجنوبيّة سابقا. وللمفارقة أن من أحضر الشركات الكوريّة الى إيران سابقا هو الباحث اللبناني انيس نقاش، الذي يبدي الآن كل الإستعداد لنقل تجربة ايران الى بلده لبنان. لكن نقّاش ليس متفائلاً جرّاء التعاطي اللبناني المرتقب. هو يقول ان لدى ​الحكومة اللبنانية​ فرصة عشرة أيام لطرح العرض الإيراني على طاولة مجلس الوزراء، وفي حال رفضت التعامل مع إيران، "فإن ذلك يعني ان تجربة الحكومة ستكون فاشلة ولن تنجح في تحقيق أي إصلاح يبدأ في الكهرياء، ولن توقف تلك الحكومة الهدر القائم في لبنان". وتُقدّر قيمة الصرف على هذا القطاع بأكثر من ثلثي نسبة الدين وخدمته.

اوساط مطلعة تقول إنه إذا تم رفض العرض الإيراني المتكامل يعني زيادة الخسائر الماليّة من دون وجود بدائل. وفي حال قبول العرض الذي قدمته طهران، فإن الولايات المتحدة ستفرض ​عقوبات​ على قطاعات مصرفيّة واقتصاديّة لبنانيّة. ومن هنا يُرجَّح ان ينطلق الوزراء في مقارباتهم السلبية لموضوع العرض الإيراني. بينما يقول خبراء أن بإستطاعة لبنان تهديد العرب والأميركيين انه في حال عدم مساعدة لبنان، سيلجأ اللبنانيون الى قبول ​مساعدات​ ايران. لكن امر وصول ​الغاز​ او المشتقات النفطية الإيرانية سيواجه مطبّات صعبة لمنعه من الوصول عبر ​قناة السويس​ الى لبنان، كما سبق وحصل مع ناقلة النفط الإيرانية. علما ان الإيرانيين ينتجون مشتقات نفطية بجودة عالية.

امام تلك المعضلات، قد لا تسبب السلبية الحكومية تجاه العرض الإيراني بأي أزمة بين القوى الداعمة للحكومة. لكن عدم القبول بالعرض في ظل غياب العروض الأخرى البديلة الموازية وغير المكلفة قد تطيح بالحكومة ولو بعد أشهر لأسباب إقتصاديّة وليست سياسيّة، خصوصا في مقاربة ملفّ ​الكهرباء​ الذي سيكون عنوان المرحلة.

كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية: تطوّر بالِغ الأهمية تمثّل في الزيارة التي قامَ بها رئيس مجلس الشورى الاسلامي في إيران علي لاريجاني، إذ جدّد استعداد إيران لمدّ يد العون إلى البنان في مجالات عديدة (التجارة والكهرباء والماء والغاز وكذلك القطاع الزراعي والنفط والبتروكيماويات)، ومُساعدته على تحسين أوضاعه الاقتصادية.

و أكد لاريجاني أن كل الطروحات الايرانية تجاه لبنان لا تزال مطروحة، ونحن لا نخفي دعمنا للمقاومة، ونحن بحثنا اليوم جميع مجالات الدعم للبنان، خلال لقاء المسؤولين، في المجالات الصناعية والاقتصادية والزراعية». وأشار إلى أن «لبنان يمرّ بمرحلة حساسة، ونحن نأمل أن تتمكّن الحكومة الجديدة من تخطّي الصعوبات كافة، ونحن على كامل الاستعداد للتعاون في المجالات كافة.

العرض الإيراني المتجدّد يأتي فيما تزداد حاجة لبنان إلى الدعم على كل الصعد، ما يطرَح السؤال حول قدرة حكومة حسّان دياب على تحدّي الفيتوات الغربية، وتحديداً الأميركية والخليجية، التي رضخت لها الحكومات السابقة، إذ كان بعض مكوناتها يخضع للإملاءات الأميركية، إما بسبب الجبن السياسي أو الانصياع لسياسات واشنطن في المنطقة. وانعكس ذلك رفضاً مُطلقاً لأي عرض إيراني مهما بلغَ حجمه أو فائدته، مع الإصرار على حصر قبول المساعدات من جهات مُحددة، وإبقاء لبنان تحتَ وصاية الغرب. بمعنى آخر، فإن الحكومة اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين هم اليوم أمام اختبار جرأة لاتخاذ قرار بقبول العرض الإيراني من دون التنسيق مع الغرب.


العالم_لبنان