اردوغان.. المنطق المأزوم داخليا وخارجيا

اردوغان.. المنطق المأزوم داخليا وخارجيا
الخميس ٠٥ مارس ٢٠٢٠ - ٠٤:٣٧ بتوقيت غرينتش

لم ينفع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هروبه إلى الأمام، عبر دعمه للمجموعات المسلحة في ريف ادلب، بكل الوسائل القتالية، ليبقى منطق تعاطيه مع الحالة في ادلب مأزوما داخليا وخارجيا.

العالم - قضية اليوم

وازدادت ورطته بعد ارتفاع عدد قتلى جيشه في المحافظة السورية، فعاد ليلعب بورقة النازحيين السوريين تجاه اوربا، لانتزاع الضغط منهم على روسيا، بعد ان فقد الكثير سياسيا وعسكريا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، ليعلق الجميع نظره باللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي والروسي والخاص بأدلب، ليحدد نقاط كثيرة في مستقبل هذه المنطقة الحيوية.

إن عدنا بالذاكرة قبل سنوات، وتحديدا في عام 2015، نذكر كيف كان الكثير من قادة دول العالم يتحدث عن تقسيم البلاد ويسعى الى ذلك، وهذا الاعتقاد ذاته الذي دفع التركي خلال هذه السنوات، للدخول الى الشمال السوري، حيث لم يدرك التركي ان القيادة السورية وحلفائها لم يتركوا شيئا للصدفة، وكل ما نشاهده الان هو عبارة عن الفخ الذي وقع فيه اردوغان، ويحاول الخروج منه عبر الاجتماع بالرئيس بوتين، حيث يجمع المحللون في كل المنطقة، ان انقرة وموسكو دخلتا مرحلة اشتباك علني في ادلب، وذلك عقب التطورات العسكرية الاخيرة وسيطرة الجيش السوري على مساحات تصل الى 2000 كيلومتر مربع في ريف ادلب، وتقدم على عدة محاور، ما يجعل المرحلة ليست للحل السياسي فقط، بل دخولها مرحلة الاشتباك الاقليمي والدولي، وتفكيك نقاط الحرب المفروضة على سورية، من مجموعات مسلحة وتجاوزها، ومن ثم البحث عن اساسات الحل السياسي، بعد الخلاص من الارهاب.

الدولة السورية بكل وضوح، تحمل في اجندتها قرارا استراتيجيا وهو انهاء الارهاب في كل الاراضي السورية، واستمرار الحرب على المجموعات المسلحة وداعميها على امتداد الجغرافيا، هذا القرار يعلمه الاتراك جيداً ومن خلفهم حلف الناتو، ويقرون ان اللعبة التي قادها اردوغان مع عدة دول اقليمية، بالتشارك مع الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي قد انتهت، وما اللقاء بين اردوغان وبوتين الا محاولة من اردوغان لانقاذ ما تبقى من مجموعات مسلحة تابعة له، وما يرافق اردوغان الى طاولة الاجتماعات مع الرئيس الروسي، قد تكون فكرة وقف اطلاق النار، التي ترفضها، بحسب المراقبون، روسيا كما الدولة السورية، فالمعركة التي بدأت لن تتوقف الا بتحقيق كل الاهداف التي رسمت لها من قبل القادة العسكريين السوريين، ما يعني ان الجانب التركي الذي يحاول ان يعزز نقاطه العسكرية في ريف ادلب، سيكون امام احتمال سحب جميع نقاطه العسكرية من تلك المنطقة، ويرى المتابعون ان فكرة وقف اطلاق نار مؤقت لم تعد تنطلي على الجانب الروسي، وان هذا الطرح ما هو الا محاولة لتعزيز واحياء للمجموعات المسلحة التي باتت تنهار، فالتركي الذي ماطل في تنفيذ اتفاق سوتشي وتفاهمات استانا، لم يعد جدير بثقة القيادة الروسية، وتبقى الاحتمالات قائمة، ان ما سيطرحه التركي اعادة انتاج اتفاق جديد، يحمل روح اتفاق سوتشي لكن بشروط جديدة، قد تكون محاولة لاعطاء شرعية لتواجد القوات التركية التي زج بها اردوغان الى ادلب، والحفاظ على تواجد جميع القوات، والسيطرة على الطرق الدولية في تلك المنطقة من خلال قوات روسية تركية مشتركة، وهذا ما سيؤدي الى فشل القمة وهذا يرجح الذهاب بالمنطقة الى مواجهة عسكرية.

بالمحصلة فإن الساعات القليلة القادمة تحمل اجابة على كل ما ينتظر من اللقاء الروسي التركي، وستحدد ملامح مرحلة جديدة من الحرب على سورية، وكيف سيرتد فائض العنف الى تركيا، التي دعمته طيلة سنوات الحرب التي شهدتها البلاد.

حسام زيدان