السعودية تهاجم الخارج على أمل حل مشاكلها الداخلية

السعودية تهاجم الخارج على أمل حل مشاكلها الداخلية
الجمعة ١٣ مارس ٢٠٢٠ - ٠٦:٢٤ بتوقيت غرينتش

كعادتها تكتمت السلطات السعودية على حقيقة ما جرى بين رؤوس الأسرة الحاكمة وبالذات بين ولي العهد الامير محمد بن سلمان وبين عمه الامير عبد الله والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد السابق واخوانه وأولاد اخوانه.

ولم تكلف السلطة نفسها عناء الكشف عما حصل للمواطنين السعوديين، وكأنهم غير معنيين بالذي يجري في سلطات بلادهم، وكأنها تريد أن تقول لمواطنيها كما قال فرعون لبني اسرائيل "ما أريكم الا ما أرى" أي ان على الشعب أن يأخذ ما تردده السلطة وليس عليه أن يبحث عن اشياء لا شأن له بها. فاذا كان هذا على صعيد الشعب السعودي الذي من المفترض أن يكون مطلعا على كل شيء فما بالك بالخارج؟

الاسلوب الرخيص الذي تلجأ اليه الرياض لابعاد التساؤلات عما يجري في الداخل السعودي هو انها توزع اتهاماتها على هذا الطرف أو ذاك الطرف لينشغل الرأي العام السعودي بالعدو الخارجي الوهمي دون أن يلتفت الى المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد، بل يبدو علينا أن نضع معيارا للمشاكل الداخلية التي تعاني منها السعودية فكلما اشتدت هجماتها على الخارج علينا ان نعرف انها تعاني من مشكلة خانقة للغاية في الداخل وتحاول الخروج منها عبر رميها على الخارج.

ومنذ أيام تشن السعودية هجوما اعلاميا كاسحا على روسيا فيما يتعلق برفع انتاج النفط وسواء كان هذا الهجوم حقيقي أو سيناريو للتحرر من القيود التي تفرضها أوبك على حصص الدول الأعضاء، فان تزامنه مع الأزمة التي وقعت بين بن سلمان وأولاد وأحفاد نايف يشير الى وجود علاقة بين الأمرين، وليست هناك أية علاقة سوى أن الرياض تريد ابعاد الانظار عن هذه الأزمة الداخلية الكبيرة، التي من المؤكد انها ستكبر وتتعاظم مع وفاة الملك عبد الله واعلان نجله ملكا للبلاد.

الى جانب أزمة خلاف الأسرة الحاكمة على الذي يتولى منصب الملك بعد عبد الله، هناك أزمة أخرى تضيق الخناق على السعودية يوما بعد آخر وهي العدوان على اليمن، فدخل هذا العدوان عامه الخامس والسعودية لم تحقق أي هدف من أهدافها منه، ليس هذا وحسب بل أن القوات اليمنية لم تعد قادرة على الاحتفاظ بمواقعها والتقدم نحو مواقع أخرى وتحريرها من سيطرة العدوان ومرتزقته وحسب بل أن الجيش اليمني واللجان الشعبية بدأوا منذ عامين يستهدفون العمق السعودي خاصة وأن استهدافاتهم للمواقع السعودية ليست استهدافات عشوائية ومواقع صغيرة وثانوية، وانما يستهدفون المواقع الاستراتيجية السعودية سواء كانت المطارات أو المعسكرات أو المنشآت النفطية كما حدث لآرامكو الذي هز استهدافها العقلية السعودية قبل يهز اقتصادها.

مما لاشك فيه أن الرياض تريد التخلص من المستنقع السعودي ولكن بطريقة تحفظ معها ماء وجهها أي أنها في الوقت الذي تريد فيه سحب قواتها من اليمن فانها لا تريد أن يقول عنها أحد انها انهزمت من اليمن نتيجة فشلها الذريع فيه، وهذا مستحيل، فهي تريد تعيين السلطة والحكومة اليمنية التي تنسجم وتوجهاتها،ولكن ليس من حقها التدخل في تعيين السلطة القادمة في اليمن، بل يجب أن تدع هذا الامر لليمنيين ليتخذوا القرار المناسب بشأنه، كما يجب على السعودية دفع الخسائر التي تكبدها الشعب اليمني جراء قرار الرياض الارعن بشن العدوان عليه، عندها يمكن الحديث عن تسوية هذه المشكلة.

الهروب للامام ومهاجمة هذا الطرف أوذاك لن يجدي نفعا بل لا يسهم في حل المشاكل التي تعاني منها السعودية ان لم يكن يفاقمها، ففيما يتعلق بمشاكلها الداخلية عليها مصارحة الشعب وتدعه هو الذي يختار حكومته وسلطته حتى لا تضطر بين فترة وأخرى الى التستر على الأزمات التي تعصف في البلاط الحاكم، خاصة وأنه (لا تسلم الجرة في كل مرة) بل من المؤكد أن رائحة الخلافات والصراعات ستفوح يوما ما وانذاك لا يمكن السيطرة عليها.

اما فيما يتعلق بالمشاكل الخارجية فليس للرياض سبيل لحلها الا بالحوار والتفاوض مع الأطراف المعنية، ان لم يكن على قاعدة الجوار والارتباط الديني والمجتمعي والثقافي فعلى قاعدة المصالح المشتركة، فلا أحد يريد التفريط بمصالحه، أما أن تريد الرياض ابتلاع كل شيء لان مصالحها تقتضي ذلك فهذا لن يتحقق الا مع المغلوب على امرهم كالرئيس المخلوع عمر البشير أو غيره.