حكومة الوفاق تغير المعادلة العسكرية في ترهونة

حكومة الوفاق تغير المعادلة العسكرية في ترهونة
الثلاثاء ٢١ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٩ بتوقيت غرينتش

تمكّنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية من السيطرة على عدة مواقع عسكرية قرب مدينة ترهونة، أهمّ معقل لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد سيطرتها على ستّ مدن في الغرب الليبي، مما أثار تساؤلات بخصوص الإستراتيجية العسكرية لقوات الوفاق التي غيّرت المعادلة العسكرية بصورة سريعة.

العالم - ليبيا

فقد أسفر الهجوم على ترهونة جنوب شرقي طرابلس عن سيطرة قوات الوفاق على عدد من المواقع العسكرية بمحيط المدينة، منها معسكر الحواتم ومثلث القومة اللذان يبعدان نحو 10 كيلومترات عن وسط المدينة، وأسفرت العملية عن مقتل نحو عشرين جنديًا من قوات حفتر وأسر 102 آخرين، حسب تصريح المتحدث بإسم قوات الوفاق، محمد قنونو.

في تفاصيل المعركة، عمدت قوات حكومة الوفاق على تشتيت قوة حفتر في جميع المحاور بدءًا بجنوبي طرابلس ومحاور أخرى جديدة فتحتها بإتجاه ترهونة وجنوبها، وشرق مصراتة ما أرهق قوات حفتر التي لم تستطع أن تسعف بعضها بعضًا، حسب الخبير العسكري الليبي، محمد الغصري.

وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة أن "المعارك مع حفتر ليست عسكرية فقط وإنما تستند على الجانبين العسكري والإجتماعي، بعد إسقاط مناشير تطالب أبناء المدينة بعدم القتال وترك السلاح"، في حين ذكرت تقارير عسكرية أن إتصالات محتملة بين غرفة عمليات "بركان الغضب" التابعة لقوات الوفاق قد تمّت مع رجال القبائل لدخول مدينة ترهونة من دون قتال.

وأكد الغصري أن تحرير ست مدن في الغرب الليبي بدءًا من صرمان وصبراتة وحتى زلطن قرب الحدود التونسية، تمّ بخطة متوازية قامت بها غرفة عمليات بركان الغضب جمعت فيه بين العمل الإجتماعي والعسكري، واصفًا الخطوة "بالعمل البطولي".

يقول مراقبون عسكريون إن الحرب بين الطرفين تعتمد أساسًا على الطيران المسيّر، فقوات الوفاق تمهّد من الجو بضرب المواقع العسكرية لقوات حفتر، ومن ثمّ يتمّ تقدم القوات على الأرض، وقد عمدت قوات الوفاق وفي وقت واحد إلى قصف الإمدادات العسكرية القادمة من الجفرة إلى ترهونة ومنها إلى محاور طرابلس، وتمكّنت من شلّ حركة قاعدة الوطية بمواصلة قصف أهداف بداخلها.

وإعتبر الغصري أن "إنهيار قوات حفتر في محاور طرابلس مسألة وقت فقط، مع إتساع رقعة الحرب التي شلّت إمكانية هذه القوات على صدّ الهجوم". وأضاف: "نشوة الإنتصار في ست مدن في المنطقة الغربية ومحاصرة قاعدة الوطية الجوية إنجاز كبير"، معتبرًا أن السيطرة على مدينة ترهونة "لن يكون عصيًا على قوات الوفاق".

وكانت غرفة عمليات بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق قد إنتهجت في الفترة الأخيرة سياسة الضغط على محورين أو أكثر في آن واحد، ما أعطى مؤشرًا على مدى الإرهاق الذي وصلت إليه قوات حفتر.

وقد أعلنت غرفة العمليات المشتركة عن إستيلاء قواتها على عتاد عسكري كبير تمثل بعربات ومدرعات ثقيلة ومتوسطة في هجومها الأولي على ترهونة ومدن الساحل الغربي وإغتنام شتى أنواع الأسلحة الخفيفة وكميات كبيرة من الذخائر، تركتها قوات حفتر خلفها قبل هروبها من محاور القتال.

ويقول مراقبون عسكريون إن التطور الميداني الجديد جاء بعد تغيير حكومة الوفاق إستراتيجيتها العسكرية في المعارك من الدفاع إلى الهجوم، وأن من شجّعها على ذلك الإتفاقية الأمنية والعسكرية مع أنقرة، عبر دعم ترسانتها بأسلحة نوعية، بينما ذكرت تقارير عسكرية أن التقدم على محور ترهونة قد يصطدم بتضاريس جغرافية صعبة للمدينة لوقوعها على سلسلة جبلية يصعب إختراقها.

وقد عمدت قوات الوفاق في الآونة الأخيرة إلى قلب المعادلة العسكرية بإستهداف قاعدة الجفرة بعد أن قطعت طرق الإمدادات منها لترهونة ومن ثمّ لجنوب طرابلس.

سياسيًا، يشير مراقبون ليبيون إلى أن التقدم العسكري في محاور القتال قد يؤدي إلى تغيير المعادلة السياسية لصالح حكومة الوفاق، ويتفق مع ذلك المحلل السياسي، أشرف الشح، لكنه يعتبر التقدم العسكري الأخير إنجازًا مرحليًا، وقال للجزيرة: "من المبكر القول إن المعادلة السياسية ستتغير فالمعركة لم تتضح نتائجها بعدُ، خاصةً في زمن كورونا وإنشغال العالم به".

وختم الشح بأن "إستمرار المعارك سيكون لصالح الوفاق"، مرجحًا أن تتبع ذلك إنهيارات سريعة لدى قوات حفتر، "عندها فقط ستتغير المعادلة السياسية والدولية".

وأضاف: "هناك بعض الدول التي يوصف موقفها سابقًا بالحياد كإيطاليا مثلًا، بدأت بشكل غير رسمي بتغيير نوعية خطابها ومنطق الحلول لديها، بأن تتقبل الحل الليبي من دون حفتر".

كلمات دليلية :