أي عراق تريد السعودية؟

أي عراق تريد السعودية؟
الأربعاء ٢٢ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

قدر العراق ان يكون الاقرب جغرافيا من بين الدول العربية جميعا الى الامارات والمشايخ العربية في الخليج الفارسي، وهذه الجيرة للاسف الشديد لم تكن في يوم من الايام في صالح العراق ولا شعبه، بسبب السياسة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية وبتحريض امريكي غربي واضح، والتي تؤثر بدورها على مجمل الدول العربية الاخرى مثل الامارات والبحرين وقطر وغيرها، فالعراق "الجيد" في نظر السعودية هو العراق الذي يجب ان "يعادي" ايران، والعراق "السيىء" هو الذي يقيم علاقات جيدة مع ايران.

العالم كشكول

العراق "الجيد" سعوديا هو عراق الطاغية صدام حسين، الذي لا يعادي ايران فقط بل يشن عليها حربا ضروسا استمرت ثماني سنوات للدفاع عن ممالك النفط، كما اعترف بذلك الدكتاتور العراقي نفسه، فالعراق يجب ان يكون دائما وابدا في حالة صراع مع ايران، وهذا الصراع وفقا للنظرة القومية الشوفينية والنظرة الوهابية الطائفية، ليس له ضحايا الا اتباع اهل البييت عليهم السلام من كلا الطرفين، لذلك لا تخسر الدول العربية التي تحكمها انظمة رجعية وطائفية شيئا.

العراق "السيىء" هو العراق ما بعد عام 2003، العراق الذي يسعى الى ان تكون له علاقات متوازنة مع جميع الدول، ومن بينها ايران، بعيدا عن الدوافع القومية والطائفية، العراق الذي يجند كل امكانياته في خدمة ابنائه الذين ذاقوا الامرين في ظل الانظمة الدكتاتورية والطائفية التي ادخلت العراق في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، وعلى مدى عقود طويلة، العراق الذي يعامل ابناءه معاملة كريمة بعيدة كل البعد عن التمييز والتفرقة على اسس قومية وطائفية كما كانت تتعامل به الانظمة السابقة.

تسريبات للصحافة واعترافات مسؤولين كبار في اكثر من بلد ، اكدت على ان السعودية وظفت عشرات المليارات من الدولارات والاف الانتحاريين وتآمرت مع امريكا والدول العربية الرجعية الاخرى والكيان الاسرائيلي من اجل اعادة العراق "السيىء" الذي ظهر بعد عام 2003 الى العراق "الجيد" الذي كان عليه في زمن الطاغية صدام، وهذه التسريبات اكدتها السنوات الـ17 الماضية حيث لم يجد العراق الامن والاستقرار، فلا يخرج من مشكلة الا ويقع في مشكلة اكبر، فبات محكوما اما بالاحتلال الامريكي او الغزو الداعشي.

انطلاقا من هذه النظرة السعودية الامريكية الاسرائيلية للعراق، يمكن فهم النظرة السلبية والحاقدة التي نظر اليها الاعلام والصحافة التابعة لهذا التحالف ، الى الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى ايران، رغم انها زيارة لم تستفز السعودية ولا الامارات ولا البحرين ولا قطر، ولا اي دولة عربية اخرى، فالتصريحات التي ادلى بها مسؤولو البلدين اكدت على العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بين البلدين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، الا ان المراقب لا يجد حتى خبرا من سطرين في الصحافة والاعلام السعودي والخليجي تناول زيارة الكاظمي بشكل موضوعي، حتى الاخبار التي يجب ان تكون موضوعية لانها ليست تحليلا ولا تفسيرا، قد تم تحريفها بالشكل الذي يوحي ان هناك "عداء وخلاف" بين ايران والعراق، اما المقالات والتحليلات السياسية والبرامج الحوارية فكانت عبارة عن منابر فتنة فاضحة للنيل من الزيارة و تخريب اي جهد خير يمكن ان يصب في صالح الشعبين الايراني والعراق.

يصاب المراقب بصدمة كبيرة، لافتقار هذا الاعلام حتى لوجود شخص واحد، نكرر شخص واحد، تناول الزيارة والعلاقة بين ايران والعراق بشكل موضوعي، فجميع من تناولوا الزيارة دون استثناء، كان حاديهم الحقد الاعمى على العراق وايران، وهو ما يعكس حجم المؤامرة التي تستهدف العلاقة بين البلدين، والارادة الشريرة التي تقف وراء هذا الحقد الاعمى الذي لايريد ان يرى الا عراقا تعصف به الحروب والصراعات لتقر عيون ترامب وملوك وامراء ال سعود ودهاقنة الوهابية وحلفاؤهم الصهاينة.