هل هناك خطة أمريكية لاستبدال عباس بدحلان؟

هل هناك خطة أمريكية لاستبدال عباس بدحلان؟
الخميس ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٦:٣٦ بتوقيت غرينتش

فجّر ديفيد فريدمان سفير امريكا لدى كيان الاحتِلال الإسرائيلي قُنبلةً من العِيار الثّقيل، عندما أدلى بحديثٍ مدروسٍ، اختار كلماته بعنايةٍ فائقةٍ، لصحيفة “إسرائيل هيوم” المُقرّبة مِن نِتنياهو والنّاطقة باسم اليمين اللّيكودي المُتطرّف، كشَف فيه، أيّ الحديث، أنّ امريكا تدرس استِبدال الرئيس محمود عبّاس بالنّائب محمد دحلان عضو اللّجنة المركزيّة المَفصول من حركة “فتح”، والمُقيم حاليًّا في دولة الإمارات.

العالم-فلسطين

السّفير فريدمان يُعتَبر المُهندس الحقيقيّ للسّياسة الأمريكيّة في فِلسطين المُحتلّة، وكان وراء قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلّة، ووضع الخُطوط العَريضة لصفقة القرن باعتِباره الأب الروحي لمُؤلّفها “جاريد كوشنر”.

الكلمات “الخمس” التي سرّبها في هذه المُقابلة، هي رسالة قويّة وتحذيريّة واضحة للرئيس عبّاس، تقول له إمّا أن تُوقِف مُقاطعتك للحِوار مع امريكا، وتتراجع عن مواقفك الأخيرة في التّقارب مع فصائل المُقاومة وخاصّةً حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، وإلا فإنّ بديلك جاهِزٌ، فهل سيرضخ لهذه الضّغوط؟

الصّحيفة الإسرائيليّة المذكورة التي جرى توظيفها لنقل هذه “الرّسالة التهديديّة” قالت “إنّ هُناك تقديرات بأنّ امريكا تسعى فِعلًا للبحث عن البدائل، والنائب دحلان الذي يحظى بدعمِ امريكا وله علاقة وثيقة مع تل أبيب واحد من أبرزهم، ووجوده في دولة الإمارات التي وقّعت اتّفاق سلام مع كيان الاحتلال الإسرائيلي أمس الأوّل الثلاثاء في البيت الأبيض يُرجّح هذا التوجّه.

حُكومة الإمارات حاولت طِوال السّنوات القليلة الماضية أن تُرتّب مُصالحةً بين الحليفين التّقليديين السّابقين، وأبناء التّنظيم الواحد، أيّ عبّاس ودحلان، اللذين وقفا سَويًّا في الخندق المُقابل للرئيس الراحل ياسر عرفات في الفترة التي سبقت اغتياله، ولكن جميع مُحاولاتها، أيّ الإمارات، باءت بالفشل، ورفض الرئيس عبّاس هذه الوِساطة رغم المُغريات الماليّة التي كانت مَشروطةً بقُبولها، الأمر الذي أدّى إلى قطيعةٍ كاملةٍ بين الجانبين ازدادت شراسةً بعد التّقارب الذي حدث بين الأخير، أيّ النائب دحلان، وحركة “حماس” واجتِماعه مع وفد منها بزعامة السيّد يحيى السنوار برعايةٍ مِصريّةٍ في القاهرة، وتمخّض هذا الاجتِماع بالسّماح لبعض أنصاره بالعمَل علانيّةً في قِطاع غزّة.

السيّد نبيل أبو ردينة المتحدّث باسم الرئاسة الفِلسطينيّة ردّ في بيانٍ على السّفير فريدمان قائلًا “إنّ سياسة التّهديد والضّغوط المُستمرّة، ومُحاولات الابتزاز الأمريكي للرئيس عبّاس والقِيادة سيكون مصيرها الفشل”، وأضاف “إنّ شعبنا الفِلسطيني هو وحده من يُقرّر قِيادته وِفق الأُسس الديمقراطيّة التي أرستها منظّمة التحرير في الحياة السياسيّة الفِلسطينيّة، وليس عبر التّهديد والوعيد وسِياسة الابتِزاز الرّخيصة التي يُحاول السّفير فريدمان من خِلالها الضّغط على الشّعب الفِلسطيني”.

يَصعُب علينا أن نتنبّأ بالخطوة الأمريكيّة المُقبلة، فهذا الدّخان الذي أطلقه السّفير فريدمان ربّما خلفه نار ما زال جمرها تحت الرّماد، ولعلّ ما ذكره ترامب في حفل توقيع الاتّفاقات بين الإمارات والبحرين بأنّ هُناك اتّصالات مع الفِلسطينيين، وأنّهم سينضمّون في نهاية المطاف إلى عمليّة التّطبيع يَشِي بالكثير.. والسّؤال هو عن هؤلاء الذين يتفاوض معهم ترامب وإدارته “سِرًّا”، وهل هُم مِن داخل السّلطة أمْ مِن خارجها؟

نتّفق مع السيّد أبو ردينة بأنّ الشّعب الفِلسطيني هو الذي يختار قيادته، ولكنّ هذا الاختِيار، وعلى مدى العُقود الماضية، لم يتم إلا عبر طريقين لا ثالث لهما، الأوّل قِيادة المُقاومة المسلّحة ضدّ الاحتِلال، أو عبر صناديق الاقتِراع، أمّا استِمرار هذا الوضع الحالي، حيث لا مُقاومة ولا انتِخابات، فسَيُؤدّي إلى تسهيل مَهمّة الخطط الأمريكيّة، ونَكتَفِي بهذا القدر حاليًّا انتظارًا لاتّضاح الصّورة في الأسابيع المُقبلة.. واللُه أعلم.

*رأي اليوم