على إدارة بايدن الجديدة 'ذرف دموع التماسيح' في سوريا..

على إدارة بايدن الجديدة 'ذرف دموع التماسيح' في سوريا..
الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٥:٢٢ بتوقيت غرينتش

اثر رحيل السفير السابق لـ"الائتلاف السوري المعارض"، نزار الحراك الذي توفى في أحد مشافي مدينة إسطنبول التركية، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، عين "الائتلاف" المدعو "بلال تركية"، قائماً بأعمال سفارته في قطر.

العالم - كشكول

بدأ "تركية" بالفعل باكورة اعماله يوم أمس الإثنين "وفقا لتغريدة له نشرها على صفحة سفارة الائتلاف في قطر عبر موقع التواصل “تويتر”، باستقباله المدير العام لشؤون سوريا بوزارة خارجية تركيا، ومصطفى كوكصو سفير تركيا لدى الدوحة والوفد المرافق لهما، تناول الجميع "بلال تركية" وزائروه الحديث حول آخر المستجدات بالملف السوري، والتطورات الجارية على الساحة السورية، وما سيجري من تغييرات في هذا الملف بعد تغير الإدارة الأمريكية.

اللافت هنا هو الارتباط التام للإئتلاف السوري المعارض بتركيا المحتلة للاراضي السورية والى يومنا هذا، وبحماية اميركية (قوات احتلال لا فق بينها وبين القوات التركية في كونها قوات محتلة).

واللافت ايضا، تعويل الائتلاف المعارض على الحلول المغلفة القادمة من الخارج (عربية كانت أو أجنبية) في رسم مستقبل سوريا الذي يجب فقط تحديده من قبل ابنائه لوحدهم دون اي تدخل خارجي لا يعمل إلا لمصلحته ومصلحة الكيان الاسرائيلي المزروع بالقوة في المنطقة.

التعويل على الخارج "هواء في شبك"..

في هذا الصدد يقول وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن "الولايات المتحدة الأمريكية تشجع المجموعات الإرهابية على العمل لضمان وجود مبرر لبقائها في المنطقة"، وأن "هذا التشجيع الأمريكي يحدث في شمال شرق سوريا من خلال دعم المجموعات الانفصالية، ويتجلى ذلك في الدعم الذي تقدمه لتركيا لاحتلال الشمال الغربي"، اضافة للاحتلال الأمريكي المباشر لسوريا.

الاعتماد على الخارج لن ينفع المعارضة السورية في شيء وسط الفتنة التي اثارتها الولايات المتحدة واتباعها "حكام بعض الدول العربية" بتسريبهم التكفيريين والجماعات الارهابية الى سوريا عبر تركيا والمدعومة حتى اسرائيليا، فهل ينفع التعويل اليوم وسوريا وحكومتها وجيشها وشعبها في اوج اقتدارهم الدفاعي العسكري والمعنوي؟

أجاب على هذا السؤال أحد أبرز أوجه ما تسمى بـ"المعارضة السورية" المدعو "ميشيل كيلو" الذي تحدث لصحيفة (لافغارو LEFIGARO) الفرنسية عن بعض ما واجهته "المعارضة" في الخارج بإعترافه بان المعارضة السورية كانت "ساذجة"، لدرجة تعويلها على دخول المحتل الاميركي للاطاحة بالحكومة السورية، معترفا ان دخول بعض القوى الدولية على خط الازمة السورية، عقد الامر اكثر على المعارضة، وخفت بريقها الذي عملت "كل الدول الغربية وبعض الدول العربية" لتلميعها وزيادة بريقها، ولكن مع كل تدخل من هذه القوى، كانت المعارضة تفقد بريقها أكثر فأكثر في اعين الشعب السوري، وتتعرى أكثر فأكثر أمامه.

دمشق قوية بمسؤوليها وجيشها وشعبها

الحكومة السورية والدولة السورية قائمة اليوم قوية بذاتها وصلابتها المعهود وان تنصيب الإتلاف المعارض فلانا او علان في مناصب وهمية في سفارة مزورة هنا واخرى هناك لن يزيد المعارضة إلا رفضا داخليا الامر الذي يعجل في اندثارها وسقوطها الى الابد، فالمستقبل السوري بدا اليوم اكثر وضوحا ترسمه الدبلوماسية السورية في دمشق وتحدد مصير البلد دون غيرها من الدمى التي لا يهمها امر سوريا قدر اهتمامها بالاموال التي ترتزقها من قبل المراهنين على دمار هذا البلد العربي.

اللاعب الفتنوي الرئيس في سوريا هو الولايات المتحدة الاميركية وقواتها المحتلة، التي اعترف "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" مؤخرا انها (الولايات المتحدة) فقدت نفوذا كبيرا في سوريا بسبب سياسات إدارتي أوباما وترامب، مقترحا (المعهد) على إدارة الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن ومن يدير هذه السياسة المقبلة (العرجاء) التي اطلق عليها اسم سياسة "الوضع الراهن"، أن تتحلى بما وصفه بـ"الصبر الاستراتيجي".

الصبر الاستراتيجي؟

أوضح المعهد ان الصبر الاستراتيجي الذي يجب ان تسير على سياقه الادارة الجديدة للبيت الابيض يتمثل في أن تشارك (أميركا) حلفاءها (أدواتها) التابعين لها في عشر قضايا أولية، وذلك من خلال "تحديد موعد نهائي للجنة الدستورية التي تهدف صياغة ميثاق سوري جديد لتمهيد الطريق أمام انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة"، و"حث الأمم المتحدة على إعداد آلية مراقبة قوية لانتخابات سوريا 2021"، و"تسريع المصالحة الكردية"، و"الضغط على تركيا لاحتواء ما اسماه بـ"الجهاديين" (الميليشيات المسلحة الارهابية)"، وإشراك قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في عملية الأمم المتحدة كجزء من المعارضة السورية"، و"تحسين العمل الإنساني وزيادة المساعدات"، و"النظر في مشاريع (التعافي المبكر) في مناطق سيطرة الحكومة السورية ومزيد من جهود الاستقرار في الشمال"، و"إعادة التأكيد على شروط إعادة الإعمار"، و"تعزيز التعاون ضد مجرمي الحرب"، و"تذكير دمشق بالإجراءات قصيرة المدى التي يمكن أن تكسر الجمود".

صبر أم دموع تماسيح؟

بالقاء نظرة سريعة على مقترحات ما يسمى بـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، سوف نكتشف بنظرة خاطفة ان ما فقدته الولايات المتحد في سوريا اكثر بكثير مما وصفه المعهد بـ"فقدان النفوذ الكبير" في هذا البلد، فخلال امعان الدقة في ما بين سطور مقترحات "الصبر الاستراتيجي" يكتشف المرء وبسهولة ان الولايات المتحدة يراد منها ذرف دموع التماسح لارجاع ذلك النفوذ الذي ذهب ادراج الرياح بعد قلب سوريا الطاولة على رؤوس المتآمرين وألاعيبهم الخبيثة الماكرة ورفضها لكل الموازين الاميركية والعربية التدخلية رغم صلافتها واجرامها ووحشيتها في وقت ما في هذا البلد.

سوريا أكدت كما جاء على لسان وزير خارجيتها فيصل المقداد، أن السياسات الأمريكية هي سياسات لا إنسانية داعياً الولايات المتحدة والدول الغربية إلى “تصحيح نهجها القاتل بالنسبة لدول العالم النامية وألا تبحث عن مصالحها الضيقة من خلال أساليب لا إنسانية وتعتبر مخالفة للقانون الإنساني الدولي بكل أبعاده”، وأوضح أنه إذا أرادت الإدارة الأمريكية الجديدة أن تعمل من أجل عالم آمن وبعيد عن التهديد والدفع نحو الحروب فعليها أن تقضي على هذه السياسات وتسير في سياسة أخرى تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة ومع مبدأ التعاون الدولي في مختلف المجالات ومع سيادة واستقلال دول العالم.

المقداد يضع النقاط على حروف الانتخابات

لم يفت وزير خارجية سوريا التحدث عن مصير الانتخابات الرئاسية السورية وإمكانية تأجيلها حال فشل اللجنة الدستورية التوصل إلى اتفاق، مؤكدا أن "الانتخابات المقرر إجراؤها منتصف 2021 ستجري في موعدها"، و"حسب ما ينص عليها الدستور الحالي"، و"سنعمل على أساس الدستور الحالي حتى نضع دستورا جديدا"، و"هذا أمر تعرفه اللجنة الدستورية جيدا"، و"لن يكون هناك ربط بين الانتخابات وبين نجاح عمل اللجنة الدستورية"، و"إن "اللجنة الدستورية جاءت كنتيجة لمخرجات مؤتمر 'سوتشي'"، وقد شكّلنا الوفد الوطني"، و"نحن نعلم أن الأشخاص الذين تم تعيينهم يجب أن يأخذوا في اعتبارهم مصالح سوريا"، وان تكون تلك الاعتبارت مستقلة وذات سيادة"، و"أن تؤسس دستورا يخدم سلامة أراضي ووحدة الشعب السوري".

وبذلك فقد اسقطت دمشق كل ما في جعبة واشنطن وذيولها المفلسة من تحركات آنية ومستقبلية خائبة على كل المديات القريبة والبعيدة في سوريا.

السيد ابو ايمان

كلمات دليلية :