لقاء خاص.. نخالة يكشف للعالم تفاصيل دعم الشهيد سليماني للمقاومة الفلسطينية

الجمعة ٠١ يناير ٢٠٢١ - ٠٥:٥٥ بتوقيت غرينتش

في برنامج بعنوان "الحاج قاسم الفلسطيني أو فلسطين الحاج قاسم" أجرت قناة العالم الاخبارية حوارا خاصا مع الأمين العام لحرکة الجهاد الإسلامي في فلسطين السيد زياد نخالة.

العالم - ضيف وحوار

- الحاج قاسم شغل العالم برمته بنفسه وکان قلبا نابضا لمحور المقاومة.

-على مدى السنوات العشرين الماضية ، أثبت أنه أفضل شخص يمثل جمهورية إيران الإسلامية في هذا المجال.

-كان متواضعًا وبسيطًا لدرجة أنه في أثناء إقامة العلاقات معه كان يتم الاحتفاظ بالجوانب الرسمية والشخصية والإنسانية.

- کان يسأل أي شخصية مقاومة فلسطينية يلتقي بها عن الفلسطينيين وحياتهم، وعن شؤونهم الداخلية وأوضاع المقاومة ، بل وقضاياهم المعيشية.

شعرنا بأننا قريبون جدًا منه لدرجة أنه عندما ذهبنا إلى طهران ، دعانا إلى منزله لتناول العشاء مع أسرته.

- لعب الحاج قاسم دورًا يتخطى المقاومة على جميع الجبهات.

- کان يهتم بشكل خاص بالجوانب العسكرية وتدريب المقاتلين الفلسطينيين وکان يزودنا بتجاربه الحربية والقتالية ويساعد الفلسطينيين في صناعة السلاح.

مع التسهيلات التي نراها الآن في غزة ، يمكننا مواجهة إسرائيل لفترة طويلة.

كان القدس دائما في قلبه ، وأعتقد اعتقادا راسخا أن كل المعارك التي خاضها في المنطقة ، كان رأس سهامه في البداية متوجها للدفاع عن القدس والحفاظ على المقاومة.

- كان يعتقد مثلنا أن وجود إسرائيل في شكلها الحالي کنظام يشکل مخاطر على المنطقة كلها.

كانت الصواريخ التي زود قطاع غزة بها هي أولى الصواريخ التي أطلقت على تل أبيب.

لعب الحاج قاسم دورًا رئيسيًا في تشجيع الفلسطينيين على اطلاق الصواريخ بکثرة صوب عاصمة الصهاينة.

اليكم نص حوار قناة العالم الإخبارية مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة:

القدس كان يسكن قلب الشهيد سليماني

العالم: لنبدأ هذا الحوار من الحدث.. ماذا كان يعني لكم هذا القائد الميداني وكيف تجلت علاقتكم بالشهيد؟

نخالة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. بداية نحن علی مشارف الذكری السنوية الأولی لاستشهاد الحاج قاسم، الرجل الذي أشغل العالم، وأيضا كان قلب محور المقاومة، والذي كان له تقدير كبير في كل محور المقاومة وفي كل ساحات القتال، وأنا أعتقد منذ أربعين عاما كان حاضرا في الميدان وأبلی بلاء حسنا حتی نال الشهادة. بدون شك الحاج قسم شخصية مميزة علی كل المستويات، علی المستوی العملي وعلی المستوی الأيدولوجي، بمعنی القناعة بالمقاومة والعمل باتجاهها، وأيضا علی المستوی الروحي، حتی تكاد أن تعتقد أنه صوفيا، لدرجة تعلقه بالله سبحانه وتعالی.

العالم: كانت تربطكم علاقة شخصية؟

نخالة: بدون شك، أثناء العمل تعرفنا عليه معرفة جيدة عبر سنوات طويلة، أنا أذكر أنني عرفته منذ أكثر من عشرين عاما منذ استلم ملف قوات القدس، وهو حاضر في الملف الفلسطيني، وهو أيضا يتابع كل حيثيات الملف الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وكان يعتبر القضية الفلسطينية القضية المركزية للأمة الإسلامية، وهذا امتداد لموقف الجمهورية الإسلامية وليس اجتهاد شخصي من الحاج قاسم، لكن هو أيضا أثبت خلال العشرين عاما الماضية أنه خير من يمثل الجمهورية الإسلامية في هذا الموقف، وبدون شك أن الأشخاص لهم دور مهم وبارز. هو كرجل ذو شخصية استراتيجية ولديه قناعة كبيرة بالقضية الفلسطينية والتهديد الذي تشكله إسرائيل كعدو مركزي لهذه الأمة والمنطقة، وقناعته بضرورة تحرير القدس قناعة اعتقادية. كل هذه كانت عوامل دفعته أو كانت عاملا أساسيا في أدائه في الساحة الفلسطينية وعلاقته مع كافة قوی المقاومة.

العالم: سأتحدث عن هذا الموضوع دكتور لكن طالما تحدثت عن علاقة شخصية لابد من مواقف ومحطات أثارت انتباه الدكتور نخالة مع الشهيد سليماني.. حبذا لو أطلعنا المشاهد علی هذه الخصائص الغير معروفة.

نخالة: الجانب الإنساني واسع ومتعدد، يعني أحيانا أنت تلتقي قيادات تبقی العلاقة معها بشكل رسمي، لكن هو بدون شك رجل مميز، فقد كان مريحا لدرجة أن العلاقات تتحول أو تختلط فيها الرسمي مع الشخصي مع الإنساني.. في هذا كله مندمج، لذلك نحن التقينا عدة مرات وعلی المستوی الشخصي في العلاقات كان يحرص أن تكون اللقاءات ودية وأخوية، لدرجة أنه مرات عدة لعبنا كرة القدم سوية ومرات عدة سهرنا سهرات طويلة.

العالم: القائد المسؤول الملتزم وأيضا الإنسان..

نخالة: نعم بدون شك، أنا أذكر هنا في هذه المناسبة مسألة الجانب الإنساني، في إحدی المرات كنا مسافرين وكان بجانبي يجلس في الطائرة. حالة الحضور في الطائرة كانت بشكل حيث كان كل أخواننا في الحرس، طريقة معاملته معهم أو تعامله معهم كانت ودودة بدرجة كبيرة جدا، لدرجة أنه لفت انتباهي أن أحد الإخوة الضباط أعتقد وهو رجل كبير بالسن كانت ابنته معه. فجأة تناول الحاج قاسم سوارا من حقيبته وطلب الأخ وبنته وأهداها السوار، حتی أنا لفت انتباهي، فقلت له كيف تستطيع أن تكون جاهزا لكل المناسبات. هو كان مع كل إخوانه ومعنا يحرص علی اقتناء هدايا، إن كان خاتما أو سبحة، إلی آخره، فلذلك أنظر مدی الانتباه والاهتمام والجهوزية، لدرجة أنه يكون خاطر علی باله أنه في لحظة من اللحظات يلتقی بهذه المناسبة، ولاحقا فهمت منه أن هذه البنت متزوجة حديثا وهو كان في باله أن يهديها فكانت المناسبة أن يلتقيها في الطائرة مع والدها وكانت فرصة.. هذا جانب إنساني قل ما تجده لدی قادة همهم اليومي الميدان، خاصة أن هناك جبهات كثيرة تسكن قلبه ويتابع يوميا. نحن استفدنا من رحلة الطائرة بالحديث عن الملف الفلسطيني والهموم التي تواجه حالة المقاومة رغم أنه بالعادة نلتقيه دائما، لكن في السنة الأخيرة كانت أيضا اهتماماته تتوزع علی عدة مواقع، لكن في فترة من الفترات كان الهم الفلسطيني يشغل كل وقته واهتمامه، بحيث لايمر أسبوع دون أن نلتقي، إن كان في دمشق أو في بيروت أو في طهران. لاحقا قلت هذه اللقاءات وتباعدت المسافات نتيجة تعدد الجبهات وحضوره الدائم، وأنا لا أشك أبدا أنه كان 90 بالمئة من وقته يقضيه في جبهات القتال و10 بالمئة يقضيه في المكاتب أو شؤون الإدارة.

العالم: لطال ما كانت العلاقة إلی هذا الحد وثيقة بينكم وبين الشهيد الفريق القائد قاسم سليماني بطبيعة الحال أيضا لابد أن تكون هذه الشخصية أثرت كقائد لفيلق القدس بأمين عام حركة الجهاد الإسلامي إحدی اهم حركات مقاومة الاحتلال.. أين أكثر النقاط التي أثرت بك شخصيا هذه الشخصية؟

نخالة: بدون شك أنا وإخواني كنا نستشعر أهمية هذا الرجل من رؤيته وقدرته علی التحليل الاستراتيجي في المنطقة، وأيضا إحساسه وانتماءه لفلسطين والقدس. كان بدون شك دائما يسأل عن المجاهدين ويهتم بهم ويسأل حتی عن أسماء كثيرة هو يحفظها من الشعب الفلسطيني وأفراد المقاومة، وكان يهتم ويلتقي بكل شخصية فلسطينية في المقاومة، ويسأل عن الفلسطينيين وحياتهم و شؤونهم الداخلية وأوضاع المقاومة والمقاومين حتی في شؤونهم الحياتية، لذلك أنت تشعر دائما بأنه قريب. وأيضا قريب لغاية أنه يدعوك إلی البيت عندما تذهب إلی طهران بحيث تتناول الطعام عند أسرته ،وكما ذكر إخواننا هذا قليل ما يفعله الآخرون مع الفلسطينيين ومع إخواننا في حزب الله. لا أعلم كيف كان مع الآخرين لكن كان يشعر كل إخوانه بحجم اهتمامه بالفلسطينيين وعلاقته الشخصية التي كان يحرص عليها دائما كأنه يشعر الاخرين كأن الشخص المقابل هو الشخص الوحيد الذي يحضی باهتمامه، وهذا قليل ما تجده لدی قادة في موقعه، يعني أنت تتحدث عن رجل ربما من الأشخاص الأوائل المعدودين في الجمهورية الإسلامية، عدی عن دوره في المقاومة وفي كل الجبهات، لكن أيضا أهمية هذا الشخص في رؤيته الاستراتيجية كما قلت وحديثه عندما تجلس معه في التحليل السياسي في الرؤية وفي إدراكه لطبيعة جغرافيا المنطقة ككل، في النفوذ الأميركي وكيف يمكن أن نواجه أميركا أيضا كيف يمكن أن نواجه النفوذ الصهيوني في المنطقة.. علی كل الجبهات هو دائما حاضر الذهن وأيضا يعي تماما كلما يجري في المنطقة لذلك كان حريصا علی أن يعزز وضع المقاومة الفلسطينية، وهو بذل جهدا كبيرا وجهدا مميزا في تدريب المجاهدين الفلسطينيين، وسعی بكل جهد بتزويد المجاهدين الفلسطينيين بالأسلحة.

العالم: هنا اريد أن أسأل عن دور الشهيد القائد سليماني في دعم المقاومة، تعاطي الشهيد مع المقاومة ودعمها بالسلاح والصواريخ وفي النصيحة والإرشاد والمشورة العسكرية.

نخالة: نستطيع أن نقول إن الميزة، أي ما تميز بها الحاج.. ممكن أن تقول إن دولة كالجمهورية الإسلامية تساعد المجاهدين في فلسطين بإمكانيات مادية ومساعدات إنسانية، لكن أيضا جزء مهم من هذا الاهتمام كان هو يولي للجانب العسكري وتدريب المقاتلين وأن يكتسبوا خبرة قتالية وتصنيعية في التسليح، وأنا أعتبر بإشرافه لم تبخل الجمهورية الإسلامية علی مساعدة المجاهدين الفلسطينيين.

العالم: كان يتابع هذه الخصائص بدقة حتی في معسكرات التدريب؟

نخالة: بكل التفاصيل المملة حتی.. أحيانا يلاحق كل الأشياء، حتی في طعام المجاهدين في معسكرات التدريب كان يهتم، وأيضا في مستوی التدريب، نوعية التدريب، أيضا عندما نتحدث عن فلسطينيين ليسوا بأخصائيين في الصناعة لكن يهتم حتی لوكان عندهم أي قدر لكي يخضعوا لدورات مكثفة حتی يكتسبوا قدرة علی تصنيع الصواريخ وتصنيع العبوات وتصنيع هذه الأسلحة التي تحتاج ربما إلی سنوات طويلة وإلی مهندسين وشؤون أكاديمية. بالتأكيد ما نشاهده من إمكانيات موجودة الآن في غزة تستطيع أن تواجه إسرائيل في أوقات طويلة من الحرب لم تأت هذه الخبرة من عبث ولكن أتت نتيجة جهد كبير بذله الحاج قاسم من أجل أن يصل المقاتلين لهذا الهدف.

العالم: إحدی هذه النتائج من خلال الخبرة التي رفدها الشهيد القائد الفريق قاسم سليماني إلی فصائل المقاومة تجلت في محطة معينة؟

نخالة: هو شخصيا لايدرب طبعا، لكن يعطي توجيهات للمختصين لمتابعة هذه الأمور.

العالم: هل نُفذت خطة من الخطط الذي هو وضعها مثلا؟

نخالة: بالتأكيد، طبعا كل هذه التصورات يعني أنه لا يوجد شيء بدون أوامر مباشرة منه ومتابعة، أين وصلوا.. ما هي النتائج.. وكان يتابع كل هذا، فضلا عن الخطوة الاستراتيجية التي بدأت في الأصل بإيصال الصواريخ والأسلحة لقطاع غزة، وهذا أمر كان شبه معجزة ومكلف جدا علی المستوی الفني والأمني والإمكانيات، لكن هذا حصل، وهو بذل شخصيا علی المستوی الشخصي، جهد شخصي، سافر لدول ووضع خطط ووضع قواعد لإيصال هذا السلاح، وبالفعل وصل هذا السلاح، وأنا أقول إن الصواريخ التي أوصلها إلی قطاع غزة هي التي تم افتتاح قصف تل أبيب بها، يعني أستطيع أن أقول كان للحاج قاسم دورا أساسيا في أن يجرؤ الفلسطينيين في قصف عاصمة الكيان الصهيوني، ومن تلك النقطة بدأ تطوير الأسلحة داخل فلسطين وأصبح الفلسطينيون الآن يصنعون كافة الصواريخ أيضا نتيجة الخبرة التي اكتسبوها بقرارات الحاج قاسم.. هذا شأن كبير ومهم ولعب دور في تعزيز المقاومة بدون شك.

العالم: هذا كان يشد دائما الشهيد قاسم سليماني بالاهتمام، كما أيضا اهتمام الجمهورية الإسلامية الايرانية التي وضعت فلسطين والقدس في أولويات اهتمامها.

نخالة: دون أي شك هو كان يعمل ضمن استراتيجية الجمهورية الإسلامية، لكن أيضا هو كان الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب.

العالم: إلی أي مدی كنت تقرأ فيه أن فلسطين هي ضميره وفي وجدانه، وبذل كل التضحيات علی كل المحاور لأجل هدف واحد وهو تحرير القدس؟

نخالة: كان القدس يسكن قلبه طوال الوقت، وأنا أعتقد وأجزم أن كل المعارك التي خاضها في المنطقة كانت بوصلتها القدس، الحفاظ علی المقاومة أولا، التأكيد علی أن يكون هناك محور قوي وجبهة قوية في مواجهة المشروع الصهيوني اعتقادا منه واعتقادا منا أن وجود إسرائيل بهذا الشكل وأيضا كدولة هو تهديد للمنطقة ككل، ككيان أنشىء علی تراب فلسطين علی أرض فلسطين واحتلال للقدس، فبالتالي كان هو كما نحن يعتبر تحرير القدس واجب عقائدي، لدرجة أنه كان يتواصل مع المقاومة باستمرار، حتی دعمه للمقاومة في لبنان لم يكن معزولا عن فكرته في مسألة تحرير القدس، لغاية أنه عاش فترة 2006 أي طوال فترة الحرب كان متواجدا في لبنان وحضر الحرب وشارك إخوانه.

العالم: كان يتابع إلی جانب الشهيد عماد مغنيه؟

نخالة: بجانب الشهيد وبجانب سماحة السيد ولذلك تعتقد أنه كان جزءا أساسيا من هذه المعركة، أيضا في المعارك الطويلة التي كانت تخوضها المقاومة في فلسطين هو أيضا كان يتابع ويحضر ويسأل ويستفسر عن أوضاع المقاتلين، لأننا في عدة معارك طويلة أمضتها قطاع غزة في 2012 و2015 و2008 كل هذه الفترات كان يأتي لدمشق وبيروت وأيام طويلة يمضيها معنا ومع إخواننا الآخرين في حماس، وتطورات الميدان وتطورات المعركة أيضا كان يتابعها وحتی يطلب خرائط ليشاهد حركة القوات الإسرائيلية وفعالية المجاهدين في التصدي. كل هذه التفاصيل كان يتابعها باهتمام.

العالم: كان تنسيق دائم ومستمر دكتور؟

نخالة: هو كان حاضرا علی مدی الوقت. ممكن تستغرب، في أحد الأيام كان هناك قصف إسرائيلي في دمشق استهدف أحد مراكزنا والذي ترتب عليه واستشهد الشهيد أخونا بهاء أبوالعطا، وحركة الجهاد خاضت اشتباكات مع العدو الإسرائيلي لغاية أننا قصفنا إسرائيل ومدن إسرائيلية علی مدار 48 ساعة، هو كان في مكان ما واتصل بي علی الهاتف وقال أنا أعتذر أنني لا استطيع أن آتي للمنطقة عندكم. لكن هو سأل واستفسر وتابع أكثر من مرة عن سير العمليات والنشاطات العسكرية، وكان ربما في العراق أو طهران.. لذلك هو لايغفل دقيقة واحدة عن متابعة المقاتلين ونشاطاتهم وخاصة في فلسطين.

العالم: الحدث الجلل آنذاك عندما تم الاغتيال الغاشم من قبل الأميركيين ومعهم أيضا الأتباع الإسرائيليين بأمر مباشر من ترامب كانن هناك مقولة تقول إن أميركا وكيان الاحتلال كانا يدعيان بأنه إذا تخلصنا من قاسم سليماني سيخفض ذلك من قوة المقاومة ويؤمن الاستقرار للمنطقة.. إلى اي مدى هذه الفرضية التي وضعتها الإدارة الأميركية كانت مقنعة أو مجدية على أرض الواقع؟

نخالة: بدون شك أن لكل قائد بصمة معينة في مسيرة الجهاد والمقاومة، وبدون شك أن اختيار اغتيال الحاج قاسم ترك أثرا على الأقل معنوي في نفسية المقاتلين في كل المنطقة، لحضور الرجل الدائم على المستوى الشخصي والعملي والمعرفي، ترك أثرا كبيرا، لكن نحن ننظر إلى المسألة بعمق أكبر، فهذا مشروع جهادي كبير في المنطقة وهو غير مرتبط بشخص، كل هذا المحور بما للجمهورية الإسلامية من موقع استراتيجي هام فالحاج قاسم كان يمثل سياسات دولة في النهاية، لكن الشخص أيضا له دور في كيفية تنفيذ هذه السياسة، والقدرة على التواصل مع الآخرين، وهذا الأداء المميز، نحن فقدنا رجلا مميزا وذا قيمة عالية، نفتقدها في كل لحظة رغم أن هناك الأخ الحاج إسماعيل قاآني البديل كان نائبه أيضا هو لم يكن بعيدا عن حركة الحاج قاسم، فهو كان النائب الأول، وكان يتابع، ونحن عرفناه مع الحاج قاسم، أي كان بجانبه دوما يشرف وينفذ التوجيهات التي تتعلق بالمقاومة، الحاج إسماعيل كان حاضرا في كلها، وهو ليس بعيدا عن الملف، ولكن نحن عندما نتحدث هنا عن الحاج قاسم ودوره وحضوره لا يعني أنه تجاهل للإخوان الآخرين الذين كان أيضا لهم دور كبير في تنفيذ هذه السياسات.. لكن كوننا نتحدث عن هذه الشخصية بما تتميز به وتنعكس أيضا عل كل إخوانه في هذا السلوك والعلاقات.. فكل إخوانه يتمتعون بقدر أو آخر من الصفات التي كان يتمتع بها، لذلك نحن فقدنا الشخص لكن لم نفقد الدور بالمنطقة وهو دور الجمهورية الإسلامية وفعلها المباشر..

العالم: وهذا طبعا ما يدحض الادعاء الأميركي والإسرائيلي..

نخالة: نعم.. فكما قلت خسرنا شخص له قيمة معنوية كبيرة ودور كبير، لكن أيضا لم نخسر دور الجمهورية الإسلامية من خلال إخوانه الذين كانوا يتابعوا وكانوا يعرفون كل التفاصيل وهم حاضرين معه بشكل مباشر، وكانوا حاضرين معنا وهم الذين كانوا ينفذون وكانوا يدربون وهم المنفتحين، نحن نشعر بفراغ الحاج بما تراكمت لنا معه من علاقة عبر عشرين عاما، لكن من دون شك كل إخوانه كان لهم دور كبير ما زال حاضرا ومميزا، وسيأتي وقت نتحدث فيه عن كل إخوانه الذين كانوا يساعدونه أو يقفون بجانبه وبجانبنا أيضا.

العالم: يقال إن كل من يحمل فكر وعقيدة جهاد ونضال وقتال ضد محتل ومستضعف ومستكبر هو مشروع شهيد بالتالي، عندما سمعتهم بخبر استشهاد الفريق القائد سليماني برفقة الشهيد أبومهدي المهندس ورفاقهما كيف كان وقع الخبر؟

نخالة: نحن في ساحات الجهاد وبالنسبة لشخصيات من هذا النوع نتوقع دائما أن نسمع خبرا ما، عندما يكون لك أخ في جبهة القتال يجب أن تتوقع الأسوأ، بدون شك كان الخبر ثقيلا على القلب والعقل، لكنه لم يكن مفاجئا لدرجة أن يكون غائبا عن الذهن..

العالم: لا يحدث صدمة ولكن..

نخالة: من دون شك كان صادما للوهلة الأولى، لكن في الحقيقة في القلب والحقيقة أنت تتوقع استشهاده وتقول إن هذه منحة من الله سبحانه وتعالى أن أعطاه هذا العمر الطويل في المقاومة، فأنت تتحدث عن 40 عاما، من الجبهة العراقية الإيرانية إلى كل جبهات القتال في لبنان واليمن وفلسطين وسوريا والعراق، فهو كان حاضرا في كل هذه الجبهات وبشكل مباشر، ويمكن على وجه الخصوص في العراق وسوريا، هذه الجبهات المفتوحة.. عدا عن الجبهة 8 سنوات حرب مع النظام العراقي البعثي، فهو تحدث عن نفسه بالتعبير في إحدى المقابلات حين سألوه أن يعرف نفسه قال أنا قاسسم سليماني ذهبت للجبهة لـ15 يوم أو أسبوعين خدمة وعدت بعد 8 سنوات، أي 8 سسنوات من الحرب، كان فيها قائدا مميزا في جبهات القتال، وحتى أعتقد أن الموقع الذي كان يشغله كقائد قوات القدس كان امتدادا لدوره في الحرب لأنه كان قائد أحد الفيالق المهمة على جبهة القتال، وأنا سمعت من إخوانه انه كان يطلق عليه لقب "أسد إيران" على خطوط الحرب والجبهة، أي أنه كان مميزا وجريئا وكان المقاتل الأول على خط جبهة القتال قبل إخوانه المقاتلين، هو كان يتحسر دوما ويقول ذهبوا إخواني شهداء وأنا حتى اللحظة لم أستشهد، أي أنه كان يدعو الله سبحانه وتعالى دوما أن يرزقه الشهادة، فبعد هذا العمر الطويل اي أربعين عاما من القتال حيث خاض كل هذه المعارك .. فهو نال ما كان يحلم به، وهذا هو حلم كل المجاهدين في هذه المسيرة، أنا أعتقد أنه وبعد 40 عاما كانت هذه مكافئة كبيرة للحاج قاسم رغم خسارتنا الكبيرة له، وما ميز هذه المكافئة أنها اتت من الولايات المتحدة..

العالم: وأعطت الدفع الأقوى لمحور المقاومة..

نخالة: بالتأكيد.. كانت هذه شهادة كبيرة للحاج قاسم بعد كل هذه المسيرة الكبيرة وأيضا عززت كل روح الجهاد في المنطقة، أنا أقول إننا خسرنا الحاج قاسم لكن أنت لاححظت النهضة الكبيرة في الشعب الإيراني الذي عبر عن التفافه وتأييده للحاج قاسم وتأييده للمقاومة، يعني هذا الخط وهذا المنهج واضح..

العالم: كان واضحا من خلال التشييع والمراسم..

نخالة: نعم.. أنت تتحدث عن عشرات الملايين خرجوا في تشييع الحاج قاسم، تقرأ المشهد داخل الجمهورية الإسلامية، وأعتقد أن هذا كان ردا كبيرا على الخطوة الأميركية باغتيال الحاج قاسم، ورد على أن أحلامهم بكسر روح المقاومة في المنطقة باغتيالهم للحاج قاسم ستسقط، لذلك أنا أعتقد أن المسيرة مستمرة، ولم يتغير شيء على موقف الجمهورية الإسلامية أو على حضور إخوانه في كافة الساحات، وعلى وجه الخصوص الساحة الفلسطينية، لذلك نحن فقدنا الحاج قاسم لكن لم نفقد الجمهورية الإسلامية.

العالم: إلى أي مدى أثر هذا الافتقاد بحركة الجهاد الإسلامي أو بقية الفصائل الفلسسطينية المقاومة؟

نخالة: طوال السنوات التي عرفناه فيها كان حاضرا غائبا، ييعني أنا أقول حتى في غيابه كان حاضرا بمعنى الاحساس بالاطمئنان، يعني وجوده حتى لو لم يكن في أي اجتماع لكن وجوده وروحه كانت حاضرة، وجوده يعطيك إحساس بالاطمئنان دائما، حتى لو لم ييكن حاضرا في اليوميات أو التفاصيل أو في المنطقة، لكن في الإحساس فهو حاضر، لكن هذه مشيئة الله، نحن نتوقع هذه الشهادة، وهذه كانت أمنيته، وهي ليست أمنيته فحسب فهذا متوقع لكل شخص في مييدان المواجهة، وفي ميدان الجهاد من المتوقع أن يستشهد الرجل، ولم يكن اسستشهاده مفاجئا بقدر ما أننا فقدنا أخا كبيرا مميزا وله دور كبير.

الدعم الإيراني للمقاومة لم يتغير بعد استشهاد الحاج قاسم

العالم: كيف استمرت العلاقة مع الجمهورية الإسلامية بعد استشهاد الحاج قاسم؟

نخالة: لم يتغير شيء، لأن كل طواقم العمل لم تتغير، والمتابعة والاهتمام بقي كما هو، نفس الروح، فإن الحاج قاسم هو ممثل الجمهورية الإسلامية، يعني أنه ينفذ سياسات الجمهورية الإسلامية، ومن أتى بعده في هذه المهمة هو أيضا كان المساعد الأول له وهو أيضا ينفذ سياسة الجمهورية الإسلامية، التي لم تتغير ولم يحدث عليها تغيير بال بالعكس أنت تشعر الإصرار الكبير والتأكيد على حضور الجمهورية الإسلامية في مواجهة المشروع الأميركي في المنطقة ومواجهة إسرائيل.. بعض الأحيان يجري الحديث وكأن الجمهورية الإسلامية يجب أن تسير عكس المسير.. كل العالم سائر باتجاه والجمهورية الإسلامية بالاتجاه المدافع عن المقاومة في فلسطين وفي كل المنطقة والذي يتصدى لكل الظلم والقهر الأميركي في كل المنطقة، السطوة الأميركية الصهيونية التي تجعل أنظمة وأمراء وحكام يخضعون لسياساتها.. تجد الجمهورية الإسلامية تقف، وأيضا كل حلفاءها في المنطقة يشعرون بمدى أهمية هذا الموقف الذي يسري في كل المنطقة ويعطي معنويات كبيرة.

العالم: لندخل من هذا الشق.. لطالما كانت اهتمامات الشهيد القائد الفريق قاسم سليماني هو توحيد البندقية ضد الاحتلال الإسرائيلي، كان دائما إلى أن تكون هناك وحدة ووجهة واحدة بين الفصائل تتخطى كل الخلافات.. اليوم علاقات حركة الجهاد وحماسس والفصائل فيما بينها في إطار تنسيق الجهود وتوحيد البندقية في دحر الاحتلال إلى أي مدى وصلت في إفشال أي مخطط عدواني نتيجة ما نشهده اليوم؟

نخالة: بدون شك أن الحاج قاسم كان رجل وحدة في كل الأطر التي تتخيلها، على مستوى الإطار الإسلامي الشامل وتجاوز المسألة المذهبية في المنطقة، هذه الإيجابية كان يشيعها في كل الأوساط كما أيضا في موضوع الوحدة الداخلية الفلسطينية والحرص الدائم على متابعة أن تكون كل القوى الفلسطينية في جبهة واحدة وموقف واحد، حتى الإمكانيات المتاحة لدى حركات المقاومة كان أيضا هناك مجال اهتمام، لم يكن اهتمامه محصورا على الجهاد الإسلامي أو حركة حماس، بمعنى الحركات الإسلامية بل بالعكس كل الحركات المقاومة الفلسطينية كان يتابعها ويقدم الدعم والإسناد لها بمجملها، رغم أن هناك تمايز في العلاقة مع حماس والجهاد، لكن هذا لا يعني أنه كان متجاهلا لكافة القوى الفلسطينية بل بالعكس كان يؤكد على التواصل معهم، وأيضا يلتقيهم.

العالم: وكان الساعي إلى توحيد هذه الفصائل.

نخالة: بالتأكيد.. كان دائما يحث ويحرض، ويقول إنه بدون الوحدة الفلسطينية سوف يكون النصر صعبا، فالوحدة الفلسطينية كانت مسألة أساسية خلال النقاشات، وهو رجل وحدوي من الطراز الأول ويحث كل الفلسطينيين على الوحدة ووحدة الموقف.

العالم: طالما نتحدث عن الوحدة الفلسطينية.. ما الذي يؤخر اليوم هذه الوحدة؟ علاقة الفصائل والمقاومة والسلطة.. ما هو المطلوب اليوم من الجميع لحماية القضية الفلسطينية التي تتعرض لعملية تصفية من خلال التطبيع الممنهج؟

نخالة: بدون شك نحن نواجه مشاكل كثيرة في الجبهة الداخلية الفلسطينية، وهي مشاكل ناشئة من تصورات ورؤى، أي هناك اختلاف في الرؤية أو اختلاف في البرامج.. الخلاف الممتد في الساحة الفلسطينية هو أن جزء في الساحة الفلسطينية يؤمن بإمكانية التعايش مع المشروع الصهيوني.. وإخواننا في فتح على وجه الخصوص قادوا مشروع اتفاق أوسلو مع إسرائيل، قوى فلسطينية أخرى ترى أن في هذا تقديم تنازل مجاني للمشروع الصهيوني، وخاصة أن إسرائيل ليست مشروع سلام في المنطقة، إسرائيل مشروع هيمنة في المنطقة، على فلسطين والمنطقة أجمع، بالتالي نحن اختلفنا في هذا المحور وفي هذه الرؤية ومازالت الخلافات قائمة، للأسف هذا التيار موجود في الساحة الفلسطيينية، وإخواننا في فتح لديهم رؤية بإمكانية عقد مشروع سلام مع إسرائيل، أنا أتحدث بصراحة أن القناعة آتية من باب الضعف وليست من باب القوة، فالمقاوم لا يؤمن أن بالإمكان التعايش مع إسرائيل على قاعدة أن إسرائيل لم تطرح مشروع التعايش، على كول الوقت تتحدث إسرائيل عن أن فلسطين هي وطن للشعب اليهودي، ومشروع الضفة الغربية على الخصوص إسرائيل تعتبرها يهودا والسامرة، وكل هذا التاريخ اليهودي نشأ في الضفة الغربية، ومشاريع الاستيطان القائمة التي صادرت أغلب الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، نحن في حركة المقاومة لا نرى في إسرائيل مشروع دولة تريد حتى بعد أن أخذت الجزء الأكبر من فلسطين أن تتنازل عن جزء من الضفة الغربية للفلسطينيين، وللأسف هناك بعض الفلسطينيين يراهنون على المواقف الدولية أو مواقف بعض الدول العربية والشعارات التي تطلقها الدول العربية اليوم رغم ارتماءها في أحضان إسرائيل، وعلى مشاريع السلام.. هم يتحدثون عن إيمانهم في دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

السلطة الفلسطينية تبيع أوهام لنفسها وللشعب الفلسطيني

العالم: هذا يطرح سؤال آخر وهو أن هذا النهج أو الإيمان من قبل السلطة الفلسطينية بأن لا بد من عملية مهادنة وتنسيق أمني والوصول إلى..

نخالة: هم يعتقدون أن هذه الطريقة تجعل يمكن أن يكون هناك سلام وأن تمنح إسرائيل للشعب الفلسطينيي دولة فلسطينية في الضفة الغربية ويراهنون على ذلك..

العالم: هذا رهانهم.. لكن ألم يكن هذا الرهان أيضا قائم على عدم وحدة الفصائل ووحدة البندقية وعدم تأثير المقاومة أكثر لذلك كان هذا الوهم بالتعويل على أن السلام هو الحل؟

نخالة: عندما تقول نحن مختلفين أو اختلفنا على برنامج مواجهة إسرائيل .. فجزء من الشعب الفلسطيني يرى أنه يمكن إقامة سلام مع إسرائيل ويمكن أن تتنازل إسرائيل عن الضفة الغربية.. الجزء الآخر من الشعب الفلسطيني الذي يضم حركة الجهاد الإسلامي نعتقد جازمين أن إسرائيل لا تريد السلام وأنها تسيطر على الضفة الغربية.. أي أنها ستكمل استيلائها على كل الأراضي الفلسطينية، وأكبر دليل على ذلك )العالم: وتمعن بابتزاز السلطة..( أنها ملأت الضفة الغربية بالمستوطنات، فنحن نتحدث عن أكثر من مليون يهودي الآن في الاستيطان في الضفة الغربية، وهناك حوالي 300 ألف منهم في القدس.. فكيف يمكن أن تتنازل عن الضفة في حين أصبح لها مليون مواطن إسرائيلي في هذا المكان؟ كيف يمكن نقلهم؟ فلذلك أنا أعتقد أن السلطة الفلسطينية تبيع أوهام لنفسها وللشعب الفلسطيني بإن هناك إمكانية دولة فلسطينية في الضفة الغربية، بعد كل هذا الذي جرى عبر 40 سنة في الضفة الغربية من مشاريع الاستيطان، وأخيرا توج ذلك باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.. لذلك هم يحلمون أو يتوهمون بإمكانية السلام مع إسرائيل في حين أن كل رسائل إسرائيل ومواقفها تقول إن الضفة الغربية لها.

العالم: برأيك هذا الوهم هو الذي يؤخر المصالحة الشاملة؟

نخالة: بالتأكيد هذا يغير البرامج، فأنت أمام اتجاهين مختلفين، اتجاه إلى ذلك الجانب واتجاه يأخذ منحى المقاومة، فنحن متبنين المقاومة على قاعدة أن المشروع الصهيوني هو استولى على فلسطين ولا يمكن تحرير فلسطين إلا بالمقاومة والتضحيات، الوطن لا يعطى هدية، وما يثبت ذلك أن إسرائيل بكل سلوكها في المنطقة هو سلوك هيمنة، وحتى إخواننا في الدول العربية الواهمين الذيين ارتموا بأحضان إسرائيل على قاعدة أن إسرائيل تصبح جزءا من المنطقةوهذا هو جزء من المشروع الأميركي الصهيوني.. هم لم يحصلوا إلى مزيدا من الإذلال والانكسار لأنه دولة بحجم العدو الصهيوني تخضع كل هذه الدول العربية بمئات الملايين العرب وإمكانياتهم الاقتصادية والسياسية والأيدولوجيية و.. و.. إلى آخره.. يخضعون للمشروع الصهيوني فيما تشكل إسرائيل جغرافيا بـ20 ألف كيلومترمربع.. فيما لدينا في الدول العربية ملايين الكييلومترات المربعة وعشرات الملايين من البشر والإمكانيات والتاريخ والحضارة.. لكن للأسف هذا كله يخخضع أمام إسرائيل ويقدم فروض الطاعة والاستسلام، فالسلام مع إسرائيل هو استسلام لهذا المشروع الصهيوني بعد مسيرة طويلة وإقرار بأن المنطقة العربية تستوعب إسرائيل كجزء من المنطقة أو كدولة من المنطقة، وطبعا هذا نعتقد أنه مخالف للتاريخ وللإسلام، وفلسطين كما نقول هي درة التاريخ والإسلام والجغرافيا، والتنازل عنها هو تنازل عن عقائدنا وحضارتنا، لذلك الجهلاء والذين انفلتوا بالانفتاح على المشروع الصهيوني بهذه الطريقة المذلة والمخزية، بعض المفردات التي تسوقها بعض وسائل الإعلام العربية الرخيصة تسوق إلى اي مدى كان هناك انفتاح العشرات الذيين انفتحوا على إسرائيل لكن الإعلام العربي المهزوم يحظر هؤلاء كأن العرب هزموا أمام إسرائيل.

العالم: حتى حركة التطبيع الأخيرة البعض قال إنها ورقة انتخابية في صندوق ترامب.. البعض قال هي خطة قائمة إن كانت من خلال ترامب أو بايدن..

نخالة: لا هي ليست ورقة انتخابية فقط، بل هو مشروع، عملت عليه الحركة الصهيونية وإسرائيل والولايات المتحدة، هو عمل كبير وليس مجرد لحظة عابرة في التاريخ، أن يحدث هذا الانهيار، تم العمل عليه طوال سنوات طويلة، لترويض الرأي العام العربي والإسلامي بالتدريج، حتى أنك تستغرب في لحظة الانهيار هذه أن حتى ردود الفعل على مستوى الشارع العربي هي ضعيفة ومتواضعة جدا، لأن هذه الأنظمة والسياسات في المنطقة أرهقت كل هذه الأمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي، فاستنزفت الأمة، فعندما تأتي خطوة بهذا الحجم تجد ردة الفعل متواضعة جدا تجاهها، لكن أنا أقول طالما هناك فلسطينيين وحركة مقاومة في فلسطين ولبنان وكل المنطقة أقول إننا سنحيي مشروع المقاومة هذا، على قاعدة رفض القبول بالكيان الصهيوني في المنطقة مهما كان الثمن، وأعتقد أن المجاهدين في فلسطين وكل مكان لديهم استعداد بالتضحية والاستمرار بهذا الطريق، لا خيار أمامنا إلا الاستمرار في هذا الطريق، فالخيار الآخر هو الاستسلام للمشروع الصهيوني، وخيارنا هو خيار العز والكرامة والتمسك بالإسلام والعروبة.

الرد على التطبيع هو استمرار الجهاد

العالم: حركة التطبيع والهرولة المذلة التي شاهدناها مؤخرا من قبل العديد من الأنظمة العربية ويقال بأن هناك دول أخرى ربما تذهب أيضا في هذا الإطار برأيك هل تؤثر على قضية فلسطين وتقوي العدو على المقاومة، والبعض يقول إن إعادة التنسيق الأمني بين السلطة والكيان الإسرائيلي لبرما تكون أولى النتائج التي سيكون لها مفاعيل في الداخل الفسلطييني.

نخالة: بلا شك أن ما حصل يؤثر، ويؤثر على المستوى المعنوي بالدرجة الأساسية، على مسستوى الدعم لم تكن هذه الأنظمة تدعم حركات المقاومة أو تحتضنها، بالعكس كانت تشغل أجهزة الأمن واستخباراتها بالتجسس ومتابعة المجاهدين في المنطقة وتجمع المعلومات عنهم وتقدمها لإسرائيل، لكن المشهد الشكلي والمظهر يؤثر على كل المنطقة أن حالة انهيار حصلت، فعندما تحدث حالة انهيار دول تتنازل لإسرائيل وتقدم هذا الاعتراف السخي بدون حساب، هذا يعتبر انهيار، فأنت تتحدث عن حضارة تقدم انهيار أمام المشروع الصهيوني، لكن نحن نعتبر من واجباتنا أيضا أننا جزء من الهجوم المسستمر الصهيوني الأميركي على الحركات المقاومة وعلى المنطقة، لذلك نحن نستنفر ونقاتل، ولا نعترف بهذا الواقع، كما أن هذا الموضوع يفرز بين الحق والباطل حتى في الجبهة العربية، رغم أننا لم نكن نتمنى حالة الانهيار المهينة هذه وبهذا الشكل، لكن هذا حصل، وطالما حصل فإن من واجباتنا أن نقاومه، وأن نستمر في الجهاد، فهو لن يوقف جهادنا، ولن يوقف قناعتنا بأن فلسسطين هي وطن الشعب الفلسطيني وهي جزء من الوطن العربي والإسلامي، وواجبنا أن نقاتل لإزالة هذا المشروع، لكن حتى في المستوى العقلي إزالة الكيان الصهيوني هي أقرب للعقل وللروح لدى الناس المجاهدين من بقاءه والاستمرار به.

العالم: وبينت التجارب أن إزالة إسرائيل من الوجود ليست بالمستحيلة

نخالة: نعم.. بالضبط.. هي ليست مستحيلة ولكن نحن أيضا يجب أن نقوم بواجبنا.

العالم: طيب.. ما الذي تطلبونه اليوم من الدول المطبعة؟ حركة الجهاد الإسلامي كيف تنظر إلى هذه الدول وما هي النصائح أو الأمور التي تطلبها من كافة الشعب الفلسطيني والشعوب التي طبعت أنظمتها مع العدو.

نخالة: نحن على يقين من أننا طلبنا ام لم نطلب فإن هذه الأنظمة انهارت أمام الحركة الصهيونية، نحن نراهن على شعوب الأمة العربية والإسلامية، ونراهن على التغيير القادم لاحقا، لأن هذا ليس هو الوضع الطبيعي الذي تتميز به الأنظمة، ونراهن على الشعوب العربية والإسلامية أن تحدث تغييرا ما في وقت ما لهذه الأنظمة التي انهارت أمام المشروع الصهيوني، لكن وبالتأكيد سيبقی هذا واجب علی كل الأمة العربية والإسلامية أن تواجه هذا المشروع، لأن هذا مشروع مخالف للتاريخ كما قلت ومخالف للإسلام، عندما تتصور المسجد الأقصی والقدس تحت سيطرة المشروع الصهيوني.. تخيل هذه فلسطين.. هذه الجوهرة.. يعني قيمتها ليست في الجغرافيا المحدودة فقط.. لكن قيمة فلسطين كما قال العلماء: فلسطين آية من الكتاب آية من القرأن، بما هي ذكرت فيه، وأنت عندما تتحدث "سبحان الذي أسری بعبده من المسجد الحرام إلی المسجد الأقصی الذي باركنا حوله" يعني هو مبارك، وحوله مبارك، فهذا جزء من عقيدتنا، وعندما نتنازل عنه لايمكن للمسلم أن يعتبر نفسه مسلم ويتنازل عن جزء من عقيدته، هذا جزء من عقيدتنا التي يجب أن نتمسك بها كمسلمين وكل الأمة الإسلامية، ولايمكن وأنا لدي قناعة طال ما أن هناك أذان يرفع وصلاة تقام لايمكن أن يستمر هذا المشروع الصهيوني في المنطقة.

مجيئ بايدن لن يغير الوضع في الملف الفلسطيني

العالم: فيما تبقی من وقت دكتور أريد أن أتحدث عن رؤية حركة الجهاد الإسلامي حول مستقبل الصراع مع العدو الإسرائيلي في ظل هذه المتغيرات.. البعض يقول إن ما قبل ترامب ليس كما لو كان بايدن هو علی رأس السلطة في الإدارة الأميركية.. يتغير شىء في هذا الإطار.. علی مستوی حركتكم اليوم سعيكم إلی المزيد من التسلح وإلی المزيد من شد الهمة والعزيمة والعمل للوصول إلی رؤية ثاقبة من أجل ربما أن تكون المعركة الفاصلة مع الاحتلال.

نخالة: للأسف أميركا كالولايات متحدة هي منحازة لـ"إسرائيل" دوماً، بالرغم من تغير الإدارات لكن السياسة الأميركية تجاه "إسرائيل" هي منحازة تماماً للإسرائيليين، بغض النظر عن بعض التكتيكات التي تظهر بين الفترة وأخرى، أو تتمايز فيها إدارة عن إدارة، لكن بخصوص فلسطين علی وجه التحديد فالولايات المتحدة هي منحازة مئة بالمئة للإسرائيليين مع الأسف، وبالمقابل واجبنا أن نستمر في مسيرة الجهاد والمقاومة ونعبئ أبناءنا وأجيالنا وشعوبنا بمشروع المقاومة، مشروع تحرير فلسطين، أنا لا أعتقد أن هناك خيار آخر، الخيار الآخر هو الذل والهزيمة والاستسلام، ونحن نعتقد أن نموت ألف مرة في ميدان المعركة أفضل من أن نستسلم لهذا المشروع ولو للحظة واحدة، لذلك واجباتنا كبيرة، تنمو واجباتنا وتكبر، ولكن أيضاً إن شاء الله ننتصر، يعني طالما نحن لدينا قناعة ويقين أننا نتمسك بالحق وهذا حقنا التاريخي فيجب أن ننتصر عاجلاً او آجلا.

العالم: يعني تتوقعون زيادة الضغط بعد وصول بايدن؟ أم سيكون الوضع مختلف طالما هو يحمل أجندة مختلفة عن ترامب؟

نخالة: الملف الفلسطيني هو الضغط نفسه، نفس الشىء، المشروع الصهيوني يتمدد ولن يغير سياسته، للأسف كل شىء مرتبط بالعدو الإسرائيلي مباشرة. يعني مشاريع الاستيطان ومشاريع الاستيلاء علی الضفة الغربية قائمة، وكذلك أيضا في داخل تركيبة المجتمع الإسرائيلي، الحديث أحياناً يتحدث عن الإعلام بأن هذا يسار وهذا يمين.. لكن المشروع الصهيوني قائم علی فكرة أن فلسطين هذه هي دولة اليهود.. اليسار واليمين واليهود هم هكذا، ولا أحد يناقش، هم يختلفوا بينهم في بنية المجتمع في توفير ظروف حياة للمجتمع لكن علی المستوی السياسي لا يوجد يهودي في فلسطين يقول بأن الضفة الغربية مثلا للفلسطينيين أو يسلم بهذا الأمر، لذلك نحن أمام تحد كبير، يعني قد يكون الضعف قد أعطی للإعلام العربي وللسياسيين العرب بعض الأوهام يبنوا عليها أنه يمكن السلام والمفاوضات مع الإسرائيليين.. لكن للأسف الإسرائيليين ما عندهم مشروع آخر غير مشروع الاستيلاء علی الأرض.

العالم: دكتور بالنهاية توجه إلی هذه الكاميرا.. رسالتك إلی الشهيد سليماني في ذكری استشهاده الأولی.. رسالة حركة الجهاد الإسلامي وأيضا رسالة زياد نخالة تحديدا إلی محور المقاومة.

نخالة: بدون شك الحاج قاسم كان راية عالية وسيبقي راية عالية إن شاء الله، كان حيا، راية عالية وشهيدا أيضا، راية عالية نفتقده بعد عام من غيابه شهيدا، لكن بالتأكيد روحه حاضرة وذكراه حاضرة، ولن ينسی كقائد كبير كان له دور كبير في حماية المشروع الإسلامي في فلسطين وفي المنطقة. أيضا نحن كفلسطينيين واجباتنا أن نستمر في القتال والجهاد من أجل تحرير فلسطين. لن يتوقف الجهاد في فلسطين حتی لو تساقط البعض. هذه واجباتنا، والجهاد جزء من عباداتنا، وقلت يجب أن نذهب للقتال كما نذهب للصلاة، فالقتال هو مأمورين به كما أمرنا الله بالصلاة، كتب عليكم الصيام، كما كتبت علينا الصلاة، فلذلك كلها هذه في مجال العبادات، لذلك نحن كمجاهدين مسلمين لن نترك الجهاد ومقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة طال الزمن أم قصر.

العالم: دكتور زياد نخالة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي أنا أشكرك جزيل الشكر علی هذا اللقاء الخاص عبر قناة العالم.

نخالة: شكرا لكم تحياتي للجميع إن شاء الله والله يعطيكم العافية.