الجزائر تحتفل بإنجازات الثورة الإسلامية في إيران و تطلعات لتطوير العلاقات الثنائية

الجزائر تحتفل بإنجازات الثورة الإسلامية في إيران و تطلعات لتطوير العلاقات الثنائية
الخميس ١١ فبراير ٢٠٢١ - ٠٨:٥٦ بتوقيت غرينتش

نظمت السفارة الإيرانية بالجزائر، يوم الأربعاء، اجتماعا وديا مع الأسرة الإعلامية الجزائرية بمناسبة الذكرى 42 لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية على النظام البهلوي، عميل القوى الاستكبارية في المنطقة وسقوط آخر معاقل نظام الشاه في 1979، حمل عنوان " إيران اليوم....إنجازات الثورة الإسلامية الإيرانية" بهدف الإضاءة على منجزات هذه الثورة المباركة.

العالم-الجزائر

وبهذه المناسبة السعيدة التي نظمت بمقر السفارة بالعاصمة الجزائرية، ألقى سعادة السفير الإيراني بالجزائر حسين مشعلجي زاده كلمة، وجه من خلالها شكره للحضور الكريم الذي اقتصر على النخبة الثقافية و الأسرة الإعلامية، فقد حالت جائحة كورونا التي يشهدها العالم بأسره دون تنظيم حفل استقبال كما جرت عليه العادة في السنوات السابقة.

ولم يكن اختيار الأسرة الإعلامية اعتباطيا، كما أكد سعادة السفير، لما تلعبه الآلة الإعلامية من دور محوري في تشكيل الرأي العام بإعتبارها من أكثر الأسلحة فتكا في عصرنا الحديث و أقوى أدوات الهيمنة و التضليل لإرتباطها المباشر مع الشعوب، حيث تعتمد عليها الدول المهيمنة لتخريب بلدان وأمم، ومسخ وجودها القيمي والمجتمعي، وتحولها إلى حالات استنساخ تفتقد لأي نوع من الأصالة والتميز، فوقوع المجتمعات المناهضة للإستعمار و الهيمنة ، تحت أسر صور وتصورات الدول الإستكبارية، قاد إلى عملية خلق مشوهة في صناعة الرأي العام.

تطرق سعادة السفير إلى الثورة المظفرة التي قادها الشعب الإيراني بكل تحضر و سلمية، مطالبا بحقوقه عن طريق المسيرات و المظاهرات المليونية، و المتمثلة في الحرية و الاستقرار و تشكيل حكومة إسلامية، فلم يلجأ هذا الشعب العظيم إلى القوى الغربية أو الجماعات المسلحة، ما جعله شعبا ذو سيادة حقيقية معتمدا على مثله العليا.

و في هذا الصدد، أشاد السيد السفير بثورة التحرير الجزائرية التي بدورها أعطت دروسا للعالم في النضال لكسر شوكة المستعمر و التحرر من براثن العبودية و نيل الاستقلال، فقد ضحت الجزائر بخيرة أبنائها لتجسيد نفس المطالب، ألا وهي الحرية والاستقلال.

نوه سعادة السفير إلى الدسائس و المؤامرات الخارجية التي تحاك ضد بلده الثوري الذي جعل من التخلص من الهيمنة الغربية على العالم الإسلامي شعارا له، فراح يساند الدول المستضعفة القابعة تحت السيطرة و الاملاءات الغربية الليبرالية. ومن بين أهم الوسائل المستخدمة ضده الآلة الإعلامية التي تعمل ليل نهار على تشويه صورته و التعتيم على إرث و مقومات و مكانة هذا البلد العظيم ذو الحضارة الضاربة بعمق التاريخ.

هذا الخط التحرري لم يعجب القوى الإستكبارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي عملت على حياكة المكائد للجمهورية الإسلامية، ولم يسلم أي قطاع من هذه الأيادي الخارجية.

كما أضاف سعادة السفير أن هدف هذه الدسائس هو شن حرب قذرة على هذا البلد المقاوم و تشويه صورته الحقيقية، و لتحقيق هذه المآرب، جندت الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها للتعتيم على إنجازات هذه الثورة المباركة في شتى مجالات الحياة. إذ بالرغم من الحصار المطبق الذي عانى منه الإيرانيون لأكثر من أربعة عقود، و الإرهاب الاقتصادي الأشرس في التاريخ الحديث، خاصة مع قدوم حكومة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي رفعت من سقف العقوبات إلى أقصى درجة، كما جاء على لسان الرئيس السابق، أبت إيران إلا أن تواصل مسيرتها التي توجتها بالإنجازات الرائدة خاصة في التكنولوجيا و الطب و الصناعات، فإيران اليوم تزخر ببنية تحتية صناعية محلية.

كما نوه سعادة السفير إلى بشاعة النظام الأميركي السابق في حق الشعب الإيراني المسالم، الذي لم يرحمه حتى مع قدوم جائحة كوفيد 19، إذ واصلت الإدارة الأميركية السابقة هجماتها المخالفة للقوانين و كل المواثيق الدولية وسط صمت دولي رهيب.

وبالرجوع إلى مبادئ و ثوابت الثورة الإيرانية، شدد سعادة السفير على الشعار الذي رفعه الإمام الخميني، مفجر الثورة، و المتمثل في نصرة المظلوم أينما كان و بغض النظر عن دينه و لونه و انتماءاته الدينية و حتى السياسية.

و أول تجسد لهذا الشعار هو غلق سفارة الكيان الصهيوني في اليوم الموالي للإنتصار، الذي كان له علاقات وطيدة مع الشاه الإيراني، و استبدالها بسفارة دولة فلسطين. ومنذ ذلك اليوم، لا تتوانى الجمهورية الإسلامية عن تقديم الغالي و النفيس للشعب الفلسطيني الذي بلغت مظلوميته كل المسامع، فدعمته بالمال و العتاد، ناهيك عن التدريب و إيصال صوته في المحافل الرسمية و الدولية. و قد أخذت إيران عهدا على نفسها بعدم التواني عن هذا النهج قيد أنملة حتى بلوغ الشعب الفلسطيني الأعزل مرامه و ضفره باستقلاله التام الغير مشروط.

كما دعا سعادة السفير النخبة الإعلامية إلى رفع التحدي و إيصال أصوات الشعوب المظلومة، ردا على الحرب الإعلامية المضادة المغرضة التي تشنها القوى الاستعمارية، فالإعلام أضحى، كما أردف، الأداة الحربية الحديثة التي توجه لقلب المفاهيم في العالم، فمثلا يواجه هذا الشعب الأعزل الذي يدافع عن وطنه و مقدساته، وابلا من الحروب الدموية و التعذيب الداخلي و الحملات الإعلامية المغرضة التي تصوره تارة إرهابيا و تارة أخرى بلطجيا، في حين يصور الكيان الصهيوني، راعي الجرائم ضد الإنسانية بالمدافع عن حقوق الإنسان و مجابه الإرهاب.

و الشيء ذاته ينطبق على اليمن الشقيق أين يعاني الشعب ويلات المجاعة و الفقر و الدمار.

كل هذا الظلم دفع بالجمهورية الإيرانية بأن تمد أيديها للشعوب الحرة و تناديهم للانتفاضة و كسر أغلال التبعية و الهيمنة و الاستبداد. ولهذا الغرض، أطلقت مبادرة الأمن و الاستقرار، تدعو للتشاور وتحقيق الأهداف المشتركة مع دول الجوار و المنطقة لبناء منطقة أكثر استقرارا و سلاما و ازدهارا و استتباب الأمن الإقليمي، فزمن الاعتماد على الأجانب لتوفير الأمن قد ولى.

وبخصوص ردود الأفعال، أشاد سعادة السفير بترحيب بعض الدول الإسلامية بهذه المبادرة المباركة، و عزمها على التعاون و التشاور للوصول لصيغة مشتركة لتحقيق الأمن، في حين ينتظر رد الدول الباقية.

لم يفوت الجمع الكريم الفرصة للتطرق للعلاقات الثنائية الجزائرية و الإيرانية. وفي هذا الصدد، ثمن سعادة السفير بالموقف الجزائري المشرف و الثابت، فهذا البلد و شعبه الأبي و منذ استرجاع حريته المسلوبة لأكثر من قرن من الزمن، عمل بجهد و كد لنصرة المظلومين و التوسط لحلحلة القضايا الإقليمية و الدولية العالقة.

كما نوه سعادة السفير إلى تقارب مواقف البلدين إزاء القضايا الإقليمية و الدولية، كالقضية السورية و اليمنية و حزب الله و موقف الجزائر بخصوص حيازة إيران للبرنامج النووي السلمي، داعيا إلى مزيد من التشاور و التعاون بما يخدم مصلحة الشعبين و شعوب المنطقة.

أما في الشق الاقتصادي، فقد أعرب سعادة السفير عن استعداد إيران التام لتفعيل التبادل التجاري الذي شهد تقهقرا نوعا ما بسبب جائحة كورونا ، فضلا عن الأوضاع الداخلية في الجزائر قبيل الانتخابات الرئاسية، مبرزا رغبة القطاع الخاص الإيراني في المشاركة بمختلف المجالات خاصة بعد تعديل قانون الاستثمار الجزائري، معتبرا العلاقات الاقتصادية أحد نقاط القوة التي يمكن التعويل عليها أكثر من أي وقت مضى لتعزيز العلاقات الثنائية.

ومن جهته، أبدى الجانب الجزائري، كما قال، بما في ذلك القطاع الخاص، رغبته في التعاون المشترك مع إيران في مجال تركيب السيارات و قطع الغيار و المشاورات جارية لإبرام العقود و الصفقات، خاصة أن إيران تعتبر اليوم من أكبر منتجي قطع غيار السيارات المنتشرة في الجزائر كبيجو و رونو و ستاب واي إلخ..، ناهيك عن أسعارها التنافسية و جودتها العالية ما يجعلها سوقا مربحا .

وبخصوص فتح خط جوي مباشر يربط الجزائر بإيران، عبر السفير عن أمله في أن يتجسد هذا المشروع الذي طرح أول مرة سنة 2008 تحت إدارة الرئيس أحمدي نجاد، غير أنه لم يرى النور بسبب عارض تقني، معتبرا هذا الموضوع من أهم القضايا المطروحة حاليا للنقاش.

و أضاف أن شركة الخطوط الجوية الإيرانية "ماهان" عرضت إنشاء خط جوي يربط العاصمتين مرتين بالأسبوع، و المفاوضات جارية على أمل أن تجسد الفكرة على أرض الواقع.

ومن جهتهم، عبر الحضور الكريم من الأسرة الإعلامية و النخبة الثقافية و الفكرية عن تطلعهم في إطار التعاون الإسلامي و التشاور إلى تطوير العلاقات الثنائية و أن تأخذ أبعادا ثقافية و اقتصادية و تنموية لتقريب الشعبين من بعضهما البعض و تعزيز المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين.

* هناء سعادة