تأجيل الانتخابات الفلسطينية.. قنبلة موقوتة قد تفجر الأوضاع الداخلية

تأجيل الانتخابات الفلسطينية.. قنبلة موقوتة قد تفجر الأوضاع الداخلية
الأربعاء ٢٨ أبريل ٢٠٢١ - ٠٣:١٠ بتوقيت غرينتش

بات من شبه المؤكد أن السلطة الفلسطينية تتجه نحو تأجيل الانتخابات التشريعية، بذريعة رفض الاحتلال السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة.

العالم - فلسطين

ويؤكد الكثير من المراقبين أن تأجيل الانتخابات في هذه المرحلة وبعد الشوط الكبير الذي قطعته مختلف أطراف العملية الانتخابية، يمثل قنبلة موقوتة قد تفجر الأوضاع الداخلية وتكون له انعكاسات خطيرة على وحدة الشعب ومستقبل قضيته.

ووصف الخبير القانوني والمرشح على قائمة الكل الفلسطيني د. بسام القواسمي تأجيل الانتخابات بمؤامرة على الشعب الفلسطيني، معتبرا أن من يسعى للتأجيل إنما يريد الإضرار بالشعب الفلسطيني.

وأكد لوكالة "صفا" أن التأجيل سيلحق الضرر الكبير بالشرعية الفلسطينية والتمثيل الفلسطيني محليا ودوليا، وسيوجه طعنة في خاصرة الشعب وشرعية تمثيله.

وأضاف أن عدم إجراء الانتخابات سيؤدي إلى فراغ سياسي وقانوني نتيجة عدم وجود سلطات منتخبة، وكل السلطات القائمة إما منتهية أو منهارة أو غير موجودة.

وأكد أن الانتخابات هي قارب النجاة للشعب الفلسطيني، والمستفيد الوحيد من تأجيلها هو الاحتلال.

طريق مسدود

الصحفي والباحث والمحلل السياسي عماد أبو عواد حذر في حديثه لوكالة "صفا" من الخطورة الكبيرة على الوضع الفلسطيني في حال تأجيل هذه الانتخابات.

وذكر أن التأجيل سيؤدي إلى غياب الشرعيات، وسيزيد من تدهور الأوضاع الفلسطينية بسبب انعدام الثقة بالرئاسة والحكومة وكل المؤسسات القائمة.

وأكد أن التأجيل سيظهر السلطة بمظهر السلطة غير الشرعية والمتغولة على شعبها، وسيقود إلى مزيد من الاحتكاك بين الشارع والسلطة، لأن الشارع متلهف للانتخابات ويريد التغيير وأن يختار من يمثله.

وحذر من أن غياب الشرعيات سيعطي مبررا للاحتلال ولكثير من الدول لاعتبار السلطة غير شرعية، وهذا سيمنح الاحتلال الفرصة للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية وعدم التعاطي مع الحق الفلسطيني.

ونوه إلى أن التأجيل سيوصل مسار المصالحة والتقارب بعد 15 عاما من المحاولات إلى طريق مسدود وسيصل الجميع إلى حالة من اليأس بإمكانية استعادة الوحدة.

وقال: "الأكثر خطورة من كل ذلك هو أننا قد ننتقل من الانقسام بين الضفة وغزة، إلى الانفصال التام".

وأضاف أن استمرار زمرة معينة في السيطرة على القرار الفلسطيني، وجزء منها لمصالحه الخاصة، سيؤدى ذلك إلى ترسيخ الانقسام.

وأوضح أن غزة التي تنتظر منذ 15 سنة تغيير الواقع ورفع الحصار، قد تجد نفسها مضطرة لعقد تفاهمات أحادية مع الاحتلال، واستلام مقاصتها لوحدها، دون وجود أي ارتباط سياسي مع الضفة.

وأضاف أن هناك خطر بأن تذهب غزة نحو انتخابات داخلية لوحدها، الأمر الذي سيقود إلى الانفصال الكامل.

وطالب كافة القوائم والقوى والشارع الفلسطيني بأن تضغط لإجراء الانتخابات من أجل تجديد الشرعيات، لأن الانتخابات الدورية هي التي تضمن الحريات واستعادة الوهج للقضية الوطنية.

تداعيات وخيمة

وأكد مدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة) مسارات (والمرشح على قائمة "الحرية" هاني المصري أن للتأجيل تداعيات وخيمة سياسيا ووطنيا وقانونيا وديمقراطيا.

وأوضح في مقال له أن التأجيل سيسبب حالة من الإحباط واليأس للشعب وللقوى السياسية، لا سيما القوائم الانتخابية التي بذلت جهودًا كبيرة لكي تخوض الانتخابات، فلن تثق بالنظام السياسي بعد أن فقد شرعيته وقدرته على الاستمرار والتجديد والتغيير.

وأضاف أن هذا سيزيد الهوة بين القيادة والسلطة والقوى المهيمنة والشعب، الأمر الذي قد يفتح باب الفوضى والفلتان الأمني، وخضوع السلطة أكثر للاحتلال ولأطراف خارجية.

وقال إن التأجيل سيعزز الدعوات بأن لا انتخابات حتى إشعار آخر، وسيعزز الآراء بأن لا انتخابات حرة ونزيهة في ظل الانقسام والقوى المهيمنة وتحت الاحتلال.

وهذا يعطي مجالًا لترويج دعوات حل السلطة وإعطاء الأولوية لانتخابات المجلس الوطني وإعادة بناء المنظمة، وحتى لدعوات تشكيل منظمة جديدة.

ورأى أن أخطر ما في التأجيل هو أنه يضع الفيتو على الانتخابات بيد الاحتلال، وحتى لو تم تحديد موعد جديد، فما الذي يضمن أن إسرائيل ستقبل بإجرائها؟

مخاطر متعددة

من ناحيته، أكد مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" د. عمر رحال لوكالة "صفا" أن هناك مخاطر متعددة وفي مختلف النواحي تنطوي على تأجيل الانتخابات.

وأكد أن صدور قرار بالتأجيل سيكون اعتداء على القانون الأساسي وقانون الانتخابات الذي لم يخول أي جهة بتأجيل الانتخابات.

ومن الناحية السياسية، رأى أن هناك استخداما لموارد الدولة وأجهزتها لخدمة أهداف تنظيمية وفئوية ضيقة، كما أنه يحمل في طياته شكلا من أشكال التفرد بالقرار السياسي.

ووطنيا، يشكل التفافاً على كل التفاهمات والاتفاقات الوطنية التي جرت في القاهرة، وعلى مبدأ الشراكة الوطنية، وهذا من شأنه أن يعمق الانقسام ويؤدي إلى ردود فعل متباينة من مختلف الفصائل والقوائم.

تعميق أزمة النظام السياسي

وأوضح أن التأجيل سيعمق الأزمة بين النظام السياسي والشعب الفلسطيني، وسيكون له ارتدادات سلبية وأزمة ثقة بين المواطن والنظام السياسي.

كما سيؤدي لضرب مبدأ المواطنة بشقيها: الحقوق والواجبات، وإلى حالة من اللامبالاة وفقدان الثقة بأدوات الفعل السياسي.

وحذر من إمكانية أن يتعرض السلم الأهلي للخطر، وأن تكون له ارتدادات اجتماعية وسياسية تقود إلى مربع الفوضى والاقتتال الداخلي.

وأكد أن صورة الشعب الفلسطيني ستهتز على المستوى الإقليمي والدولي، وقد تستخدم دولة الاحتلال ذلك ورقة تتذرع بها أمام المجتمع الدولي بأن الفلسطينيين غير جديرين بحق تقرير المصير أو الدولة لأنهم غير قادرين على إدارة شؤونهم الداخلية.

كما سينزع ذلك ثقة عواصم القرار الدولي بالفلسطينيين فيما يتعلق بعملية التحول الديمقراطي التي تشكل الانتخابات مدخلا مهما لها.

وحذر من حدوث انتكاسة بالحريات على إثر تأجيل الانتخابات، وعبر عن مخاوفه من قيام السلطة بعملية "جرد حساب" وخطوات عقابية ضد بعض الأشخاص الذين نافسوا حركة فتح أو انشقوا عنها وشكلوا قوائم منافسة.

كما تساءل عن مصير المرشحين الذين تقدموا باستقالاتهم من وظائفهم العامة، وهل سيعودون إلى وظائفهم إذا أجلت الانتخابات؟ متوقعاً أن تماطل السلطة بإعادة بعضهم لوظائفهم ومواقعهم السابقة.

كلمات دليلية :