حرب نفطية بين حكومتي الدبيبة وباشاغا: تصعيد المواجهة سعيا للدعم الخارجي

حرب نفطية بين حكومتي الدبيبة وباشاغا: تصعيد المواجهة سعيا للدعم الخارجي
الثلاثاء ١٩ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٣:٥٤ بتوقيت غرينتش

بالرغم من مواصلة المفاوضات السياسية في القاهرة، بين ممثلين عن الحكومتين الليبيتين، إلا أن الواضح أن الأوضاع ذاهبة إلى مزيد من التصعيد، مع تزايد التلويح بسلاح النفط لإعادة الزخم الخارجي إلى الملف الليبي.

العالم - ليبيا

يبدو أن الأطراف السياسية الليبية تتحرك في دائرة مفرغة عبر إعادة تكرار الأحاديث ذاتها، مع توسيع السيناريوات المحتملة، وعدم الاهتمام بعنصر الوقت لتحقيق تقدم حقيقي على أرض الواقع. وفيما تجري المفاوضات والمشاورات المتنقلة بين العواصم العربية، وحتى في الداخل الليبي، من دون تحديد جدولٍ للأولويات، يبقى اهتمام البعثة الأممية إلى ليبيا متركزا على مسار دستوري للإسراع في إجراء الانتخابات.
ومن هذا المنطلق، لم يكن من الغريب تقديم الدعم الأممي للمباحثات التي تجرى في القاهرة، من أجل البحث عن قاعدة دستورية توافقية بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. إلا أن العامل الأهم يتمثل في واقع أن النقاط الخلافية حول هوية الدولة، وشكل نظام الحكم، ووضع الأقليات، لا تزال هي نفسها منذ تشكيل لجنة كتابة الدستور، فيما لا يتوقع أن تكون هناك حلول حاسمة للاجتماعات المستمرة حتى نهاية الأسبوع الحالي، برعاية أممية.
وفيما تعد خطوة الاجتماعات جزءا من خريطة الطريق التي قدمها مجلس النواب واعتمدها، يبقى أنه انقضى أكثر من نصف مدة عمل اللجنة، بموجب النص القانوني الذي يمنحها 45 يوما كمهلة من أجل إجراء التعديلات الدستورية، استعدادا لطرح الدستور على الاستفتاء. وبالتالي، فإن المرجح أن لا تتمكن اللجنة من القيام بمهامها، الأمر الذي يسري على مصير الاجتماعات أيضا، بالرغم من المحاولات الأممية والمشاركة المصرية لتقريب وجهات النظر والاستفادة من النقاشات التي جرت في الفترات الماضية.

وفي حال إخفاق الاجتماعات، وانتهاء مدة عمل اللجنة المنصوص عليه، وهو الأمر المتوقع حدوثه، سيجري تشكيل لجنة من البرلمان ومجلس الدولة، خلال شهر، بحسب ما كشفت مصادر لجريدة "الأخبار". وستكون هذه اللجنة مسؤولة عن وضع قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة، وهو مسار سيستغرق الوصول إليه أسابيع أخرى من النقاش حول هوية أعضاء اللجنة وانتماءاتهم السياسية والعرقية، وغيرها من التفاصيل التي تطيل المفاوضات السياسية.
على صعيد متصل، يسعى عدد من مرشحي الانتخابات الرئاسية لإظهار تحالف سياسي جديد يدعو إلى المسارعة في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا، كما كان مقررا سلفا، مع تشكيل حكومة مؤقتة لمدة ستة أشهر. ويعتمد هؤلاء، بشكل رئيسي، على صلاحيات المجلس الرئاسي، التي تمكنه من التدخّل في الخلاف السياسي، وحسم مسألة وجود حكومتين في البلاد.

وفي هذا الإطار، يسعى مرشحو الانتخابات الرئاسية إلى استقطاب عدد من المرشحين إلى مجلس النواب، لتشكيل حلف سياسي منظم يهدف إلى فتح كوة في الحياة السياسية، في ظل حالة انسداد الحلول، وهو الأمر الذي لم يتبلور بعد، وسط وجود تفاهمات تجري مع زعماء القبائل والعشائر، وفق ما أفادت به مصادر "الأخبار".
في المقابل، لا يزال الخلاف بين رئيس الحكومة المنتهية ولايته، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الحكومة المنتخبة من البرلمان، فتحي باشاغا، قائما، في ظل رفض كل منهما التعاون مع الآخر، والإصرار على التحرك المنفرد، ضمن محاولة التمكن الكامل من السلطة. وفيما لم ينجح فتحي باشاغا في دخول طرابلس، فقد خسر الدبيبة سيطرته على عدة مناطق، أصبحت تخضع إدارتها لسلطة حكومة باشاغا.

وفي هذه الأثناء، انضم الدبيبة إلى باشاغا في محاولة التلويح بسلاح النفط كورقة ضغط، وذلك بإعلانه نهاية الأسبوع الماضي إمكانية زيادة إنتاج النفط الليبي إلى مليون و450 ألف برميل، بحلول نهاية العام، أي بزيادة تصل إلى 250 ألف برميل يوميا. وتبدو هذه الخطة غير واقعية لعدة أسباب، في مقدمتها الاضطرابات الأمنية وعدم التنسيق بين الدبيبة ومسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط.

وكان الدبيبة قد بدأ بهذا التحرك، يوم السبت الماضي، عبر إغلاق حقل شرارة النفطي، الذي يعتبر أكبر حقل في ليبيا، وعرقلة الصادرات من الموانئ، وهو ما جرى بالتنسيق مع زعماء القبائل في وسط وجنوب البلاد.

وجاء رد باشاغا على تحرك الدبيبة سريعا، عبر إيقاف إمدادات النفط وعرقلة عملية التصدير، إلى حين تسليم السلطة إلى حكومته.

وحتى الآن، يبدو التأثير على صادرات النفط الليبية محدودا، غير أنه مرشح للتصاعد بشدة، في الأيام المقبلة، في الوقت الذي يسعى فيه عبد الحميد الدبيبة للتنسيق مع الجزائر، من أجل تحصيل دعم أوروبي، بعد انحياز القاهرة إلى خصمه باشاغا.