ملحمة كربلاء.. ثورة ضد المسيئين للقرآن الكريم

ملحمة كربلاء.. ثورة ضد المسيئين للقرآن الكريم
السبت ٢٩ يوليو ٢٠٢٣ - ٠٣:٠٧ بتوقيت غرينتش

إن ما يتعرض له القران الكريم من إساءات على يد عملاء الصهيونية العالمية والاستكبار الغربي اليوم، رغم أنه يعكس حجم الحقد الذي يكنه الأعداء للإسلام، إلا أنه يعكس في الوقت نفسه، حجم إفلاس هؤلاء الأعداء، عندما لجأوا إلى أخس وأحط وسيلة يمكن أن يتصورها إنسان، للتنفيس عن حقدهم الأعمى، والمتمثل بحرق الكتاب الذي عجزوا عن مواجهته منطقيا.

العالم قضية اليوم

اللافت في موجة الحقد التي تضرب بعض الدول الغربية، على القرآن الكريم، هو إصرار الجهات التي تحرك النكرات والموتورين والمرضى النفسيين، لتنفيذ جرائمهم المقززة، حيث رأينا كيف الحثالات وسقط المتاع في الدنمارك، يقومون بأفعالهم النكرة أمام سفارات الدول العربية والإسلامية، لمجرد أن حكومات هذه الدول استنكرت ما فعله العميل الصهيوني الرخيص موميكا في السويد، في تأكيد فاضح على أن الحقد على القرآن لا يخص السويد بل تتفق عليه الدول الغربية ومنها الدنمارك.

إن الحقد على القرآن ليس أمرا جديدا، أو أنه يرتبط بقضايا معاصرة نعيشها اليوم، أو أنه ردة فعل إزاء تصرفات بعض المجموعات المحسوبة على الإسلام مثل "داعش"، رغم أن الاخيرة هي صناعة أميركية غربية بامتياز، فالحقد الغربي على القران هو حقد قديم، منذ أن راى الغرب في هذا الكتاب الإلهي، عقبة أمام فرض حضارته المادية على المسلمين، فتذكر كتب التاريخ الغربي أن أول جريمة بحق القران حدثت في الغرب تعود إلى عام 1530، عندما ظهرت في البندقية أول نسخة مترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة اللاتينية، حيث أصدر البابا كليمنت السابع بابا الفاتيكان مرسوما في العام نفسه بإحراق هذه الطبعة، وبعد ذلك مباشرة صدرت قرارات من محاكم التفتيش الإسبانية تحظر إصدار أي ترجمات باللغة اللاتينية للقرآن الكريم.

كما تذكر كتب التاريخ الغربي أن، يوهانز أوبورينوس، الذي كان يملك مطبعة في مدينة بال السويسرية، قام في عام 1541، بطباعة ترجمة باللغة اللاتينية لمعاني القرآن الكريم، كان قد أعدّها روبرت كيتون في القرن الـ12 الميلادي، ولكن سلطات مدينة بال السويسرية صادرت هذه الطبعة بأكملها أيضا.

القران الكريم لم يتعرض للإساءة من قبل الغربيين فقط، فقط تعرض أيضا للإساءة من قبل المحسوبين على الإسلام، قديما وحديثا، إلا أن هذه الإساءة للقران الكريم، واجهت ردا قويا من رموز دينية كبيرة، دفعت حياتها ثمنا للحفاظ على القران من الذين حاولوا حرفه والتقليل من شأنه وتفسيره على هواه، كما فعل الطغاة وعلى رأسهم يزيد بن معاوية، بعد أن أدخل أبوه نظام الوراثة للخلافة الإسلامية، في تحريف خطير لتعاليم القران الكريم، الأمر الذي واجه رفضا من ريحانة رسول الله (ص)، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، فأعلن ثورته ضد الانحراف والاستبداد والجاهلية، وكشف عن أهداف هذه الثورة من خلال مقولته الشهيرة:" إنّي لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمة جدي، أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب".

في مثل هذا اليوم وقبل نحو 1400 وقف الإمام الحسين عليه السلام وحيدا في كربلاء وهو يخاطب المسلمين والمتأسلمين: "أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه؛ فإن السنة قد أُميتت، وإن البدعة قد أُحييت"، ولم يكتف الإمام الحسين بالوعظ والإرشاد، بل استل سيفه دفاعا عن القران وتعاليم الإسلام الحنيف، ضد الانحراف والتحريف والجهل والتجهيل، فضحى بنفسه وأبنائه وإخوته وأهله وأصحابه، من أجل تحقيق هذا الهدف الكبير، فكانت كربلاء ثورة شاملة ضد الطغيان والبغي والاستبداد والظلم والانحراف، وقبل كل هذا وذاك كانت ثورة ضد المسيئين للقران الكريم، فسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

* أحمد محمد