هل تدخل الأمة جهنم بسبب غزة؟!

هل تدخل الأمة جهنم بسبب غزة؟!
الإثنين ٢٦ فبراير ٢٠٢٤ - ٠٤:٤٥ بتوقيت غرينتش

"في الحديث النبوي الشريف .. (لا يدخل الجنّة مؤمن وجاره جائع) فكيف لو كان هذا الجار هو الشقيق في قطاع غزة؟ ألا يشاهد العالم العربي والإسلامي ما يجري هناك من مجاعة حقيقية تفوق الوصف، في الوقت الذي نشهد صمتا وتخاذلا لا يمكن تفسيره من أمّة الملياري مسلم؟.. ماذا سيكون مصير هذه الأمّة حين وقوفها بين يدي الخالق؟ أجزم بأن المصير واضح، وهو الزجّ بنا في جهنم".

العالم مقالات وتحليلات

هذه السطور إقتبستها من مقال لأحد الكتاب، عبر فيه عن غضبه، وهو يرى ما حل بأهل غزة، فهم يبادون امام عيون ملياري مسلم، وخرج بنتيجة قاسية عندما حكم علينا جميعا، عربا ومسلمين، دون استثناء، حُكّاما ومحكومين، بدخول النار.

رغم اني التمس الاعذار لصاحب المقال، فحال الامة، لا يسرّ إلا الاعداء، الا اني ارجو منه ان يسمح لي ان اختلف معه في نقطتين، الاولى، هي ان المجاعة التي تعصف بالغزيين، ليست بسبب الاحتلال الاسرائيلي فقط، بل هي بسبب بعض اخوتهم من العرب ايضا، فجيران فلسطين من العرب لم يكتفوا بالصمت وخذلان اخواتهم بالدين والقومية، فحسب، بل ساهموا بتجويع اخوتهم عن قصد واصرار، وهنا الطامة الكبرى، التي جعلت بعض الكتاب، ومنهم صاحب المقال المذكور، ان يتحسر على غيرة وعصبية عرب الجاهلية، الذين كانوا اكثر اخلاقا وانسانية من اخلافهم، فهم رفضوا حصار كفار قريش لبني هاشم، لانه يتعارض مع قيمهم واخلاقهم.

النقطة الثانية، هي ان كل العرب والمسلمين لن يدخلوا النار، فهناك من العرب والمسلمين، من ضحى بالغالي والنفيس، من اجل نصرة اهل غزة، وقدموا مئات الشهداء واضعافهم من الجرحى، ومازالوا، فهذا الشعب اليمني الغيور والابي، رغم كل المعاناة الصعبة التي يمر بها، رفض ان يقف موقف المتفرج، لينطبق عليه حينها حديث النبي الاكرم (ص)، فأنبرى يقارع جيوش واساطيل امريكا وبريطانيا والغرب وبعض العرب، لرفع الحصار عن غزة، ومازال يدفع اثمانا باهظة بسبب ذلك، دون ان يتراجع عن موقفة قيد انملة، رغم ما يتعرض له من قصف وحشي وهمجي امريكي وبريطاني.

اما موقف حزب الله، فحدث ولا حرج، فهو الذي قدم المئات من الشهداء والجرحى خلال اربعة اشهر، كما هُجر العديد من ابناء الجنوب اللبناني من قراهم ومساكنهم، بسبب موقفه المشرف نصرة لغزة، بعد ان نجح في جر الالاف من الجنود الصهاينة الى شمال فلسطين المحتلة، بكامل عتادهم، ومشاغلتهم وتكبيدهم خسائر فادحة، وهو ما خفف كثيرا عن الضغط العسكري الاسرائيلي على غزة والمقاومة الفلسطينية.

نفس الدور قامت به فصائل المقاومة في العراق، الا انهم استهدفوا راس الافعى مباشرة، المتمثلة بامريكا، و قصفوا قواعدها في العراق وسوريا، كما قصفوا مناطق من فلسطين المحتلة، وتعرضوا بالمقابل لعدوان امريكي اسفر عن استشهاد العديد من قادة المقاومة ، في دعم امريكي سافر لجرائم الكيان الاسرائيلي الوحشية في غزة.

كما لم تبخل الجمهورية الاسلامية الايرانية عن تقديم كل ما تستطيع تقديمه من اجل تعزيز جبهة محور المقاومة، ضد العدوان الاسرائيلي الامريكي البريطاني، على غزة واليمن والعراق ولبنان، وقدمت من اجل ذلك اثماما باهظة، دون ان تغير ذلك من مواقفها المبدئية في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، ضد الهمجية الاسرائيلية، وفي نصرة شعوب المنطقة ضد الغطرسة الامريكية.

اما سوريا، ورغم كل ما تتعرض له من عدوان يهدد وجودها، منذ اكثر من 10 اعوام، مازالت تدفع ضريبة مواقفها المؤيدة لقضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ولهذا السبب بالذات، استهدفت من قبل الثنائي الامريكي الاسرائيلي، حيث مازالت القوات الامريكية تحتل اراض واسعة من سوريا، فيما يشن الكيان الاسرائيلي هجمات عليها، اسفرت عن استشهاد واصابة العديد من السوريين، بالاضافة الى الخسائر المادية التي تتكبدها جراء ذلك.

مثل هؤلاء الابطال، لن يكونوا قطعا، جزءا من الامة التي ستدخل النار، كما اشار الى ذلك صاحب المقال، وليس هؤلاء فحسب، فهناك الملايين من ابناء الامتين العربية والاسلامية، لن يبخلوا بالتضحية بانفسهم من اجل نصرة غزة والقدس وفلسطين، لو توفرت لهم ذات الظروف التي توفرت لمحور المقاومة، لذلك يمكننا القول بالضرس القاطع، ليس كل الامة من ستدخل النار بسبب غزة، بل على العكس تماما، ابواب الجنة ستكون مشرعة لشهداء الامة، الذين استشهدوا على طريق القدس، وحتى الذين رضوا بفعل وعمل الشهداء، فبذلك اخبرنا سيد الانام وأصدقهم (ص) حين قال :"من احب قوما حشر معهم و من احب عمل قوم اشرك فی عملهم".

سعيد محمد