بعد ثورة 200 يوم .. أين الخلل؟!

بعد ثورة 200 يوم .. أين الخلل؟!
الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١١ - ٠١:٢١ بتوقيت غرينتش

18/9/2011 م. أسامة سليمان يكتب respo40@gmail.com

عاش المصريون لحظة فرح و نشوة نصر وسجدوا لله شكراً يوم تنحى الرئيس المخلوع مساء الجمعة الموافق 11 فبراير  ورسم كل مصرى ومصرية خريطة أحلامه على مستوى مصر كلها وعلى مستواه الشخصى ، ولما لا وقد تخلصوا من كابوس جثم على صدورهم عشرات السنين وكان ينوى البقاء سنين أخرى بتوريث إبنه جمال .

فى هذه الفترة لم يكن هناك بلطجة أو عنف وكل الفلول فى الجحور خائفون بل ويرتجفون والأمل يحدو الجميع وروح الوحدة ومشاعر الود  من أجل التغيير تسود الجميع وتسيطر عليهم ولافرق بين مسلم أو مسيحى ولايسارى أو يمينى .

تمر الأيام تلو الأيام والإعلانات الدستورية تتلى علينا منذ الإعلان الأول يوم الأحد 13 فبراير  حتى بلغ عددها ما يزيد عن 73 إعلان دستورى وكان الشعب بكل فئاته يتلهف لصدور كل إعلان ونزداد فرحاً وسروراً بما ورد فيه!! وبعدما تجاوزنا الستة أشهر نظر كل مصرى حوله فإذا الأحلام تتبدد والفرح يتحول لحزن وأسى والأمن يتحول لخوف و فزع ويحوم القلق والهواجس حول كل مواطن لمصير الثورة وما تؤول إليه ،حتى وصل الأمر مداه بالحديث عن إنقلاب مارس 1953 وإسترجاع أحداثه وإمكانية تحققه فى 2011 ! والمتشائمون يزدادون يوماً بعد يوم فما أسباب ذلك إذا كان حقيقة نتفق عليها ؟!

لا شك أن هناك مجموعة من الشواهد يفرضها الواقع وتدعونا للقلق والخوف معاً على مصير الثورة فغياب كل من قائد الثورة والخريطة أو الخطة الثورية المستقبلية وغموض المدى الزمنى لكل إجراء تتخذه الحكومة أفقد الثورة البوصلة التى بها تسير إلى بر الأمان وتحقق أهدافها ويطمئن لها المصريون وهم على حق فى ذلك ، ما جعلهم يفكرون فى المليونيات والإحتجاجات وقطع الطرق .. إلخ حتى صغائر الأمور وإن كانت حق فالدعوة للمليونيات من أجل تحقيقها أصبحت الخيار المفضل وأضحى جدول أيام الجمع فى ميدان التحرير مليئاً ومشغولاً وبلا أجازات فمن السبب فى ذلك؟!

ورغم أن الشعب أوكل تحقيق المطالب للمجلس العسكرى الذى بدوره إختار لنا حكومات يفترض فيها أنها معبرة عن الثورة ومناط بها تحقيق مطالب الثورة من خلال خطة محكمة تريح الشهداء والمصابين والثوار وكل المصريين ، إذا بهم لاينالوا الفتات مما يرجون إلا بشق الأنفس والدعوة للمليونيات !! وتتخذ القرارات بعدها وتنفذ بخطى السلحفاة .

إن بعضاً من الشواهد تدعونا لوقفة مع من يدير شئون البلاد فى المرحلة الإنتقالية ومنها

هل يختلف أحد على محاكمة رموز الفساد وقتلة الثوار محاكمة عادلة وفق قضاء مستقل ؟ هل يختلف احد ألا يقود مصر الثورة أحداً من الفلول سواء وزير أومحافظ؟

هل يختلف أحد على رفع الحد الأدنى للأجور ووضع حد أقصى لها؟ هل يختلف أحد على تغيير القيادات الجامعية بالإنتخاب؟  

هل يختلف أحد على قرار المحكمة ببطلان المجالس المحلية؟

هل يوافق أى مصرى ومصرية على مد قانون الطوارئ بعد ثورة سلمية ناجحة ؟

هل يقبل المصريون تكميم الأفواه ومصادرة الحريات من خلال غلق مكتب الجزيرة مباشر بالأخص ودون غيره عبر الأمن الوطنى  دون اللجوء للقضاء ؟

هل يمكن الإلتفاف على الإرادة الشعبية بالمبادئ فوق الدستورية ؟

هل يمكن السكوت عن حق شهداء الحدود وإهدار كرامة المصريين دون عقاب؟

الذى يجب إعتباره أن ثورة 23يوليو عام 1952 قام بها مجموعة من الضباط وسكت عنها الشعب أو وافقهم .. وحكم العسكر مصر حتى يومنا هذا أى 60 عام ، أما ثورة 25 يناير2011 فقام بها الشعب بكل طوائفه وبخفة دم مصرية شهد بها العالم وحماها العسكر ، إذن  2011 تختلف عن 1952 ولامجال للحديث عن إنقلاب مارس 1953.

والأمر الثانى هو المحاكمة وما يعنينا أن الله وحده حدد نهاية كل ظالم مستبد وهو الفعال لما يريد وليس لك من الأمر شئ وانظر لمكان المحاكمة فى أكاديمية الشرطة تجد أنه تقدير الله العزيز المنتقم ، كما يعنينا إستقلال القضاء فلا يعنينا حكم المحكمة أياَ كان ولايعنينا من يحكم المستشار أحمد رفعت أو المستشار رفعت أحمد المهم أن يحقق قوله تعالى "ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب "والفيصل هو أن يسمع الحكم الجميع فى وقت واحد ولا يسبقنا أحد عبر التليفون.وهذا يتطلب إقرار قانون إستقلال القضاء فوراً فهو الضامن لكل حكم يصدر منه وإجراء إنتخابات نزيهة ونجاح الثورة فى تحقيق مطالبها.

و الأمر الثالث فى ما يخص المحليات فلايعقل أبداَ ان تضع السلطة التنفيذية بدلاء المجالس المحلية ودون معايير وضوابط وإجراءات محددة تحقق الرقابة وتمنع الفساد وكفانا نهباً وسلباً .

أما مد وتفعيل قانون الطوارئ فهذه هى الردة بعينها للثورة والامتداد للعهد البائد واستخفاف بمطالب الشعب الثائر والمعلوم للجميع أن المشكلة ليست فى مد او إلغاء القانون ولكنها فى المنوط به التنفيذ وأقصد وزارة الداخلية التى تراخت كثيراَ وأطالت الوقت فى عودة الإنضباط للشارع المصرى .

أما غلق مكتب الجزيرة بدعوى شكوى الجيران من الإزعاج وهو نفس المبرر لبناء الجدار حول السفارة الإسرائيلية فى الجيزة يدعو للدهشة والأسى معاً.

آخر نقطة هى المحاولات المستميتة لإقرار المبادئ فوق الدستورية وهى لادستورية بإجماع الفقهاء الدستوريين الوطنيين رغماً عن الإرادة الشعبية وما حددته فى إستفتاء 19 مارس المنصرم. والمجهول للمصريين هو من المستفيد من إصرار نائب رئيس الوزراء على السلمى ومن قبله يحى الجمل بالمحاولات الحثيثة لإقراره؟ لاشك أن المستفيد أصحاب أجندات خاصة سواء داخلية أو خارجية لاعلاقة لها بمصلحة الوطن والمواطن .

الذى يجب ذكره والتأكيد عليه أن مصلحة الوطن والمواطن فى الإستقرار والبناء ولن يكون هذا إلا بإنتقال الحكم للشعب بشكل ديمقراطى فى اسرع وقت ممكن وإلا فأصحاب سيناريو الفوضى قادمون وعندها لن نجد لقمة العيش ولا مستقبل آمن لأبناءنا.

----------------------------------

أمين حزب الحرية والعدالة بالبحيرة