ومع ذلك، فإن فرص النجاح والثبات تبدو محدودة وموضع شكوك، رغم تعهد "معظم" الأطراف بالالتزام بها، وخاصة تجمع عشائر الجنوب (القوة المسلحة الصاعدة في الجنوب السوري "المحتل").
هناك عدة نقاط رئيسة تؤكد هذه الشكوك بفرص النجاح وترجح احتمالات الفشل:
الدولة الراعية: الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الضاغطة للتوصل إلى هذا الاتفاق، بالتعاون مع تدخل دول اقليمية. ومع ذلك، فإن جميع اتفاقات وقف إطلاق النار التي رعتها الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة في لبنان وقطاع غزة، انهارت بتواطؤ الدولة الراعية ضد الطرف المنتهك.
موقف الاحتلال الصهيوني: كيان الاحتلال الإسرائيلي قبل بهذا الاتفاق "صورياً" لأن نواياه الحقيقية هي إفشاله، حيث يتعارض مع مخططاته الرئيسة في تفكيك سوريا ونشر الفوضى فيها. وقد أوعز الكيان للشيخ حكمت الهجري، الذي يستظل بإعلامه، برفض الاتفاق والاستمرار في القتال.
النزعة الطائفية: النزعة الطائفية باتت المسيطرة على سوريا الجديدة، والخلاف الدرزي والعشائري البدوي أعمق من أن يتم تسويته من خلال "وقف هش" للصدامات الدموية. هناك غالبية درزية يقودها الشيخ يوسف جربوع تدعم عروبة السويداء، ولكن الجناح الآخر المدعوم إسرائيليًا يرفض ذلك.
عدم احترام الاتفاقات: نتنياهو لن يحترم وقف إطلاق النار وسيستمر في مخططاته لتفتيت سوريا تحت ذرائع متعددة، مثل حماية الأقليات. التاريخ يشير إلى أن كيان "إسرائيل" لم يحترم أي اتفاقات سابقة، ما يثير الشكوك حول التزامه بالاتفاق الحالي.
السؤال الأهم هو كيف سيكون هناك سلام بين "سوريا الجديدة" وكيان الاحتلال بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لمحيط القصر الجمهوري ومقر وزارة الدفاع؟
كيان الاحتلال يريد تفكيك جميع الدول العربية وإضعافها، وإرغامها على الانتماء إلى ما يسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد" تحت زعامته. ومن المؤسف أن نتنياهو كان محقًا عندما قال إن هذا هو الوقت المناسب لقيام ما اسماه بـ"إسرائيل الكبرى التاريخية".
سوريا التي نعرفها اختفت، وما تواجهه من إذلال وتفكيك الآن هو حجر منظومة الدومينو الأول في أمة عربية إسلامية متآكلة.
الأمل في ربيع عربي وإسلامي حقيقي قد يجرف هذا الانهيار والهوان، ولكن ربما يكون هذا مجرد حلم. ومن حقنا أن نحلم.
المصدر: رأي اليوم