وحسب موقع "الرسالة نت"، ان الرعب الحقيقي أدى ايضا الى الى رفض تنفيذ الأوامر، وصولًا إلى شهادات دامغة تؤكد أن المواجهة مع المقاومة تركت فيهم جراحًا أعمق من كل ما واجهوه في السابق.
وفي سابقة لم يشهدها جيش الإحتلال من قبل، كشفت القناة 12 العبرية عن تسجيل 4 حالات انتحار في صفوف الجنود خلال النصف الأول فقط من شهر يوليو/تموز الجاري، في وقت أكدت فيه القناة أن معدل الانتحار منذ بداية الحرب فاق الأعوام السابقة، وبات الاتجاه يزداد سوءًا.
كما أعلنت صحيفة "هآرتس" أن حصيلة من انتحروا من الجنود الإسرائيليين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بلغت 45 جنديًا، معظمهم تأثروا بـ"الصدمة القتالية".
وتشير البيانات الصادرة عن موقع "عكا للشؤون الإسرائيلية" إلى مقتل 27 جنديًا إسرائيليًا منذ بداية يوليو، من بينهم 18 في معارك مباشرة مع المقاومة في قطاع غزة، وسط ظروف ميدانية تشير إلى أن غالبية الجنود قضوا في كمائن مفخخة وتفجيرات مدروسة بدقة من قبل المقاومة الفلسطينية، وخاصة في محاور خان يونس وبيت حانون.
المقاومة تضرب في العمق
تعكس هذه الأرقام حجم الصدمة النفسية التي يعيشها الجنود الإسرائيليون، خاصة بعد أن فشلت محاولاتهم في كسر شوكة المقاومة رغم مرور 22 شهرا على الحرب. وتُظهر تفاصيل عمليات القسام والسرايا وباقي فصائل المقاومة أن الحرب دخلت مرحلة الكمائن الذكية، وتفجير المباني والألغام المتقدمة، ما زاد من فقدان الجنود للثقة بالقيادة والقدرة على النجاة.
شهادات تُرعب الداخل الإسرائيلي
وفي مشهد يعكس عمق الانهيار داخل الجيش، أذاعت هيئة البث الإسرائيلية شهادات صادمة لجنود من لواء "نحال" أُدينوا بالتمرد ورفض الأوامر بعد مشاركتهم في القتال بغزة. تحدث أحد الجنود عن حادثة إطلاق نار خاطئة على ثلاثة مدنيين فلسطينيين، بينهم طفلان، ما أدى إلى انهيار نفسي حاد في صفوف الجنود.
قال أحدهم: "بعد الحادثة، لم أعد أنام، رفاقي ينهارون واحدًا تلو الآخر. نعيش كوابيس ونوبات بكاء، نشعر بالذنب كل لحظة". وأكد أن الجيش لم يقدم لهم أي دعم نفسي، بل بادر إلى معاقبتهم بالسجن، رغم حاجتهم الماسة للعلاج النفسي.
وأوضحت والدة أحد الجنود أن ابنها خدم 17 شهرًا في غزة، ويعاني من اضطرابات خطيرة لكنه لم يتلقَ الدعم اللازم. وتضيف: "كثيرون انهاروا، لا يجب معاقبتهم بل إنقاذهم".
ونقلت قناة "كان" العبرية عن مسؤول أمني رفيع المستوى قوله: "نحن في أسوأ وضع. المفاوضات عالقة، الجيش يتخبط، الجنود يُقتلون، وحماس لا تشعر بأي ضغط".
اقرأ وتابع المزيد:
جاءت هذه التصريحات في وقت تُسجَّل فيه يوميًا خسائر بشرية ومادية على مختلف الجبهات، بينما تعمّق المقاومة الفلسطينية من تأثيرها القتالي والنفسي على العدو.
أما صحيفة "هآرتس"، فقد أكدت أن أعمار المنتحرين والمصابين نفسياً تراوحت بين 18 و19 عامًا، غالبيتهم من الجنود الذين تم إرسالهم إلى غزة بعد إنهاء الثانوية مباشرة، ليجدوا أنفسهم في جحيم قتال لا يعرف التوقف. يعيش هؤلاء تحت وطأة أرق دائم، وصدمات نفسية مزمنة، ويعانون من فقدان السيطرة على مشاعرهم، حسب وصف الصحيفة.
فشل في القيادة.. انهيار في الجبهة
الانتحارات والتهرب من الجبهات لا تعكس فقط انهيار الجنود الأفراد، بل تكشف فشل المنظومة العسكرية الإسرائيلية بالكامل.
فعلى الرغم من مرور 22 شهرا على الحرب، لم تحقق (إسرائيل) أي إنجازات استراتيجية على الأرض، سوى القتل والدمار، في ظل تمسك المقاومة بخياراتها، وتطويرها لقدراتها القتالية، ما جعل الميدان يتحول إلى مصيدة مستمرة للجنود.
كما أن ارتفاع أعداد الجنود الذين يتم العثور عليهم "جثثًا في منازلهم أو سياراتهم" يشير إلى أن الصدمة لم تعد حبيسة المعارك، بل امتدت إلى داخل (إسرائيل)، وإلى الحياة الشخصية للجنود الذين شاركوا في القتال.
كل هذه الشهادات والمعطيات تؤكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بات أمام مأزق مزدوج: ميداني ونفسي. المقاومة لا تزال تقاتل بثبات وتصاعد في الأداء، بينما ينزف الجيش من الداخل، ليس فقط بالأشلاء بل بالأرواح التائهة والعقول المنهارة.
وبينما يُساق الجنود إلى السجون بدلًا من العيادات، وبينما تتجاهل القيادة السياسية والعسكرية النداءات بوقف الحرب، يتفاقم الغليان الداخلي في صفوف الجيش، ما قد يؤذن بتداعيات أمنية وعسكرية أخطر في المرحلة القادمة.