وعندما سأله إن كان يشعر ب"ارتباط" بهذه الرؤية، أجاب نتنياهو بحزم: "جدا"، مضيفا أنه يقوم ب"مهمة تاريخية وروحانية" لتحقيق أحلام أجيال متعاقبة من الشعب اليهودي.
كما كان متوقعا فقد اكتفت الدول العربية المستهدفة، بالشجب والإدانة، والتحذير من تداعيات هذا النهج التوسعي على أمن المنطقة وسيادتها، من دون اتخاذ أي اجراء عملي خاصة من الدول المطبعة مع الكيان الاسرائيلي، لسببين رئيسيين، الأول الخوف من إغضاب أمريكا، والثاني، اعتقادها باستحالة تحقيق هذا الحلم التوراتي.
إن رؤية الصهاينة الى مخطط "إسرائيل الكبرى"، هي رؤية استراتيجية، يجري تحقيقها تكتيكيا. فحدود "إسرائيل" الحالية ليست ثابتة بل مؤقتة، تتوسع بسكل سريع، فالقدس تهودت، والضفة الغربية تم ضمها الى الكيان، ومن قبل تم ضم الجولان، واليوم كل جهود الكيان ومن ورائه امريكا والغرب، منصبة على تحويل غزة الى جحيم من اجل إفراغها من أهلها وأعادة احتلالها مرة أخرى.
يعتقد نتنياهو، أن التطورات التي حدثت في سوريا والتي تمثلت بإسقاط النظام هناك، وما تمارسه أمريكا من ضغوط هائلة على لبنان لنزع سلاح حزب الله، والحشد الشعبي في العراق، جعلت الطريق سالكة الى تحقيق هذا الحلم، فلم يعد يفصل جيش الاحتلال الاسرائيلي عن العاصمة السورية دمشق إلا بضعة كيلومترات، وسيتكرر هذا السيناريو في لبنان والعراق في حال تجريدهما من عناصر قوتهما المتمثلة بسلاح المقاومة، عندها سيكون البلدان تحت رحمة قوات الاحتلال الاسرائيلي والطيران الاسرائيلي.
كما لا يخفى على المراقبين، كيف يضغط الكيان واللوبيات الصهيونية على الدول الأخرى، لمنع تزويد الجيش المصري بأسلحة متطورة، للحفاظ على تفوق الجيش الاسرائيلي، في حال حدث أي صدام مع مصر، التي بات أمنها المائي والانسجام الاجتماعي فيها مهددا بسبب بناء سد النهضة الاثيوبي، هذا اذا ما أضفنا الى أوراق الضغط التي تملكها أمريكا، مثل قطع المساعدات الاقتصادية عنها، والتي أقرتها اتفاقية كامب ديفيد، في حال تقرر إنهاكها وصولا الى إضعافها.
أما حال الاردن أسهل بكثير من مصر، في حال قررت امريكا والكيان الاسرائيلي استهدافه.
كان سيد المقاومة السيد الشهيد حسن نصر الله، محقا عندما حذر مرارا من خطر المؤامرة التي استهدفت سوريا، حيث أكد في أكثر من مناسبة أن سقوط سوريا، سيؤدي الى سقوط لبنان والعراق، وستتمدد اسرائيل في المنطقة دون رادع، ولكن للاسف كانت الحرب النفسية والهجمة الاعلامية، حولت الصراع في سوريا، من صراع بين محور المقاومة ومحور الاستسلام، الى صراع طائفي سني شيعي، ولكن ما حدث بعد سقوط نظام بشار الاسد، كشف حجم المخطط الذي لم يكن يستهدف سوريا فحسب، بل الدول العربية قاطبة دون استثناء، وهذه الحالة المزرية التي تمر بها سوريا اليوم، هي التي دفعت مجرم الحرب نتنياهو الى أن يكشف عما يجول في خاطره منذ سنوات، والذي منعه عن الافصاح عنه من قبل، هو وجود محور المقاومة وسلاح المقاومة، الذي تعمل امريكا ليل نهار على سحبه من المقاومة، تحت ذريعة حصر السلاح بيد الجيش!.
من الخطأ الفادح تجاهل هذا الخطاب الصهيوني، الذي لا يعترف بحدود للكيان الصهيوني، ولابد من ردعه، ليس في التصدي للكيان نفسه بل لداعميه في الغرب أيضا، الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على روسيا لانها احتلت أراض أوكرانية، بينما نراهم لا يسمعون ولا يرون ولا يتحدثون عن هذا الخطاب الصهيوني الذي يهدد باحتلال دول تعتبر نفسها حليفة لامريكا والغرب، عبر استخدام سلاح النفط، وعبر تشكيل تحالفات إقليمية مثل التحالف الايراني التركي المصري، باعتبار هذه الدول هي أقوى الدول التي يمكنها مواجهة اسرائيل، فجميع دول المنطقة مهددة بشكل أو بآخر من المخطط الصهيونية. إذا كان الغرب متوحدا على (مواجهته)، فلم لا تتحد الدول العربية والاسلامية على حقها؟.
إن أول خطوة على طريق التوحد، هو أن نصلح بوصلة الأمة التي أعطبها الخطاب الطائفي والخبث الصهيوني الامريكي، الذي جعل من الكيان الصهيوني الغاصب، صديقا يمكن التعايش معه بسلام عبر التطبيع، ودولة إسلامية تربطها روابط تاريخية ودينية واجتماعية وجغرافية وسياسية واقتصادية متجذرة، مثل ايران، عدوة، فاذا ما تم إصلاح هذه البوصلة، سيكون من السهل جدا توحيد الصف العربي والاسلامي، لمواجهة المخطط الصهيوني المدعوم غربيا، ولكن في حال بقيت البوصلة معطوبة، عندها علينا أن ننتظر السرطان الصهيوني ليلتهم دولنا واحدة تلو أخرى بسهولة لا يمكن تصورها.